حتى ray charles يا موسيقار الأجيال

حتى Ray Charles يا موسيقار الأجيال ؟!

المغرب اليوم -

حتى ray charles يا موسيقار الأجيال

محمد أبو الفتوح

في البداية، و قبل أي شيء، أود أن أنوِّه أنه رغم أني غير متخصص في الموسيقى، إلا أنني أعتقد أنني أمتلك أذنًا موسيقية جيدة، و لذلك تجرأت على كتابة هذا المقال، فربما جاءت تعبيراتي الموسيقية غير دقيقة من الناحية التقنية، و لكنني سأحاول بكل جهدي أن أعبِّر عن ما شَعُرَت به تلك الأذن .. فلنبدأ إذن. ما إن نصحني صديقي الشاعر / أحمد البنداري بمشاهدة فيلم " Ray " عن قصة حياة مغني الجاز الأميركي الكبير Ray Charles ، حتى قمت بتحميله من الإنترنت، ثم أظلمت الغرفة، و انغمست تمامًا في حياة هذا الفنان العبقري الكفيف. تجربة ملهمة بحق، و إرادة حديدية، ذلك العشق القوي للحياة، و الشغف بالموهبة الذي يجعلها في المقام الأول، و دونها كل شيء، رأيت كيف استطاع طفل كفيف مدقع الفقر أن يتربع على عرش موسيقى "الجاز " في العالم، بإلهام موسيقي عجيب، و صوت خرافي يتراوح بين الهدوء و الدفء الشديد من ناحية، و القوة و الحدة التي تقارب الصراخ من ناحية أخرى، و كأنه المعبر عن روح أخبرت بكل معاني الوجود. من حينها و أنا مفتون به، فبدأت أبحث عن أغانيه المسجلة، و حفلاته على موقع " يوتيوب"، حتى أنني حفظت بعض كلمات الأغاني، و جعلت أدندنها هنا و هناك : Hit the road Jack and don’t you come back no more, no more no more, no more هذه الأغنية بالذات (Hit the road Jack ) أحببتها كثيرًا، خاصة و أنها تعتبر إحدى روائعه، و لكن كان هناك شيئًا مألوفًا أشعر به كلما استمعتُ إليها، شيئًا سمعته كثيرًا قبل ذلك، فأخذت أمعن التركيز، حتى تأكدت أن الجملة اللحنية الأساسية و التي تبدأ بها الأغنية و تستمر في الخلفية ( لتظهر بين وقت و آخر ) موجودة في أغنية عربية سمعتها كثيرًا، فأخذني العجب و شعرت بإثارة شديدة، ممتزجة بخوف من عدم قدرتي على التذكر، فأمعنت التركيز أكثر و أكثر و عصرت عقلي حتى وجدتها؛ أغنية "يا قلبي يا خالي" غناء عبد الحليم حافظ، و تلحين محمد عبد الوهاب. كنت قد سمعت قبل ذلك عن موضوع اقتباسات " عبد الوهاب "  من الموسيقى الغربية في ألحانه، لكن ما كنت أعرفه أنه كان يقتبس من الموسيقى الكلاسيكية و الموسيقى الكنسية، مثل اقتباساته من كورساكوف في أغنية سجى الليل، و من  تشايكوفسكي  في أغنية " القمح"، و من بيتهوفن في أغنية "أحب عيشة الحرية " و غيرها. و هو ما لم ينكره هو شخصيًا في مرحلة متقدمة من حياته، لكن أن أكتشف أنا شخصيًا أحد هذه الاقتباسات و عن طريق الصدفة المحضة، كان أمرًا غريبًا و مثيرًا جدًا. أسرعت إلى العزيز إلى "يوتيوب" لأستمع إلى " يا قلبي يا خالي" ، و صدق حدسي، نفس الجملة الموسيقية التي افتتح بها Ray Charles أغنيته، قام عبد الوهاب باستخدامها في أغنية عبد الحليم و في نفس الموضع أيضًا، ليس هذا فقط، فمع التدقيق الشديد في اللحن اكتشفت كيف استطاع ( عبد الوهاب ) أن يستفيد من اللحن الأجنبي، و بمنتهى الذكاء؛ أولا: في الأغنية الأجنبية تقوم الآلات النحاسية بعزف حلية من نغمة واحدة ترد على الغناء بين حين و آخر، فانتهج عبد الوهاب مبدأ الرد على الغناء بنغمة أو نغمتين من أول الأغنية العربية لكنه استخدم الوتريات، و لكنه أخذ النغمة الأكثر حدية في الأغنية الأجنبية في الثانية 42 كما هي (تعزفها النحاسيات)و نقلها إلى لحنه ثم قام بالتنويع عليها في الثانية 1:10. ثانيا: نجد في الأغنية الأجنبية كورال من السيدات يرد على Ray Charles، و هذا الكورال كان من ابتكاراته، و كان دائما ما يصاحبه في أغانيه، يردد مقطعًا من الأغنية، أو تقوم إحدى عضواته بتبادل الغناء مع Ray فيما يشبه الـ " ديالوج "، و هنا نجد أن الكورال كان يردد مقطعًا قصيرًا كل فترة و هو : no more, no more ، و ما قام به عبد الوهاب أنه أدخل كورالا نسائيًا في أغنيته، و قام هذا الكورال بترديد مقطعًا قصيرًا أيضًا و هو : ليه، ليه، ليه، ليه .. تماما كالأغنية الأجنبية !! مما تقدم نرى مدى براعة الموسيقار محمد عبد الوهاب في الاقتباس، إذ أنه لم يكن يقتبس جملا موسيقية فقط، بل كان يقتبس فلسفة اللحن و الغناء أيضًا، و أنا عن نفسي لا أستطيع أن أحكم إن كان ما فعله هذا يُعد سرقة أم لا؟ ( فلهذا أهله و أنا غير متخصص على أية حال)، و لكنى وجدت شيئًا غريبًا أثناء بحثي على الشابكة؛ جزءًا من مذكرات الفنانة بديعة صادق، و لمن لا يعرفها فهي من غنَّت بصوتها وصورتها في "فيلم تحت السلاح 1940، وغنت بصوتها فقط في فيلم سي عمر 1941،و فيلم ليلة الحظ 1945، وفي الفيلم الخامس ابن الشرق غنت بصوتها وصورتها 1947، وعملت وغنت في مسرحية العشرة الطيبة" فشاركت الغناء عبد الغنى السيد وشهر زاد، و في العديد من "الأوبريتات " كان أشهرها"الدندورمة"، كما اشتهرت لها أغنية الأفراح "يا محلى جمالك يا عروسة ". ماذا قالت الفنانة بديعة صادق في هذا المقطع من مذكراتها ؟ "قصة أبي مع عبد الوهاب قص لي أبي هذه الحكاية أكثر من مرة فحفظتها، كما ذكرت؛ الفنانون يعملون بلا مقابل في هذه الفترة، خاصة من يعمل منهم في الأغاني الوطنية، و قال لي أبي وقتها : "لم يكن لدينا مال حتى لشراء الحليب لك، و أنت مازلت رضيعة، و كنتُ في حيرة من أمري، ماذا أفعل؟ جلوسي في المنزل بلا عمل لن يحل المشكلة، سأنزل في الشارع و أمشي و خلاص، ليس أمامي شيء و لا بيدي شيء، و لكن ربما لو نزلت من المنزل قد يفرجها الله من عنده. و سار في الشارع، فقابله أحد زملائه في الفرقة الموسيقية، و قال له : "يا أحمد هو اللحن ده مش بتاعك ؟"  و كان يدندن له بلحن " يا قلبي يا خالي "، قال له أبي: نعم هذا لحني، فقال صديقه : لقد انتهينا في هذه اللحظة من تسجيله في الأستوديو مع عبد الوهاب ، و قال "إنه لحنه". فما كان من أبي إلا أن ذهب إلى الأستاذ  عبد الوهاب ، و قال له : الواقع أن هذا اللحن لي، فذهب عبد الوهاب إلى الخزانة، و أخرج 350 جنيه  و أعطاهم لأبي لإرضائه ( مبلغ كبير جدا في ذلك الوقت طبعًا ) فرح بهم أبي، و قبل عودته إلى البيت اشترى ما لذ و طاب من الحليب و غذاء الأطفال و غيره. أخذ أبي النقود، و لكن كل الوسط الفني يعلم أن لحن يا  قلبي يا خالي  لأحمد على، و أخذه منه أو “اقتبسه منه” الفنان الكبير موسيقار الأجيال  محمد عبد الوهاب . عند هذا الحد انتهى كلام الفنانة  بديعة صادق ، هذا الكلام الخطير الذي إن كان صادقًا فمفاده أن  عبد الوهاب  لم يبذل مجهودًا يذكر في اللحن الذي وضع عليه اسمه، لقد سرق اللحن، و الجملة الموسيقية الافتتاحية ذات الطابع الغربي الجديد و الساحر في ذلك الوقت و المناسب للمطرب الشاب في حينها  عبد الحليم حافظ ، و فلسفة الأغنية الجديدة أيضا متمثلة في الكورال النسائي " الشقي " و استخدام نغمات منفردة في الرد السريع "الشقي" أيضًا على المغني، لم يبذل إلا مجهود إعمال ذكائه و حرفيته في الاستفادة من الأغنية الأجنبية التي تعب فيها يومًا ما فنان أميركي كفيف، شق طريقه في أعتى و أصعب الظروف، ليتربع بمجهوده على عرش موسيقى "الجاز" في العالم. رابط لـ Hit the road Jack على موقع "يوتيوب" http://www.youtube.com/watch?feature=player_embedded&v=0rEsVp5tiDQ رابط لأغنية يا قلبي يا خالي على موقع "يوتيوب" http://www.youtube.com/watch?feature=player_embedded&v=DToLMvQFZE8

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حتى ray charles يا موسيقار الأجيال حتى ray charles يا موسيقار الأجيال



GMT 14:02 2019 الثلاثاء ,21 أيار / مايو

يشبهنا صراع العروش

GMT 17:37 2019 الأربعاء ,13 آذار/ مارس

" ابو العروسة " والعودة للزمن الجميل

GMT 17:33 2019 الأربعاء ,13 آذار/ مارس

محمود مرسي

GMT 08:44 2019 الجمعة ,01 آذار/ مارس

أحمد زكي

GMT 14:21 2019 الثلاثاء ,08 كانون الثاني / يناير

مديحة كامل

GMT 16:18 2018 الأحد ,30 كانون الأول / ديسمبر

سعيد عبد الغني

GMT 14:17 2018 الجمعة ,21 كانون الأول / ديسمبر

عمار الشريعي

GMT 17:34 2018 الخميس ,13 كانون الأول / ديسمبر

محمد فوزي

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 15:03 2014 الخميس ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

فوائد الجوز " عين الجمل " لا يعلمها إلا القليلون

GMT 12:28 2018 الجمعة ,26 تشرين الأول / أكتوبر

الفرسان يتطلعون للفوز بثاني جولات بطولة "هذاب"

GMT 06:07 2017 الإثنين ,18 كانون الأول / ديسمبر

سيت الأفضل لقضاء شهر عسل لتميزها بالمناظر الجذابة

GMT 03:45 2017 الإثنين ,11 كانون الأول / ديسمبر

مديرة الأزياء جين ماكفارلاند تستعرض مجموعة كافالي

GMT 06:22 2017 الأربعاء ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

إسرائيل تصنف المغرب أبرز مُصدّري اليهود منذ استقلال المملكة

GMT 00:00 2014 الجمعة ,12 كانون الأول / ديسمبر

" أوراق بوكافر السرية " جديد الكاتب ميمون أم العيد

GMT 23:10 2017 الثلاثاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

رشيد غفلاوي سعيد بانضمامه إلى فريق الساحل النيجيري

GMT 23:08 2017 السبت ,14 تشرين الأول / أكتوبر

المهاجم فيصل عجب يثبت جدارته مع نادي التضامن

GMT 17:14 2016 الجمعة ,01 إبريل / نيسان

سر إغماض العيون أثناء تبادل القبل على الشفاه
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya