الزواج المبكر انتهاك مقنن للطفولة

الزواج المبكر انتهاك مقنن للطفولة

المغرب اليوم -

الزواج المبكر انتهاك مقنن للطفولة

بقلم - مرام مغالسة

تكاد تكون عبارة الزواج المبكر عبارة يحيطها الملل وقد تصيبنا جميعا بالإعياء و يرجع ذلك لكونه الملف الذي يتصدر النشاط النسوي في المنطقة ويطفو على السطح منذ عشرات السنوات دون أي تطوير، فقد نظمت عدة حملات وطنية منذ عام 1997 للحد من الزواج المبكر جمعت أصحاب الاختصاص الطبي والقانوني والتربوي وصناع القرار؛ وكللت الحملة بالنجاح على الصعيد الوطني التي أثرت حينها في الرأي العام وتبعها في سنوات لاحقة تعديلا لقانون الأحوال الشخصية فرفع سن الزواج من 15 عاما إلى 18 عاما إلا أن التعديل ابقى على الاستثناء القانوني الذي يسمح بتزويج الفئة العمرية ما بين 15-18 عاما من الذكور والإناث شرط موافقة سماحة قاضي القضاة بعد ترجيح المصلحة وفقا لظروف الحالة .

ورغم تسليط الأضواء وكسب التأييد المجتمعي بخصوص مخاطر الزواج المبكر في مجتمعنا إلا أن العشر سنوات الأخيرة شهدت ازديادا مطردا في أعداد زواج القصر ذكورا وإناثا وفقا لإحصاءات رسمية معلن عنها من قبل دائرة قاضي القضاة ؛ ولا شك أن الإبقاء على استثناء قانوني لتزويج القصر يسهم في إعاقة تطوير هذا الملف عند التطبيق لا سيما أن المحاكم لا تتعامل معه كاستثناء قانوني يفرد لكل حالة على حدة بل كتطبيق مباح . ولا يقتصر ملف الزواج المبكر على حق المرأة أو حق الطفولة بل يمتد ليصبح ملف ثقافي مجتمعي اسري اقتصادي يفتقر للإسناد الديني المستنير الذي أجدى به أن يأخذ بأيدي الفئات المستضعفة ويرتقي بالمجتمع إلى حد التكافل والكفاف. ويعتبر تزايد حالات تزويج القصر مؤشرا خطيرا يبتعد بالأطفال أرباب الأسر عن معاني التمكين الاقتصادي والتأهيل العلمي والإدماج المجتمعي السليم ليختزل الوالدين القصر بالدور البيولوجي والتكاثر العددي مما يزيد في نسبة الفقر وعبء التنمية .

ولا يقتصر مفهوم الزواج المبكر على الإناث فقط بل يشمل تزويج الذكور تحت سن الثامنة عشر بما يخرج ملف التزويج المبكران المطالبة بالمساواة بين الرجل والمرأة إلى المطالبة بإحقاق الطفولة وإنقاذ ما يجب إنقاذه نظرا لعدم اكتمال الأهلية القانونية سندا لأحكام القانون المدني الذي حدد سن الثامنة عشر كسن الرشد واعتبره غير أهل لممارسة المعاملات المدنية ولا يعتد بإرادته في أي من العقود ؛ فقد ورد في المادة 44 من القانون المدني انه لا يكون أهلا لمباشرة حقوقه المدنية من كان فاقد التمييز لصغر في السن وهذا يناقض قانون الأحوال الشخصية الذي يقبل إرادة الطفل في ربط نفسه مسؤولاً مدى الحياة بموجب عقد يفرض عليه واجبات مدنية اجتماعية واقتصادية مدى الحياة ليس بمواجهة الشريك فقط بل بمواجهة أبنائه والمجتمع. 

لقد سمعنا أصوات تؤكد أن الطلاق هو الأقل بين صفوف الأطفال وهذا طبيعي لارتباط الطفولة بالتبعية الثقافية الاقتصادية المجتمعية والتي تقف حائلا دون طلب القاصر للطلاق وعدم قدرته على السير عكس التيار الاقتصادي والاجتماعي وبالتالي لا يقبل هذا كمؤشر على التلميح بصحة تزويج القصر أمام غياب دراسة نسبة المطلقين من ضحايا الزواج المبكر بعد بلوغهم ولا يخفى علينا حصول الطلاق النفسي كواقع؛ ومع ذلك فما زلنا أمام معضلة تعارض قانوني بين النصوص المحلية  يحد من خيارات أطفالنا أمام الذهنية المجتمعية تنتهك الطفولة مع غياب الرقابة على التطبيق القانوني كاستثناء لمن هم فوق الخامسة عشر ومع غياب التجريم بممزوجي الأطفال في مجتمعنا دون سن الخامسة عشر . 

ولا تقف الخطورة على عتبة ضحايا التزويج المبكر بل تمتد لأطفالهم الذين حرموا من التنشئة التربوية نتيجة ضعف مؤهلات أوليائهم بما يهدد تنمية المجتمع وينتج فئات من الأسر محصورة في دائرة الفقر والحرمان إضافة لإنتاج مطلقات ومهجورات فقيرات من اللاتي حرمن بسبب الزواج المبكر من الحصول على مؤهل علمي يمكنهن من دخول سوق العمل وإعالة صغارهن  .

ان هذا الملف بحاجة لهبة وطنية بما فيها مؤسسات المجتمع المدني والمؤسسات الحكومية المعنية بأي من حقوق المرأة وحقوق الطفل وعمالة الأطفال ومنع الإتجار بالبشر والثقافة الوالدية والأمومة على جميع الأصعدة القانونية والتربوية والصحية ؛ إن هذا الملف بحاجة لراي ديني مساند يشرح الأحكام الخمس للزواج والتي تتراوح بين الحرام والواجب في مجتمع لا يعي منها إلا حكم الواجب .

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الزواج المبكر انتهاك مقنن للطفولة الزواج المبكر انتهاك مقنن للطفولة



GMT 14:11 2016 الجمعة ,16 أيلول / سبتمبر

أخطار الزواج المبكر

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 17:48 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

تمارين تساعدك في بناء العضلات وخسارة الوزن تعرف عليها

GMT 19:14 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

حظك اليوم الأربعاء 2 كانون الأول / ديسمبر لبرج العقرب

GMT 11:55 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

كن هادئاً وصبوراً لتصل في النهاية إلى ما تصبو إليه

GMT 15:33 2020 الإثنين ,05 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم الجمعة 30 تشرين الأول / أكتوبر لبرج الجوزاء

GMT 19:14 2019 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

جون تيري يكشف مميزات الفرعون المصري تريزيجيه

GMT 17:27 2017 الإثنين ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

وضع اللمسات الأخيرة على "فيلم مش هندي" من بطولة خالد حمزاوي

GMT 22:05 2019 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

إليك كل ما تريد معرفته عن PlayStation 5 القادم في 2020

GMT 05:54 2017 الأربعاء ,12 إبريل / نيسان

بسمة بوسيل تظهر بإطلالة العروس في أحدث جلسة تصوير

GMT 09:38 2017 الخميس ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

خلطات منزلية من نبات الزعتر الغني بالمعادن لتطويل الشعر

GMT 16:41 2020 الجمعة ,24 كانون الثاني / يناير

لمحة فنية رائعة من صلاح تسفر عن هدف

GMT 12:21 2020 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

محمد يتيم يعود للكتابة بالدعوة إلى "إصلاح ثقافي عميق"
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya