إيران في مرمى النيران

إيران في مرمى النيران

المغرب اليوم -

إيران في مرمى النيران

بقلم : إدريس الكنبوري

اهتزت إيران، للمرة الأولى منذ عقود طويلة، على وقع عمليتين مسلحتين في العاصمة طهران، في موقعين لهما طابع رمزي كبير بالنسبة إلى دولة الملالي، ضريح مؤسس الجمهورية الخميني، الرمز الديني للدولة، بالتزامن مع الذكرى الثامنة والعشرين لوفاته، ومقر البرلمان، الرمز السياسي للدولة.

وفي ما يبدو، فإن العمليتين دبرتا بطريقة محكمة بواسطة كوماندو مسلح تمكن من اختراق الموقعين الرئيسيين في إيران يشهدان حضورا أمنيا مكثفا في ذكرى مؤسس الجمهورية، وهو ما يعني أن إيران تلقت ضربة في عمقها السياسي والديني معا.

الحكومة الإيرانية سارعت، في خطوة لم تكن خارج التوقعات، إلى اتهام المملكة العربية السعودية منذ البداية، وكأن صك الاتهام كان معدا سلفا قبل التفجيرات دون انتظار نتائج التحقيقات، على الرغم من أن تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام تبنى العمليتين. وسبق للتنظيم أن وجه تهديدات في شهر مارس الماضي باستهداف طهران في شريط فيديو بث باللغة الفارسية، توعد فيه بـ“فتح” إيران وإعادتها مسلمة سنية “كما كانت من قبل”.

لا شك أن إيران، التي لعبت بالنيران في المنطقة سنين طويلة، قد انتهت بالاحتراق بها. فقد استثمرت كل نفوذها في العراق وسوريا واليمن ولبنان، ووظفت ورقة الانقسام السني – الشيعي للذهاب بالمنطقة إلى المحرقة وإشعال المنطقة العربية بكاملها، مستفيدة من أموال النفط لشراء الفصائل الشيعية ومن شبكة علاقاتها التقليدية مع شيعة تلك البلدان العربية، والذين حولتهم إلى “كانتونات” داخل الدول المجاورة لتحقيق أهدافها في ضرب مناعتها الداخلية وخلق حالة من الفوضى، إذ منذ ما سمّي بالربيع العربي وهي تتحرك في كل اتجاه بدافع خلق وقائع جديدة في المنطقة تمهد لنفوذها.

وبعيدا عن دقة التنفيذ وتبني تنظيم داعش للعمليتين، فإن التفجيرين حصلا في لحظة فارقة بالنسبة إلى إيران وللمنطقة بشكل عام، الأمر الذي لا يستبعد معه أن تكون هناك أهداف مخطط لها التقت عمليا مع الأهداف التي تسعى إليها إيران في هذه الفترة الحرجة التي تمر بها الجمهورية، دولة ومشروعية، من أجل كسر الطوق المحكم الذي ضرب حولها. فمنذ القمة الإسلامية- الأميركية في الرياض باتت إيران خارج الملعب وأخذت الأنشوطة تشتد حولها، وأصبحت حالة الاسترخاء التي سببها الاتفاق النووي مع أوروبا والإدارة الأميركية السابقة قطعة من الماضي. فقد غيّرت الإدارة الأميركية الجديدة بقيادة دونالد ترامب من طبيعة المقاربة للملف الإيراني ودور طهران في محيطها الإقليمي، وصار الاعتقاد بدعمها للإرهاب جزءا من القناعات الجديدة لدى الإدارة الأميركية، وبات خيار العزلة سيفا مسلطا على رقبتها، بعد أن اختارت بلدان الخليج سياسة التحدي بديلا عن سياسة المهادنة السابقة التي لم تجد نفعا مع بلد يرعى الإرهاب، ويدفع في اتجاه المواجهة مستعملا مختلف الأوراق التي يتوفر عليها.

ارتكزت سردية النظام الشيعي في إيران في تبرير تدخله في العراق وفي الملف السوري على منع وصول الجهاديين إلى أراضيه، وقد صدّق البعض تلك الرواية التي حاولت طهران من خلالها إظهار نفسها كحليف في مواجهة الإرهاب الدولي، في الوقت الذي كان واضحا أن تلك الأكذوبة لا تصلح لإقناع أقل الناس خبرة في السياسة الإيرانية منذ نهاية السبعينات من القرن الماضي. وسوف تمكن العمليتان الأخيرتان طهران من لعب دور الضحية أمام المجتمع الدولي لإبعاد الإدانة عن نفسها، وانتزاع الاعتراف بدورها كجزء من المعركة ضد الإرهاب، وإقناع الإدارة الأميركية بتغيير سياستها تجاهها.

بيد أن مشكلة إيران أكبر من ذلك بكثير، فهي مشكلة دور في المنطقة لا مشكلة كيان سياسي، ومهمتها أن تراجع هذا الدور وتتفهم التحولات التي تحصل في محيطها وتأخذ في الاعتبار أن الإجماع العربي حول رفض ذلك الدور ليس من السهل القفز عليه.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إيران في مرمى النيران إيران في مرمى النيران



GMT 08:07 2018 الأربعاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أخبار مهمة أمام القارئ

GMT 08:04 2018 الأربعاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الإمارات والأردن.. توافق لأمن المنطقة

GMT 08:01 2018 الأربعاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أسوأ عقاب أوروبى لأردوغان

GMT 07:59 2018 الأربعاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

لهذا تقود أمريكا العالم!

GMT 07:57 2018 الأربعاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

كسر الحلقة المقفلة في اليمن

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 18:57 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

حظك اليوم الأربعاء 2 كانون الأول / ديسمبر لبرج الثور

GMT 14:07 2016 الجمعة ,16 أيلول / سبتمبر

الأبنوس

GMT 15:05 2019 الثلاثاء ,11 حزيران / يونيو

نيمار يبلغ سان جيرمان برغبته في الرحيل هذا الصيف

GMT 14:42 2018 الأربعاء ,19 كانون الأول / ديسمبر

السالمية الكويتي يبدأ مشواره العربي بلقاء الشبيبة الجزائري

GMT 15:23 2018 الإثنين ,15 كانون الثاني / يناير

سنوات يفصلها رقم

GMT 11:24 2019 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

الملك محمد السادس يرسل برقية تعزية إلى الرئيس الكاميروني

GMT 13:45 2019 الثلاثاء ,04 حزيران / يونيو

أول صالون تجميل يستقبل المحجبات في نيويورك

GMT 23:50 2019 الأحد ,02 حزيران / يونيو

باتريس كارتيرون يُراقِب العائدين من الإعارة

GMT 00:14 2019 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

السعودية تنفذ حكم القتل تعزيرًا في حق صدام حسين
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya