إن جوانب السلوك الأخلاقي وضرورة العمل بأخلاقيات الأعمال لا ترتبط بمجتمعات محددة ، بل إنها أصبحت موضوعا حيويًا مهما تواجهه منظمات الأعمال في الدول المتقدمة والنامية ، فارتبط مفهوم الأخلاقيات بالعديد من المواضيع والمهمات المتعلقة بالمنظمة والموارد وطاقات بشرية كالإدارة والعاملين والعمل والقيادة والمدبرين فهو يرشد ويعزز السلك الجيد، وهذا المفهوم أصبح من الأمور المهمة لشغل الوظيفة في الشركة إذ يتم التأكيد عليها من إدارتها لأنها تعد بمثابة الرقابة الذاتية للفرد لأنه يستطيع أن يميز بين الصواب والخطأ في سلوكه أثناء العمل .
وتتعلق أخلاقيات الأعمال بسلوكيات الأفراد في نشاطاتهم العلمية المختلفة، وهذا يشمل طريقة تعاملهم مع زملائهم والزبائن وأي شخص أخر يتعامل مع الشركة، ويجد البعض صعوبة كبيرة في تحديد أين تبدأ الأخلاق الشخصية وأخلاقيات الأعمال، لأن الأخلاق الشخصية تؤثر وتغطي على أخلاقيات الأعمال، ومن المهم أن نفرق بين السلوك الأخلاقي والسلوك القانوني فالأخلاق هي السلوك المتوقع من الأفراد، أما القوانين فتتعامل مع الأفعال المطلوبة فهناك فعل قد يكون قانونيا ولكنه غير أخلاقي، أو أخلاقي ولكنه غير قانوني.
تعد أخلاقيات الأعمال من أساسيات النجاح لأنها تعكس ثقة المنظمة بموظفيها وأجهزتها، وكذلك ثقة المجتمع الذي تعمل في خدمته، فالالتزام بالأخلاقيات سوف يقود إلى تطوير العاملين ويعكس الاهتمام الذي يوليه هؤلاء العاملين للالتزام بعناصر أخلاقيات المهنة، حيث إن عدم الالتزام سوف يؤثر بشكل مباشر على سمعة المنظمة، ولتحقيق ذلك لابد من التزام الإدارة والعاملين بالقواعد الأخلاقية والمهنية للحد من الممارسات التي تهدد مستقبل الشركة في النمو والبقاء والاستمرار.
كما تعد المسؤولية الاجتماعية قرار استراتيجيا تتبناه المنظمة ويتم تنفيذه وتفعيله بأنشطتها المختلفة، إذ تختلف المنظمات في مستويات تبنيها للمسؤولية الاجتماعية، حيث تطبق بعض هده المنظمات المسؤولية الاجتماعية مرغما بالقانون فنراها تقدم للمجتمع أقل ما هو مطلوب منها والبعض الآخر يطبقها طواعية ورغبة بالمساهمة في تحسين المجتمع
ويتحدد مدى مسؤولية كل منظمة من خلال أدانها الاجتماعي والمنفعة المحققة للمجتمع، وبرعاية الجوانب الاجتماعية للبيئة والمساهمة في التنمية الاجتماعية والتخلي عن فلسفة تعظيم الربح كهدف وحيد، ومع استجابة منظمات الأعمال لمفاهيم وأفكار المسؤولية الاجتماعية وضعت التشريعات القانونية والقواعد لتضفي على هذه المفاهيم والأفكار سمة الإلزام
ويعد موضوع المسؤولية الاجتماعية من الموضوعات التي نالت اهتمامًا كبيرًا في الدول المتقدمة منذ فترة طويلة، وأدخلته ضمن خططها وقامت بحملات توعية واسعة من أجل حث الشركات على تبني هذه المسؤولية والإنفاق على هذا الجانب ومساعدة الحكومة في حل مشكلات المجتمع. كما أسهمت التحديات العالمية المعاصرة ومنها العولمة في زيادة اهتمام المنظمات في ثقافتها المنظمة ومواردها البشرية وأصبحت أكثر استجابة لأخلاقيات الأعمال وفي أدائها لمسؤولياتها الاجتماعية التي تتطلب منها إنجاز أعمال مسؤولة اجتماعيا تجاه الأفراد العاملين والأطراف الأخرى، في بيئتها الخارجية بهدف إنجاز توقعات الأداء الاجتماعي للمجتمع بما في ذلك مسؤوليتها الاجتماعية بعامة وتجاه أفرادها العاملين خاصة. يوجد تأثير ذو إحصائية لأخلاقيات الأعمال (الاستقلالية والموضوعية، الأمانة والاستقامة، النزاهة والشفافية) على تحقيق القدرة التنافسية (تخفيض التكلفة، الابتكار والتجديد) فالشركات الصناعية المصرية. وجود تأثير ذو دلالة إحصائية للمسؤولية الاجتماعية (المسؤولية نحو البيئة، المسئولية نحو المستهلكين، المسئولية نحو المجتمع المحلي) على تحقيق القدرة التنافسية (تخفيض التكلفة، الابتكار والتجديد) في الشركات الصناعية المصرية.
لذلك يجب بوضع وتعزيز أخلاقيات الأعمال، وضرورة أن تقوم الشركات الصناعية المصرية بتحديد السياسات الأخلاقية وتوزيعها عبر الشركة، وتدريب العاملين فيها على تعزيز قدرتهم لمواجهة المشاكل الأخلاقية الصعبة.
بات من المتفق عليه أن منظمات الأعمال ليست بشركات خيرية وأن هاجسها الأول تحقيق أعلى معدلات للربحية، ومن هنا تبلورت فكرة وجوب تذكير الشركات بمسؤولياتها الاجتماعية والأخلاقية حتى يكون تحقيق الربح عائدا عن أمور مقبولة أخلاقيا أو قانونيا.
علاوة على ذلك، فإن الدور الرئيس الذي تلعبه الشركات، كونها المصدر الرئيس للثروة والتحديث وتوليد فرص العمل، يحتم عليها القيام بواجباتها الاجتماعية وفقا للمفاهيم الحديثة، كما أن التطورات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية في عصر يتسم بالتغير السريع تحتم عليها ذلك أيضا.
تعد الأخلاق (Ethics) ركنا مهما وأساسيا من الأركان التي تقوم عليها المجتمعات، فهي في مفهومها ودورها في البناء الاجتماعي تتجاوز دور الموجه والضابط على الصعيد الشخصي إلى الدور الموجه والضابط على الصعيد الاجتماعي العام، وقد حضت جميع الديانات السماوية على مكارم الأخلاق والتعامل النزيه والشفاف بين الناس. كما تلعب الأخلاق فيها دورا كبيرا في تغيير سلوك الإنسان، وسلوك الإنسان هو محور التغيير في هذا الكون.
يعد مفهوم أخلاقيات الأعمال من المفاهيم القديمة والتي حث عليها الدين الإسلامي الحنيف، كما يسهم التاريخ والتقاليد والأعراف والثقافة القومية والوطنية والتكوين القبلي والعائلي وظهور الجماعات المرجعية والقادة والأحزاب السياسية ووسائل الإعلام وتطورها والخبرة العلمية والعملية للمجتمع، في تشكيل أخلاقيات الأعمال في أي مجتمع من المجتمعات
وأخلاقيات العمل هي الإطار الشامل الذي يحكم التصرفات والأفعال تجاه شيء ما ، وتوضح ما هو مقبول أو صحيح وما هو مرفوض أو خاطئ بشكل نسبي في ضوء المعايير السائدة في المجتمع بحكم العرف والقانون ،والذي تلعب فيه الثقافة المنظمة والقيم وأنظمة المنظمة وأصحاب المصالح دورا أساسيا في تحديده ، ونفس الأمر ينطوي على مفهوم المسؤوليات الأخلاقية والمتميزة ،فالمسؤوليات الأخلاقية تشمل سلوكا متوقعا يتجاوز الالتزامات القانونية والمسؤوليات المتميزة تشمل سلوكيات محددة سابقة للفعل لحماية رفاهية المكونات الرئيسية ،فإدراك المسؤوليات الأخلاقية والمتميزة للأعمال ليس لديها التزامات بيئية وقانونية ، فالأعمال ليست مسؤولة فقط عن مالكيها ولكن عن موظفيها وزبائنها والمجتمع بشكل عام ،إضافة إلى مجاميع أخرى ونتيجة
لذلك فإن زيادة الأرباح يجب أن تكون الهدف الوحيد للأعمال ويجب أن تسود القناعة بأن الأموال المحولة إلى أفعال اجتماعية في المدى القصير سينتج عنها تحسينات في المجتمع تجعل من السهل بقاء الأعمال والتمتع بأرباح طويلة الأمد
يستند مفهوم المسؤولية الاجتماعية على المشاركة في نشاطات اقتصادية ذات طبيعة مستدامة، تتجاوز المتطلبات القانونية التي تعمل على حماية رفاه الموظفين والمجتمع ككل والبيئة، وبشكل استراتيجي يؤدي خلق منافع مادية ملموسة للمنظمة، وبالتالي القدرة على تمويل المشاريع أو المبادرات ذاتيا وبنفس الوقت الحد من اعتراض المساهمين بشأن تبديد ثرواتهم وتتضمن المسؤولية الاجتماعية التأكيد على عناصر الاستدامة البيئية والبشرية،
فالاستدامة البيئية تتضمن استخدام الأفكار العلمية التي تعمل على الحد من الآثار البيئية الضارة لعمليات المنظمة، والاهتمام بالقضايا الكونية كتناقص الموارد والطاقة غير المتجددة والتعامل من النفايات الناتجة عن عمليات التصنيع والاستهلاك، أما الاستدامة البشرية فتقوم على أساس خلق أجواء عمل صحية وعادلة للموظفين، وتطوير قدراتهم ومهاراتهم وتضيف المنفعة لذوي العلاقة من عملاء وموردين وأعضاء المجتمع الآخرين
ويشير تعريف المسؤولية الاجتماعية إلى أنه التزام الشركة تجاه المجتمع الذي تعمل فيه، وذلك عن طريق المساهمة بمجموعة كبيرة من الأنشطة الاجتماعية والسلوك الأخلاقي، الذي يرتبط بقضايا التلوث البيئي ومحاربة الفقر والبطالة والتضخم وتحسين الخدمات الصحية، وخلق فرص عمل وحل مشكلة الإسكان والمواصلات وغيرها، وتنشأ المسؤولية الاجتماعية في هذا الجانب من قيام منظمات الأعمال بتنفيذ واجباتها تجاه المجتمع.