سُحِقت الإنسانيّة فمات الإنسان

سُحِقت الإنسانيّة.. فمات الإنسان

المغرب اليوم -

سُحِقت الإنسانيّة فمات الإنسان

بقلم :‎أمل انور

يُؤلمني أن أشعر كل يوم بأن الإنسانيّة قد سُحقت وماتت لدى غالبية البشر، ولم يعد يُميّزنا نحن كبشر شئ، ولن أتحدث عن مصر بلدي فقط، بل عن البشر كلهم في العالم، أصبحت الإنسانيّة شعارًا وميزة، تُستخدم مع من تتصالح معنا مصالحه، وبغير ذلك تصمت الإنسانيّة ثم تُسجن ثم تُعذَّب ثم تُقتل، فالحياة أفضل بكثير من دون إنسانيّة بالنسبة إلى هؤلاء .
ومن دون شعارات وكلمات مدوية، فمفهومي البسيط للإنسانيّة هي أن أُقدم كل ما أملك من خير من دون مقابل، من دون تميّز، وما يدفعني لذلك فقط الإنسانيّة التي تجمع بيني وبين الآخر في الظروف كافة، وحتي تكون الصورة واضحة من دون العبارات المحفوظة، والتي سبق ترديدها سأناقش مواقف بعينها انعدمت فيها الإنسانيّة، ونبدأ بموقعي محافظة سوهاج، محافظة بها أكثر من 5 مليون نسمة، هي ثان أفقر محافظة على مستوى الجمهوريّة، يوجد في الـ 5 مليون أكثر من نصف مليون مغترب، وأكثر من 3 مليون تحت خط الفقر، نرى هؤلاء في الشوارع، منهم من يفترش الأرض لبيع مستلزمات بسيطة، وآخرون يقفون في إشارات المرور، وأكثرهم يستوّلون، وتبقى النظرة إلى هؤلاء بكل عدم إنسانيّة ومن دون شفقة، وتبقى الكلمات "نصابين"، "بيتمسكنوا"، "تلاقي على قلبهم قد كده"، "ده تلاقي الواد ده مأجراه تشحت بيه"، وكأننا نسينا بأن هؤلاء بشر مثلنا، ومن دون قصد وضعتهم الظروف في هذا المكان، ون كانت الظروف تعلم بأنهم سيكونوا مع بشر مُنعدمي الإنسانيّة وأقسى عليهم منها، لكانت (الظروف) رفضت إعطاءهم منها ظرفًا كهذا!
يوميًّا.. في المكان ذاته، مشاجرات وخصومات ثأريّة، وتستقبل المستشفيات عشرات الجرحى والوفيات، وعن السبب نجد آلاف المُبرّرات، ولكن السبب واحد، وهو انعدام الإنسانيّة، أصبح كل شخص لا يُمانع في إصابة أو قتل الآخر، لا يتردد في أذية أخيه الإنسان الذي ولد من والده الواحد آدم، وهنا تناسي البشر الإنسانيّة، ولا أقبل أو أفهم أي سبب مهما كان، يُعطي الحق لآخر بقتل إنسان أعطيت له الحياة.
أما من الناحية السياسيّة، فلا استطيع أن أُبرّر لأي إنسان في السلطة أو مواطن  خارج السلطة، الاعتداء على إنسان آخر خارجها أيضًا أو داخلها ، فالإنسانيّة يجب أن تمنعني عن أذية الإنسان، حتى وإن كنت اختلف معه في كل شئ، ولكن علي أن أتذكر بأنه تجمعني به أكثر الأمور أهمية، وهي الإنسانيّة، وحتى أكون أكثر واقعيّة، أريد أن أفكر ما الشئ الذي يستحق أن يُقتل من أجله شخص آخر؟، أو يتسبّب في ذلك؟ هل السلطة .. المال..العرق..اللون..الجنس.. الدين..البلد..القبيلة..الشرف المجتمعي.. التعليم.. المستقبل.. الماضي.
في الحقيقة، عجزت لا أعلم أو عقلي الصغير لا يستوعب ما الذي يستحق أن يُقتل من أجله إنسان آخر، فلا أفهم أو أعرف شيئًا يجعلني أوافق أن يتخلى إنسان عن إنسانيته من أجله، فقد أصبح المشهد في مصر بمحافظاتها كافة وفي العالم العربيّ، غالبية دوله، وفي العالم أجمع، المشهد مليئ بالدماء، والقلوب مليئة بالألم، والأفواه مليئة بالصراخات، والسبب هو انعدام الإنسانيّة، وكل شخص أصبح يبحث عن تنفيذ رغبته ومعتقده وما يراه صحيحًا بالدماء، وبكل نقطة دماء تُسحق الإنسانيّة.
نعم.. فالجميع أسقط إنسانيتّه في جوانب الحياة كافة، حيث تم إسقاط الإنسانيّة
"اجتماعيًّا"  في كل شخص محتاج نراه ولا نساعده، و"سياسيًّا " في العنف من أجل السلطة وأغراضها، و"دينيًّا" في كُره واعتداء وقتل كل إنسان على غير ديني، و"أخلاقيًّا" في كل فتاة يتم التحرّش بها وتُغتصب جسديًّا وحقوقيًّا، نرى ذلك ونصمت ونشارك، أو طفل لا يستطيع الدفاع عن نفسه، ونقف نحن مكتوفي الأيدي.
 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

سُحِقت الإنسانيّة فمات الإنسان سُحِقت الإنسانيّة فمات الإنسان



GMT 08:21 2019 الخميس ,14 آذار/ مارس

عملية حلقة المعدة وعملية التكميم

GMT 10:38 2017 السبت ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

اداب استخدام التراسل عبر الواتس اب

GMT 21:52 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

مضاعفات تعاطي الحشيش

GMT 07:47 2017 الجمعة ,15 أيلول / سبتمبر

كيمياء العطاء

GMT 09:53 2017 الإثنين ,04 أيلول / سبتمبر

ملفات في الدماغ

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 20:36 2016 السبت ,11 حزيران / يونيو

حبوب منع الدورة الشهرية ومخاطرها

GMT 15:01 2020 الإثنين ,05 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم الجمعة 30 تشرين الأول / أكتوبر لبرج الحمل

GMT 05:25 2018 الإثنين ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

أجمل الأماكن حول العالم للاستمتاع بشهر العسل

GMT 19:47 2018 الثلاثاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

"عسكري" سابق يقتل شاب دفاعًا عن بن عمه في إقليم "خنيفرة"

GMT 01:27 2018 الأربعاء ,31 تشرين الأول / أكتوبر

تعرَّف على أسرار "ستراسبورغ" الفرنسية مدينة السياسة والجمال

GMT 16:42 2018 الثلاثاء ,18 أيلول / سبتمبر

هولندا تنهي مشاركة مصر في بطولة كأس العالم للطائرة

GMT 14:46 2018 الجمعة ,10 آب / أغسطس

مُمرضة مغربية تنقذ سيدة أغمي عليها في فاس
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya