استراتيجيات تخفيف الفساد

استراتيجيات تخفيف الفساد

المغرب اليوم -

استراتيجيات تخفيف الفساد

بقلم : الدكتور عادل عامر

يشكّل الفساد الحكومي الحادّ والمنظّم عاملاً في كل هذه الأحداث. مع ذلك، وعلى الرغم من الترابط الملحوظ بينها، غالباً ما يتم تجاهل الدور الذي يمكن أن تلعبه هذه الظاهرة في مفاقمة انعدام الأمن الدولي.
يعتبر الفساد في العادة خللاً وانحرافاً، أو اهتراءً في حواشي نظام ما، أو علامة على فشل النظام في أسوأ الأحوال. وبالتالي، تكلّف وكالات المعونة والجهات الفاعلة المحلية في المجتمع المدني بمهمة وضع الحلول، حيث تهدف جهودها المضنية إلى تحقيق نجاحات صغيرة وملموسة. تركّز هذه التدخّلات على معالجة أوجه القصور التقنية أو بناء القدرات.
يعتبر الفساد، في طائفة من البلدان في أنحاء العالم كافة، هو النظام بحد ذاته. فقد تم تغيير أغراض الحكومات لخدمة هدف ليس له علاقة تذكر بالإدارة العامة: الثراء الشخصي للشبكات الحاكمة. وهي تحقّق هذا الهدف بشكل فعّال تماماً. وقد يكون عجز القدرات وأوجه القصور الأخرى جزءاً من الطريقة التي يعمل بها النظام، بدل أن تكون مؤشّراً على انهياره.
توحي هذه الديناميكية الهيكلية، إضافة إلى الارتباط القوي بين الفساد الحادّ وبين انتهاكات الأمن الدولي، بأن الفساد قد يكون مشكلة تنطوي على مخاطر أعلى مما كان يُعتقد في العادة. ولذا يبدو أن صنّاع السياسة الخارجية والدفاعية، إضافة إلى الشركات متعدّدة الجنسيات، في حاجة إلى إدخال الاهتمام بالفساد في صلب عمليات اتخاذ القرارات الخاصة بهم.
لكن الحكومات الغربية والجهات الفاعلة التجارية الرئيسة، ليست مهيأة في الوقت الراهن للاستجابة بهذه الطريقة الشمولية. فالمعلومات الخاصة بتنظيم وممارسات الشبكات الكليبتوقراطية وهيكلها الوظيفي في البلدان الرئيسة لا يتم جمعها بصورة منتظمة. كما أن الفساد ليس على أجندة التبادلات والتفاهمات الثنائية رفيعة المستوى.
ونادراً ما يكون الخبراء والإدارات المتخصّصة التي تعمل على هذه القضية حاضرة عند اتّخاذ القرارات الحاسمة. فهم لا يحصلون على الموارد الكافية حتى لتنفيذ المهام الهامشية نسبياً التي تم تكليفهم بها. كما أن قلّة العلاقات أو نماذج التعاون تحول دون إيجاد وسائل بارعة أو مبتكرة لتعزيز أولويات مكافحة الفساد وبالتالي يسود نهج كل شيء أو لا شيء.
فالفساد يشوه البنى الاجتماعية والنسيج الاجتماعي من خلال صعود الاقلية على حساب الأكثرية وبشكل غير متكافئ الأمر الذي يؤدي الى حدوث تحولات سريعة ومفاجئة في التركيبة الاجتماعية الامر الذي يكرس التفاوت الاجتماعي وتراجع العدالة الاجتماعية نتيجة لهيمنة اشخاص على ثروات ومقدرات الوطن مما يؤدي الى تدني المستوى المعيشي لأغلبية افراد المجتمع الذي يدفع البعض منهم الى ارتكاب الجرائم وبالتالي تعطيل قوة فاعله بالمجتمع
 ان اخطر ما ينتج عن الفساد بهذا الصدد هو الخلل الذي يصيب اخلاقيات العمل والقيم الاجتماعية وغالبا ما يميز الفساد سلوك الفرد ويجعله يتعامل مع الاخرين بمادية وتغليب المصلحة الذاتية من دون مراعاة للقيم الاجتماعية التي تدعو الى علو المصلحة العامة الفاسدون عندما يتمتعون بحماية الشركاء ويدسون على القيم ويتبجحون بالأكاذيب الاعلامية التي تساندهم على كل باطل لقد تجاوز الفاسدون كل مدى ولكن الرادع غير موجود لم نشاهد يوما فاسدا وراء القضبان مع كثرهم ولم نسمع عن التشهير بفاسد الكل يتحدث عن الفساد واولهم من ابدع في الفساد
ومن هنا نطلب من جميع شرفاء الوطن رص الصفوف والتكاتف والاستعداد ودفع الثمن مهما كلف من ثمن لا بعاد الفاسدين ومنعهم من الوصول الى مواقع المسؤولية وخاصة من نحن نختارهم كشعب عن طريق الانتخاب لانقاض الوطن ومؤسساته من فسادهم وشرورهم
 السكوت عن الفاسد اسوء بكثير من الفاسد مهما علا شانه وكل من يحترم الفاسد ويبجله ويصفق له فهو فاسد ومشارك بالجرم وفي عرف الرجال كما يقال لا يعطى عروس ولأتأخذ ابنته اذن فمن يصاهر نذل فاسد عديم المرؤة والشرف والرجولة والاخلاق
من الأهمية البالغة وضع منهج شامل. فالتدابير قصيرة المدى التي لها آثار فورية يجب أن تكملها تدابير وقائية مع الحزم في الإنفاذ. ويقدم التقرير إرشادات عملية لصناع السياسات، مبنية على منظور الصندوق تجاه مساعدة أعضائه على تصميم الإصلاحات الاقتصادية وتنفيذها، بما فيها استراتيجيات مكافحة الفساد
الشفافية مطلب أساسي: يتعين أن تعتمد البلدان المعايير الدولية لشفافية المالية العامة والقطاع المالي. ونتيجة لحصة الصناعات الاستخراجية النسبية في كثير من الاقتصادات، تكتسب الشفافية في هذا القطاع على وجه الخصوص أهمية بالغة. كذلك يتعين أن تدعم الحكومات المعايير الدولية لشفافية ملكية الشركات. ولحرية الصحافة كذلك دور رئيسي في الكشف عن ممارسات الفساد.
من أجل تعزيز سيادة القانون، يجب أن يكون هناك تهديد مؤكد بالملاحقة القضائية. وعملية الإنفاذ يجب أن تستهدف القطاع الخاص كذلك. ويجب، في حالات معينة، إنشاء مؤسسات متخصصة جديدة عندما تكون المؤسسات الموجودة بالفعل فاسدة. ويجب وضع إطار فعال لمكافحة غسل الأموال لتقليل غسل عائدات الفساد إلى أدنى حد.
الإفراط في التنظيم يولد البحث عن الريع الذي يُخصص بناء على تقدير المسؤولين العموميين ويجب القضاء عليه. فإلغاء القيود التنظيمية والتبسيط هما حجر الزاوية في استراتيجيات مكافحة الفساد بكفاءة. ومع هذا، فوضع إطار مؤسسي كاف في البداية يمثل مطلبا ضروريا عند التحول من الأسواق الاحتكارية الخاضعة لسيطرة الدولة (الاقتصادات الصاعدة في شرق أوروبا). يتمثل فيما تقوم به الشركات الوطنية أو الشركات الأجنبية من استغلالٍ بشعٍ لتفشي البطالة في المجتمع واستغلالها لليد العاملة وتسويق المنتجات وإظهار نموٍ اقتصاديٍ زائفٍ يتمثل في نشاطاتٍ تجاريةٍ وصناعيةٍ وزراعيةٍ غير حقيقيةٍ، واستثماراتٍ كاذبةٍ، الأمر الذي ينعكس سلبًا على الخطط والسياسات المرسومة وبرامج التنمية الموضوعة والتي قد توضع أصلا منسجمة مع مصالح فئاتٍ معينةٍ وشركاتٍ محددةٍ، وكذلك الجرائم الاقتصادية التي تقوم بها (مافيات) الشركات المتعددة الجنسيات. من المعروف إن المال العام له أهميةٌ كبرى وهو العمود الفقري للدولة، وهو العنصر الأساسي الفاعل والمؤثر في الحياة، ويقصد بالفساد المالي كافة التعاملات المالية والاقتصادية التي تهدر المال العام بدون فائدةٍ أو لصالح فئةٍ معينةٍ، أو جرائم الاختلاس سواء كانت اموالًا نقديةً أو ممتلكاتٍ للدولة مما يؤدي لأكل أموال المجتمع والناس بغير حق.
يقتضي الأمر وضع إطار قانوني واضح. ومع هذا، فلا جدوى من وضع أفضل الأطر ما لم تُطَبَّق. والتطبيق يعني وجود مؤسسات فعالة. وعلى وجه الخصوص، يتمثل أحد الأهداف الرئيسية في تطوير كادر من المسؤولين العموميين الذين يتسمون بالكفاءة ويتمتعون باستقلاليتهم عن التأثير الخاص والتدخل السياسي
 ويفخرون بهذه الاستقلالية. إن ارتفاع مؤشرات الفساد في مجتمع ما يدل على تدني أو غياب الرقابة وضعف سلطة القانون وغياب أو إهمال التشريعات، وقد ينشط الفساد نتيجةً لضعف المعايير والأسس والقوانين التي تنظم المجتمعات وعدم تطبيقها، وحلول المصلحة الفردية أو مصلحة مجموعة معينةٍ ما، واستغلال المنصب الوظيفي وموارد الدولة من أجل تحقيق ذلك على حساب الدور الأساسي للحكومة المعنية مما يلغي مبادئ العدالة وتكافؤ الفرص وسمات الجدارة والكفاءة والنزاهة في شغل الوظائف العامة.
 وأخيرا، للقيادة دور أساسي حاسم. فيجب أن يكون القادة أنفسهم أمثلة يُحتذى بها وأن يضمنوا اتخاذ إجراء حاسم عند الحاجة. يعتبر الفساد من الآفات الخطيرة التي تستشري في بعض المجتمعات، وقد انتشر هذا الداء في كثير من دول العالم كانتشار النار في الهشيم وكذلك في عالمنا العربي، وصار كمرضٍ سرطانيٍ يتفشى في مختلف مجالات الحياة زارعًا الفشل والتراجع وواضعًا العصي في عجلات التقدم والتنمية، مما ساهم في تراجع وتقهقر البلدان وتخلفها في مختلف المجالات.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

استراتيجيات تخفيف الفساد استراتيجيات تخفيف الفساد



لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 03:25 2018 الخميس ,11 تشرين الأول / أكتوبر

بدران يؤكّد أن "الكاكا" تخفض مستوى الدهون في الدم

GMT 09:31 2018 الأربعاء ,11 تموز / يوليو

استراتيجيات تخفيف الفساد

GMT 16:44 2018 الثلاثاء ,08 أيار / مايو

نجاة أحمد شوبير من حادث سيارة

GMT 00:11 2018 الأحد ,15 إبريل / نيسان

اغتصاب فتاة "صماء" وحملها في الدار البيضاء

GMT 05:48 2018 الثلاثاء ,10 إبريل / نيسان

أفضل الطرق لتثبيت مساحيق التجميل على البشرة

GMT 18:30 2018 الثلاثاء ,03 إبريل / نيسان

جمهور الكوكب المراكشي يطالب بإبعاد عاطيفي

GMT 10:17 2018 الجمعة ,02 شباط / فبراير

رحمة حسن في إطلالة طبيعية تنال إعجاب جمهورها

GMT 06:04 2018 الإثنين ,29 كانون الثاني / يناير

فندق "Desa Atas" من الأماكن الساحرة في جزيرة بالي
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya