مش حتحجب و انت اتأدب

مش حتحجب و انت اتأدب

المغرب اليوم -

مش حتحجب و انت اتأدب

ميساء أبو غنام

مابين أنوثتها وذكورته أميال..مابين خصوصيتها وفضوله مليمترات،قضية اختلف عليها العديد في تحديد من المتهم ومن الضحية،اذكر وأنا صغيرة عندما سمعت نساء في الحي الذي كنت أسكنه وهن يصرخن على فتاة تركب الدراجة الهوائية  مشددات على أنها فقط للذكور خوفًا على شيء لم افهمه في حينها، وأيضا اذكر في طفولتي حينما وقعت على حافة سريري وأنا ألعب وأخذتني والدتي على الطبيب لتطمئن على  ما لم أفهمه، كبرت وأدركت هذا الشيء الذي أصبح عنوانًا  للشرف ولاحقا السبب في القتل على خلفية الشرف. هذا الشيء هو من يقودنا اليوم، ليس عجبا أن تسمع  أخبارا وقصصًا  في مصر مثلا تعتدي على البنات بحجة عدم ارتداء الحجاب، وليس عجبًا أن ترى بعضهن وقد اعتدي عليهن ضربًا لعدم قبولهن الرضوخ لهذا النهج الذي يتدخل في جسد المرأة وحريتها في كشف أو ستر ما تريد من جسدها ،كان الربيع العربي حلمًا لتغيير واقع ديكتاتوري على أمل أن تصبح الحريات  الشخصية منارة يرتادها من يريد،وكل له أيدلوجيته ومن حقه ممارستها كيفما يريد ومتى يريد ولكن يبدو أن الواقع قلب المعايير وقضى على فرص التغيير. أعلم أن البعض يتهمني ببث فكر غربي يخالف العادات والتقاليد والدين،ولكن من قال "إن الدين ليس إلا قرار شخصي "فمن حقك ممارسة الدين سواء كنت  مسلما أو مسيحيا أو يهوديا أو كنت تعتنق بأيدلوجيات أخرى، من أنت لتسير في الشارع وتفرض على أية امرأة تغطية جسدها ورأسها بحجة أنها تخالف الدين،إن القضية ليست دينية إلا من زاوية تحجيم الدين و تقزيمه ليتحول فقط  إلى فتاوى مرتبطة بجسد المرأة وبكارتها، وكأن القضايا المجتمعية الأخرى مثل الحاكم الفاسد وبنوك الربا وقطع صلة الأرحام ورمي النفايات في الشوارع وقتل النساء على خلفيات مختلفة والعنف ضد المرأة واغتصاب الأطفال والنساء والنميمة وووووووووغيرها لا ترتبط بالدين. هناك سؤال أطرحه على نفسي دائما عندما أرى رجالا لا يتحدثون إلا بالدين وبالحلال والحرام وحجاب المرأة وسترتها و" قوامية" الرجل عليها  وغير ذلك وهم نفسهم  ومن أسفل الطاولة يغازلون نساء متحررات أو يزنون معهن،ما هذا التناقض والانفصام في شخصية هذا المجتمع،وعندما تواجههم بذلك تجدهم كالنعامة التي تضع رأسها في الرمال. أعجبتني تلك الفتاة المصرية التي ردت على رجل طالبها بالحجاب وقالت له "إنا مش حتحجب أنت اتأدب"وأيضا  فتاة فلسطينية  مر شيخ بها في احد الشوارع  وقال"استغفر الله "فردت عليه"غض بصرك يا شيخ". يضحك بعض  الرجال أحيانا عندما ترد النساء عليهم حينما  يطالبوهن بتغطية أجسادهن  بغض البصر قائلين "إن الله سمح بالنظرة الأولى وما أطول هذه النظرة،تمردت  المصرية علياء التي كتبت على صفحتها على توتير من باب التحدي بعدما عرت جسدها على "الفيس بوك" بالمطالبة بممارسة الجنس في الشوارع نوع من تحدي كبت الحريات،ربما هذا الشيء ليس بالمقبول اجتماعيا ولا بأعرافنا وديننا ولكن الواقع العربي المتطرف حاليا وبشكل كبير تجاه جسد المرأة خلق أيضا تطرفا من بعض النساء للاحتجاج على هذا الواقع، فلا نجد الفتاوى الدينية إلا عنوانا لهذه المهزلة حيث أصبحت المرأة سلعة  مفتاحه غشاء بكارة يبنى عليه مفاهيم اجتماعية  ظالمة ضحيتها فقط النساء. من قال إن جسد المرأة ليس ملكا لأحد، لماذا يفرض على النساء ارتداء الحجاب على غير إرادتهن؟، المصيبة الكبرى أن الحجاب أصبح عادة اجتماعية ولا تنطبق عليه شروط الدين،فتجد بعض المحجبات مع عشيق لهن  وهن  متزوجات،صادفت واحدة منهن وقد أبلغتني بأنها تقابل عشيقها  وتبحث عن عطفه وحبه لأن زوجها يضربها ولا يسمعها كلام الحب والغزل،وحينما سألتها عن حجابها أقرت بأنها أجبرت عليه اجتماعيا،وبالتالي فأن صومها أيضا عادة اجتماعية. هي نفس الحلقة التي ندور جميعنا حولها،ما فبين الدين والمجتمع فجوة كبيرة،فالمجتمع الذكوري ينفذ شهواته الغريزية المكبوتة في افتراس المرأة من خلال تغطيتها بغض النظر عن قناعاتها وممارستها الحقيقية لروح الدين وأسسه، يحتج البعض على ما أقوله  بأن جسد المرأة مغري للرجل وبالتالي تساعده على ارتكاب المنكر والفاحشة، ومن قال إن جسد الرجل ليس بمغرٍ للمرأة ويقودها للفاحشة،ربما لو عدت أنا وانتم بالذاكرة في فترة السبعينات حينما كانت أمهاتنا ترتدي القصير وتسير في الشارع دون مضايقة من احد،لماذا لم تك سياقهن في تلك الفترة فاحشة؟،ولم تك نهودهن فاحشة؟،ولم يك شعرهن فاحشة؟،القضية ببساطة في الرأس  المجتمعي وفي العقلية المجتمعية التي رأت المرأة باسم الدين جسد وغريزة وفي اللحظة التي تتمرد المرأة عليه تكفر وتنتهك ويعتدى عليها. اتركوا لهن القرار،أعطوهن مساحة الاختيار واحترموا من تلبس الخمار ومن تلبس البكيني،ربما تعجبني تركيا وهي نموذج ايجابي لدولة إسلامية يقودها حزب إسلامي وزوجة اردوغان المحجبة وترى على صفحات جرائدها  نساء يرتدين البكيني. لم يك هدف الربيع العربي إلا إطلاق العنان للحريات فدعوا الخلق للخالق  ولنخرج من قوقعة البكارة ليصبح الفرد حرا في التحكم  بجسده قبل أن يصبح ملكا للمجتمع فنحن لا نمتلك في مجتمعنا العربي غير أجسدنا فاتركوها لأصحابها.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مش حتحجب و انت اتأدب مش حتحجب و انت اتأدب



GMT 22:19 2019 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

إلى متى ستبقى المرأة في عالمنا العربي الحلقة الأضعف .

GMT 09:29 2019 السبت ,07 أيلول / سبتمبر

الهولوجرام والسحر في العصر الحديث

GMT 11:59 2019 الجمعة ,23 آب / أغسطس

المعنفات وبيوت الرعاية وخطوات الإصلاح

GMT 16:37 2019 الثلاثاء ,12 آذار/ مارس

سيدة كل العصور

GMT 10:05 2019 الإثنين ,11 آذار/ مارس

الطفولة العربية والمستقبل

GMT 12:12 2018 السبت ,01 كانون الأول / ديسمبر

العنف ضد المرأة حاجزا فى سبيل المساواة والتنمية

GMT 08:13 2018 الجمعة ,09 آذار/ مارس

سيّدتي لا تصدّقينا

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 17:48 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

تمارين تساعدك في بناء العضلات وخسارة الوزن تعرف عليها

GMT 19:14 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

حظك اليوم الأربعاء 2 كانون الأول / ديسمبر لبرج العقرب

GMT 11:55 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

كن هادئاً وصبوراً لتصل في النهاية إلى ما تصبو إليه

GMT 15:33 2020 الإثنين ,05 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم الجمعة 30 تشرين الأول / أكتوبر لبرج الجوزاء

GMT 19:14 2019 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

جون تيري يكشف مميزات الفرعون المصري تريزيجيه

GMT 17:27 2017 الإثنين ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

وضع اللمسات الأخيرة على "فيلم مش هندي" من بطولة خالد حمزاوي

GMT 22:05 2019 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

إليك كل ما تريد معرفته عن PlayStation 5 القادم في 2020

GMT 05:54 2017 الأربعاء ,12 إبريل / نيسان

بسمة بوسيل تظهر بإطلالة العروس في أحدث جلسة تصوير

GMT 09:38 2017 الخميس ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

خلطات منزلية من نبات الزعتر الغني بالمعادن لتطويل الشعر

GMT 16:41 2020 الجمعة ,24 كانون الثاني / يناير

لمحة فنية رائعة من صلاح تسفر عن هدف

GMT 12:21 2020 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

محمد يتيم يعود للكتابة بالدعوة إلى "إصلاح ثقافي عميق"
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya