استنساخ القرارات في نزاع الصحراء

استنساخ القرارات في نزاع الصحراء

المغرب اليوم -

استنساخ القرارات في نزاع الصحراء

محمد الأشهب

أن تستأنف بعثة «المينورسو» مهمتها في الصحراء، فالأمر ليس جديداً، ولا يمكن اعتباره تطوراً لفائدة أي طرف. طالما أنها كانت موجودة ولا تزال. كل ما حدث أن خفض أعدادها من الموظفين المدنيين يعتبر تحصيل حاصل. أقله أن المهمة الوحيدة التي تضطلع بها الآن هي مراقبة سريان مفعول وقف النار الذي دخل حيز التنفيذ منذ مطلع العام 1991.
هذا الوجود اقترن بقرارات دولية ترهنه بموافقة الأطراف كافة. وإذا كان طرأ بعض التحول على مهمة «المينورسو» حين عرضت أطراف اقتراح توسيع صلاحياتها لتشمل رقابة أوضاع حقوق الإنسان، فإن موقف الاعتراض السليم على ذلك كان محوره أن هذه المهمة التي استحدثت بقرار دولي، لا يمكن استنساخها أو تغيير بعض ملامحها، إلا بقرار مماثل. وهذه مسألة لم ترد في أي من خلاصات مجلس الأمن ذات الصلة.
أما الجانب المتعلق بدورها السياسي، فقد آل إلى التعليق منذ اختيار الأمم المتحدة صيغة الحل البديل الذي أطلقت عليه اسم «الحل السياسي» وزادت على ذلك أنه الحل الذي لا يصبح ناجزاً إلا في ظل المقاربة الوفاقية التي أصبحت ملازمة لموافقة الأطراف كافة. معنى ذلك أن أي اعتراض أو تحفظ من جانب أحد شركاء التسوية السلمية يجعلها ناقصة، تفرض العودة إلى نقطة الصفر.
وإذا كان مجلس الأمن في اجتماعه السنوي المخصص لنزاع الصحراء دأب على تمديد ولاية «المينورسو» عند نهاية نيسان (أبريل) من كل سنة، فإن المستجدات اللافتة هذه المرة، أن الرباط أقرت خفض أعداد بعثة المدنيين. وبالتالي فإن أي مخرج للأزمة القائمة سينحصر في مجالات إجرائية وفنية صرفة، لن يكون لها تأثير كبير على واقع النزاع. ذلك أنه بصرف النظر عن طبيعة عمل البعثة وعدد أفرادها، لم يحدث اختراق كبير على طريق الإمساك بخيوط الحل المنشود.
مصدر الإشكالات في مهمة «المينورسو» لا يكمن فقط في ظلال الأزمة القائمة بين الرباط والأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، جراء تصريحاته التي وصف فيها سلطة المغرب في المحافظات الصحراوية بـ «الاحتلال»، فهذه أقرب إلى شجرة تحاول إخفاء الغابة وأي فرضية تتوصل إليها مساعي الحوار الدائر بين المغرب والأمم المتحدة بهذا الشأن، لن تزيد عن العودة بملف الصحراء إلى ما قبل نشوب الأزمة التي فجرت تناقضات عميقة. أي أن المأزق كان قائماً قبل تصريحات بان كي مون الذي اختار وصفها بأنها «شخصية» للتخفيف من حدة المشاحنات الجارية.
سيكون على الأطراف المعنية، وقبلها مجلس الأمن الاستئناس في قراره المرتقب بمضمون التقرير السنوي للأمين العام للأمم المتحدة، وهناك ثغرة من الصعب الالتفاف عليها، تفيد بأن استبعاد الرباط من الجولة الأخيرة لبان كي مون، أياً كانت أسبابها، شكل سابقة في منهجية التعاطي الموضوعي مع مواقف الأطراف المعبر عنها. لكن مجلس الأمن يستطيع اعتماد مقاربة أقل مدعاة لإثارة الحساسيات، في حال اكتفى بالتمديد لولاية «المينورسو» ومعاودة استنساخ قراراته التي تدعو إلى استئناف المفاوضات العالقة.
ثمة جانب مغيب في المأزق. إنه توصيف المنطقة العازلة شرق الجدار الأمني. وما دام أن اتفاق وقف النار كان صريحاً في حظر أي نشاط مدني أو عسكري في تخومها التي يفترض أن تظل غير مأهولة، نظراً الى ترتيبات أمنية وعسكرية كانت موضع اتفاق، فإن تلويح جبهة «بوليساريو» بمعاودة حمل السلاح قد يزج المنطقة برمتها في نفق مظلم، كون أي مواجهة محتملة لا يمكن أن تقفز على الوضع الميداني في المنطقة العازلة.
لا يهم إن كانت معاودة دق طبول الحرب، تندرج في نطاق «حرب نفسية» أو ضغوط متبادلة للتوصل إلى الوضع الذي كان سائداً قبل الأزمة. الأهم أن نزاع الصحراء لم يحرز التقدم الكافي الذي يضمن اعتبار طريق التسوية السلمية سالكة. وتلك قضية تتفاعل داخلها ومن حولها معطيات جيوسياسية وإقليمية أكبر من أن تختزل في أزمة عارضة، لا بد من أن تجد لنفسها مخرجاً.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

استنساخ القرارات في نزاع الصحراء استنساخ القرارات في نزاع الصحراء



لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 21:14 2019 الجمعة ,06 أيلول / سبتمبر

تجنب اتخاذ القرارات المصيرية أو الحاسمة

GMT 19:24 2020 الأحد ,02 شباط / فبراير

اتيكيت التعامل مع كبار السن

GMT 05:33 2020 الخميس ,16 كانون الثاني / يناير

اتيكيت العريس عند التقدم للخطبه

GMT 18:30 2019 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

وفاة الفنان المصري الكبير محمد خيري بعد صراع مع المرض

GMT 09:37 2019 الثلاثاء ,22 كانون الثاني / يناير

المسماري يطالب لبنان بالاعتذار عن حادث العلم الليبي

GMT 14:54 2019 الإثنين ,14 كانون الثاني / يناير

افضل عطور "جيفنشي" للتمتع بسحر وجاذبية في امسياتك الراقية

GMT 11:50 2019 الثلاثاء ,01 كانون الثاني / يناير

حاكم الفجيرة يستقبل أعضاء الاتحاد الإماراتي للرماية

GMT 00:49 2017 الجمعة ,29 كانون الأول / ديسمبر

مجلس المرأة العربية يجدد دعوته لدعم ذوي الحاجات الخاصة

GMT 05:19 2017 الثلاثاء ,19 كانون الأول / ديسمبر

84,001 عدد الأجانب المقيمين في المغرب

GMT 04:01 2017 الثلاثاء ,19 كانون الأول / ديسمبر

خليفة حفتر يعلن انتهاء اتفاق "الصخيرات" ويواجه دول الجوار
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
Libya Today News
Libya Today
Salah Eldain Street
Hay Al-Zouhour
Tripoli
Tripoli, Tripoli District, 218 Libya