الدار البيضاء - محمد خالد
لا يمكن أن يجادل أحد في أن الميدالية البرونزية التي أحرزها العداء المغربي عبد العاطي إيكيدير في بطولة العالم الأخيرة التي أقيمت بالعاصمة الصينية بكين، إنجاز هام وكبير، لسببين أساسيين، أولهما أنها أنقذت ماء وجه ألعاب القوى المغربية في هذه البطولة، وثانيهما أنها أنهت صيام مغربي عن الصعود إلى منصات التتويج في البطولات العالمية دام لسبع سنوات.
إنجاز إيكيدير يستحق التنويه أيضا لأنه جاء أمام عدائين أقوياء، منهم من كان مرشحا للتتويج بالذهب كالجزائري مخلوفي، فالعداء المغربي قدم سباقا بطوليا ذكر كل متتبعي ألعاب القوى بالسباقات الملحمية للأسطورتين، سعيد عويطة، وهشام الكروج، إذ لولا سوء الحظ لربما كان إيكيدير قد طوق عنقه بالذهب.
غير أن هذا التتويج المستحق لعداء برهن خلال السنوات الأخيرة أنه الخليفة الشرعي للكروج في سباق 1500 م، لا يجب أن يحجب عنا قتامة الصورة بالنسبة للمشاركة المغربية في هذه البطولة العالمية، لأنها لم تكن في المستوى المأمول، إذ من غير المقبول أن يشارك المغرب الذي يعد من الأمم الرائدة تاريخيا في ألعاب القوى العالمية، وصاحب أكبر رصيد من الميداليات العربية في البطولات العالمية، بـ 27 عداء وعداءة، دون أن يتمكن من تحقيق سوى ميدالية يتيمة.
ومما يثير المخاوف أيضا بخصوص ألعاب القوى الوطني ويطرح أكثر من علامة استفهام حول مستواها، أن أغلب العدائين والعداءات الذين شاركوا في دورة بكين، عجزوا عن بلوغ السباقات النهائية، اللهم فئة قليلة منهم، ما يؤكد أن الهوة لازالت بعيدة جدا بين العدائين المغاربة الذين يسيطرون إقليميا وعربيا، وبين المستوى العالمي الذي يتطلب تخطيطا دقيقا وعلميا.
وبات الاتحاد المغربي لألعاب القوى، مطالبا بوضع تشريح شامل ودقيق لوضعية هذه الرياضة، من أجل تكوين أبطال قادرين على مجابهة أقوى الأمم في رياضة " أم الألعاب" واستعادة الهيبة المفقودة بعد اعتزال نجوم كانت أسماؤهم تثير الرعب في نفوس المنافسين، كالكروج وعويطة ونوال المتوكل ونزهة بيدوان وخالد السكاح وصلاح حيسو وإبراهيم بوطيب ...
إن سياسة التطبيل والتزمير التي ينهجها الاتحاد المغربي من خلال الإشادة بالمشاركة الوطنية في دورة بكين، يمكن اعتبارها إيجابية، إذا ما اعتبرناها تشجيعا للعدائين الذين شاركوا في هذا المحفل العالمي، على البذل والعطاء والاجتهاد خصوصا أن الألعاب الأولمبية ريو دي جانيرو على الأبواب، لكن هذه الإشادة والتشجيع يجب أن تكون مرفوقة بالعمل الجاد خصوصا على المستوى التقني، على اعتبار أن الهاجس المادي ليس مطروحا في الوقت الحالي، في ظل ما يوفره رئيس الاتحاد عبد السلام أحيزون من موارد مالية مهمة لهذه الرياضة، لهذا وجب الأنتباه وعدم السقوط في أخطاء الماضي، حتى لا تكون برونزية إيكيدير الشجرة التي تخفي غابة المشاكل التي تعاني منها ألعاب القوى الوطنية.