القمة الأفريقية على المحك
أخر الأخبار

القمة الأفريقية على المحك

المغرب اليوم -

القمة الأفريقية على المحك

بقلم : ادريس الكنبوري

المعضلة التي يواجهها الاتحاد الأفريقي اليوم هي البناء على التراكم الذي حصل في نزاع الصحراء طوال ما يقرب من نصف قرن من الزمن واقتراح حلول بديلة.
تنعقد القمة الأفريقية الحادية والثلاثون، نهاية الشهر الجاري بالعاصمة الموريتانية نواكشوط، في ظل ظروف صعبة تجتازها بلدان الاتحاد الأفريقي، على رأسها قضايا الأمن والاستقرار في القارة في ضوء التهديدات الإرهابية من جهة، وكذا الأزمات الإقليمية المشتعلة التي أصبح بعضها من طبيعة “الأزمات الكلاسيكية” التي “تعايش” معها الاتحاد طيلة عقود، كما هو الحال بالنسبة لنزاع الصحراء بين المغرب وجبهة البوليساريو.

تحاط هذه القمة بالكثير من الاهتمام من جانب الزعماء الأفارقة، فهي الأولى التي ستعقد في موريتانيا، وسيحضرها ما يزيد على أربعين رئيس دولة أفريقية، حسبما صرح الناطق الرسمي باسم الحكومة الموريتانية محمد الأمين ولد الشيخ الذي أضاف بأن هذا العدد نادر الحدوث في القمم الأفريقية، خلافا لقمة أديس أبابا في يناير من العام الماضي التي لم يحضرها سوى اثني وعشرين رئيس دولة، زد على ذلك أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أعلن أنه سيحضر القمة، وهذا يعني أن قضايا الهجرة واللجوء ستكون على رأس جدول الأعمال، على خلفية الأزمة الحالية التي يجتازها الاتحاد الأوروبي بسبب مشاكل الهجرة المقلقة، إلى جانب التجمع العسكري الإقليمي في منطقة الساحل بين موريتانيا ومالي وبوركينا فاسو والنيجر وتشاد لمواجهة الإرهاب.

بيد أن المغرب لم يؤكد حتى الآن ما إن كان العاهل المغربي الملك محمد السادس سيكون حاضرا، وقد أعلن الناطق باسم الحكومة الموريتانية أنه لم يتلق، إلى حدود كتابة هذه السطور، أي رد من جانب الحكومة المغربية حول حضور الملك محمد السادس أو من ينوب عنه في القمة. ويبدو أن هذا التأخر في إعلان المشاركة عائد إلى انزعاج الرباط من مواقف الاتحاد الأفريقي تجاه نزاع الصحراء، إذ بات يلاحظ أنه منذ عودته الرسمية إلى هذا التجمع الإقليمي في القمة الماضية في أديس أبابا، الذي غاب عنه منذ العام 1984، لا يزال الاتحاد يخضع لنفس المنطق الذي كان يهيمن عليه في العقود السابقة، مما يؤثر على اتخاذ القرارات فيه.

وتدرك الرباط أن الرجوع إلى عضوية الاتحاد الأفريقي دفع بعض الأطراف المؤيدة لأطروحات جبهة البوليساريو، وعلى رأسها الجزائر وجنوب أفريقيا، إلى الدفع باتجاه تغيير مسار النزاع عن أهدافه وفرض حلول من خارج اقتراحات منظمة الأمم المتحدة التي تمسك بالملف منذ العام 1991، عندما تم تثبيت قرار وقف إطلاق النار والدخول في البحث عن تسوية سياسية.

ومن المقرر أن تناقش قمة الرؤساء، التي ستعقد في الأول والثاني من يوليو المقبل على هامش القمة، التقرير الذي أعده رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي، التشادي موسى فيكي محمد، حول نزاع الصحراء، وهناك تخوّف لدى المغرب من أن يكون التقرير متحيزا إلى جانب جبهة البوليساريو وداعميها داخل الاتحاد، إذ معروف عن فيكي ميله لفائدة مواقف الجبهة. وعلى الرغم من أن فيكي نفسه سبق أن صرّح خلال القمة الأفريقية السابقة في أديس أبابا بأن نزاع الصحراء يظل بيد الأمم المتحدة، بما يعني أن الاتحاد الأفريقي يبقى على الحياد، إلا أن إثارة مسألة التقرير في هذه الظروف تطرح جملة من التساؤلات حول ما إن كان الاتحاد سيكتفي بدعم قرارات الأمم المتحدة، بوصفها تعبيرا عن الشرعية الدولية، أم أنه سيتخذ قرارات داخلية بوصف النزاع جزءا من النزاعات التقليدية في القارة.

وكان فيكي قد زار المغرب ومخيمات تيندوف في الأسبوع الأول من شهر يونيو الجاري، حيث عقد لقاءات مع العاهل المغربي ورئيس الحكومة سعدالدين العثماني ووزير الخارجية ناصر بوريطة، لكن البلاغ الذي نشرته مفوضية الاتحاد الأفريقي، في ختام الزيارة، لم يشر لا من قريب ولا من بعيد إلى أن مباحثات فيكي تطرقت إلى موضوع الصحراء. وقد يظهر من ذلك أن فيكي سمع خلال مباحثاته في المغرب ما يعكس قلق الرباط من إثارة الموضوع، وإن كان البلاغ قد تحدث عن ضرورة “تجاوز الأزمات التي تؤخر التنمية” في القارة الأفريقية.

ومن الواضح أن هناك نوعا من الارتباك في الاتحاد الأفريقي في ما يتعلق بالتعاطي مع نزاع الصحراء؛ فبلاغ مفوضية الاتحاد الأفريقي المشار إليه أعلاه أشار إلى إعادة إحياء اتحاد المغرب العربي، في إطار حديثه عن أهمية إقامة منطقة للتبادل الحرب بين بلدان القارة، علما بأن الملك محمد السادس ذكر صراحة في خطابه أمام قمة أديس أبابا العام الماضي بأن هذا الاتحاد انتهى ولم يعد له وجود. وكان المغرب يراهن على الاتحاد المغاربي للدفع بالتسوية السياسية لنزاع الصحراء، لكن تبين بعد أزيد من عقدين أن الاتحاد فشل في تقديم إجابة، الأمر الذي دفع المغرب إلى الاقتناع بأهمية التحول إلى الاتحاد الأفريقي.

المعضلة التي يواجهها الاتحاد الأفريقي اليوم هي البناء على التراكم الذي حصل في نزاع الصحراء طوال ما يقرب من نصف قرن من الزمن واقتراح حلول بديلة انطلاقا من تلك التراكمات، وهو ما يراهن عليه المغرب الذي يريد من الاتحاد الانتقال إلى الواقعية في معالجة الأزمات الإقليمية بدل الاستمرار في تغليب سياسة التقاطبات. فجبهة البوليساريو هي اليوم التنظيم المسلح الوحيد الذي يحظى بعضوية الاتحاد، وقد جاء ذلك في ظروف دولية وإقليمية تم استغلالها من قبل الأطراف المناوئة للمغرب. ويعتبر هذا الوضع اليوم وضعا غير طبيعي في حاجة إلى إعادة نظر.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

القمة الأفريقية على المحك القمة الأفريقية على المحك



GMT 00:03 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

إذا كانت إيران حريصة على السنّة…

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يطرد المدعي العام

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

نَموت في المجاري ونخطىء في توزيع الجثث!

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

فى واشنطن: لا أصدقاء يوثق بهم!

GMT 00:02 2018 السبت ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

استعدوا للآتى: تصعيد مجنون ضد معسكر الاعتدال

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 12:12 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

يحاول أحد الزملاء أن يوقعك في مؤامرة خطيرة

GMT 04:20 2020 الخميس ,17 كانون الأول / ديسمبر

أجواء مستقرة في غالبية المناطق في طرابلس

GMT 17:10 2019 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

نابولي يُحدد سعر كوليبالي إستعداداً لبيعه في يناير

GMT 06:38 2018 الأربعاء ,29 آب / أغسطس

"Lux Ile la Réunion" فندق يتلألأ جمالا وروعة

GMT 12:20 2017 الأحد ,24 كانون الأول / ديسمبر

سقوط شبكة للتنقيب عن الكنوز تحت المباني التاريخية

GMT 06:24 2017 الثلاثاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

بنشماش يثمن الرسالة الملكية في ملتقى الجهات‎

GMT 15:58 2015 الأربعاء ,09 أيلول / سبتمبر

أمطار وسحب منخفضة تسود أجواء المغرب الخميس

GMT 03:52 2017 الإثنين ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

تدشين مشروعات تنموية بتكلفة تفوق 84 مليون درهم في تاونات

GMT 23:06 2017 الأحد ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

ديجون الفرنسي يرغب في التعاقد مع أزارو

GMT 06:23 2017 الجمعة ,06 كانون الثاني / يناير

جولة في فندق "أوبروي أوديفيلاس" الرائع في الهند

GMT 20:43 2016 الخميس ,29 كانون الأول / ديسمبر

حليمة بولند تقوم بجلسة تصوير مثيرة بعد عقد قرانها

GMT 23:43 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

افتتاح المعرض الجهوي الأول للزيتون في جرسيف

GMT 04:00 2017 الأربعاء ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

تونس تستدعي سفيرها لدى المغرب بشكل عاجلأ
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya