حركة إيتا والاعتذار عن الإرهاب

حركة "إيتا" والاعتذار عن الإرهاب

المغرب اليوم -

حركة إيتا والاعتذار عن الإرهاب

بقلم - ادريس الكنبوري

بعد عقود من الأعمال الإرهابية اقتنعت حركة "إيتا" بأن المجتمع الإسباني لا يرضخ للإرهاب، وتبيّنت عزم الدولة الإسبانية على ملاحقتها مهما كان الثمن.

في خطوة مفاجئة قدمت حركة “إيتا” الباسكية الانفصالية في إسبانيا اعتذارها إلى ضحاياها وذويهم والشعب الإسباني عن “الألم الذي تسببت فيه” طوال أكثر من خمسة عقود من العمل المسلح والتفجيرات والاغتيالات، حيث أصدرت الحركة السبت الماضي بيانا تاريخيا غير مسبوق فاجأ الشعب الإسباني وأعلنت فيه اعتذارها عما قامت به من “أعمال”، كالخطف والتعذيب والاعتقال والقتل و”إكراه أشخاص على الهرب إلى الخارج”، حسب ما ورد في البيان الذي نشرته الصحف الإسبانية. وأقرت الحركة في بيانها بمسؤوليتها الكاملة عما اقترفته من “أعمال” وتعهدها بعدم تكرار ذلك مستقبلا.

ورغم أن الحركة اعترفت بكـل تلك الجرائم في حق المواطنين الإسبان، وخصّت بالذكر المواطنين الذين ليست لهم “أي عـلاقة مباشرة بالنزاع”، في إشارة إلى مقتل أشخاص عاديين لم يكونوا مسؤولين في الدولة، إلا أنها لم تذكر في البيان ما يشير إلى أنها كانت حركة إرهابية، بل وصفت نفسها بـأنها “حركـة تحرير وطني”، ولم تسم ما قامت به جرائم بل وصفتها بـ“الأعمال” أو “الصراع المسلح”، كما لم تتحدث عن الاغتيالات، بل فقط عن القتل الذي اعتبرته من “نتائج الصراع” وليس عملا إرهابيا.

مع ذلك لقي البيان تجاوبا كبيرا في إسبانيا، خصوصا وأن الحركة تعهدت بعدم تكرار ما حصل. فقد اعتبره الكثيرون فرصة لطي مرحلة “سنوات الرصاص” – كما يطلق عليها – منذ أن ظهرت الحركة في منطقة الباسك شمال إسبانيا عام 1959، وأعلنت عن بداية كفاحها المسلح ضد الدولة الإسبانية التي كان على رأسها آنذاك الدكتاتوري فرانسيسكو فرانكو، الذي توفي عام 1975 بعد أربعة عقود من حكم البلاد بسلطة الحديد والنار.

وطيلة أكثر من نصف قرن من حمل السلاح ضد الدولة الإسبانية والمواطنين قتلت الحركة ما يزيد على 800 شخص في مختلف أقاليم التراب الإسباني، لتصبح بذلك رمزا للإرهاب المسلح ليس في إسبانيا فحسب بل في أوروبا أيضا. والمفارقة أن أول ضحية لإرهاب الحركة كان رضيعا يبلغ من العمر 22 شهرا قتل في أول تفجير قامت به عام 1960. وتشمل قائمة الاغتيالات التي قامت بها العديد من الشخصيات السياسية ووزراء وصحافيين ومسؤولين أمنيين وعسكريين ومواطنين عاديين.

وعلى عكس ما كان متوقعا لم تتخلَّ الحركة عن حمل السلاح بعد رحيل الجنرال فرانكو في السبعينات ودخول البلاد الحقبة الديمقراطية مع الملك خوان كارلوس الأول، إذ ظلت تشكل استثناء في مجتمع ديمقراطي، وضع فيه الدستور الجديد عام 1978 ضوابط للعلاقة بين الحكومة المركزية في مدريد والأقاليم المستقلة التي صارت تتمتع بصلاحيات أوسع، بما فيها إقليم الباسك مهد الحركة، إذ بقيت هذه الأخيرة تنادي بالاستقلال التام عن الدولة. بيد أنها لم تفلح في ليّ ذراع المجتمع الإسباني أو إرغام الدولة على التفاوض معها من موقع قوة، فلجأت إلى استعمال أسوأ أنواع العنف والإرهاب لمحاولة زرع الرعب في نفوس الإسبان بهدف دفعهم إلى الضغط على الحكومة.

وبعد عقود من الأعمال الإرهابية اقتنعت الحركة بأن المجتمع الإسباني لا يرضخ للإرهاب، وتبيّنت عزم الدولة الإسبانية على ملاحقتها مهما كان الثمن، الأمر الذي دفعها في النهاية إلى الإعلان عن وقف إطلاق النار من جانب واحد يوم الخامس من مايو عام 2011، في اعتراف واضح بهزيمتها. وفي مارس من العام الماضي أعلنت الحركة تخليها عن السلاح، وسلمت إلى السلطات الإسبانية قائمة بثمانية مواقع دفنت فيها الأسلحة التي كانت بحوزتها، وثلاثة أطنان من المتفجرات، وتعهدت بحل نفسها بشكل نهائي يوم الخامس من مايو المقبل لهذا العام، بعد سبع سنوات من إعـلان وقف النار.

ولذلك جاء بيان الاعتذار بمثابة “البيان الأخير” في تاريخ الحركة قبل الحل، بعد 60 عاما على إنشائها. غير أن الحكومة الإسبانية حرصت على إعطاء رسالة سلبية إلى الحركة التي ربما كانت تنتظر الحصول على صفقة مقابل الاعتذار، كأن يتم الإفراج عن معتقليها الموجودين في السجون الإسبانية والفرنسية، والذين يصل عددهم إلى 396 شخصا. حيث قال رئيس الحكومة ماريانو راخوي تعليقا على البيان “فلتعتذر ولتعلن حل نفسها في الوقت نفسه”، بينما قال وزير الداخلية إن الحركة “لن تحصل على أي شيء كمقابل”.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حركة إيتا والاعتذار عن الإرهاب حركة إيتا والاعتذار عن الإرهاب



GMT 00:03 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

إذا كانت إيران حريصة على السنّة…

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يطرد المدعي العام

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

نَموت في المجاري ونخطىء في توزيع الجثث!

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

فى واشنطن: لا أصدقاء يوثق بهم!

GMT 00:02 2018 السبت ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

استعدوا للآتى: تصعيد مجنون ضد معسكر الاعتدال

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 18:57 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

حظك اليوم الأربعاء 2 كانون الأول / ديسمبر لبرج الثور

GMT 14:07 2016 الجمعة ,16 أيلول / سبتمبر

الأبنوس

GMT 15:05 2019 الثلاثاء ,11 حزيران / يونيو

نيمار يبلغ سان جيرمان برغبته في الرحيل هذا الصيف

GMT 14:42 2018 الأربعاء ,19 كانون الأول / ديسمبر

السالمية الكويتي يبدأ مشواره العربي بلقاء الشبيبة الجزائري

GMT 15:23 2018 الإثنين ,15 كانون الثاني / يناير

سنوات يفصلها رقم

GMT 11:24 2019 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

الملك محمد السادس يرسل برقية تعزية إلى الرئيس الكاميروني

GMT 13:45 2019 الثلاثاء ,04 حزيران / يونيو

أول صالون تجميل يستقبل المحجبات في نيويورك

GMT 23:50 2019 الأحد ,02 حزيران / يونيو

باتريس كارتيرون يُراقِب العائدين من الإعارة

GMT 00:14 2019 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

السعودية تنفذ حكم القتل تعزيرًا في حق صدام حسين

GMT 20:47 2018 السبت ,08 كانون الأول / ديسمبر

"الوطني للسكك الحديدية "يعلن عن تخفيضات في تذاكر القطار

GMT 10:42 2018 الثلاثاء ,09 تشرين الأول / أكتوبر

حركة إعفاءات وتغييرات جديدة في صفوف الدرك الملكي

GMT 02:26 2018 الثلاثاء ,02 تشرين الأول / أكتوبر

ورق جدران بألوان جذابة لديكورات غرف معيشة مبهجة

GMT 22:03 2018 الإثنين ,06 آب / أغسطس

صعقة كهربائية تودي بحياة شاب في سلوان
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya