انزياح

انزياح

المغرب اليوم -

انزياح

بقلم - يونس الخراشي

المفروض في الإعلام الرياضي أنه وجد ليهتم بالرياضة، لا بمشاكل الرياضة، وبالمشاكل التي تقع للرياضيين خارج الملاعب، على أن المشاكل تبقى ثانوية، ويمكن أن تكون "شيئا من ضمن" ما يمكن أن يركز عليه الإعلام الرياضي، لتكتمل الصورة، لا أن يكون هو الصورة.

المسؤف أن الإعلام الرياضي صار يهتم بكل شيء يخص حياة الرياضيين، ومشاكل الجمعيات الرياضية، والهوامش، فيما الجانب الرياضي هو المغيب الكبير، بحيث صارت الآية معكوسة تماما، وصرنا أمام مشهد غريب جدا، لرياضة نغرق في مشاكلها، ولا نعيش مشاهدها المؤثثة بانشاط، والحركية، والعرق، والإنجازات، وحتى الكبوات.

وهكذا، فإنك ستجد، يا للأسف، مقالات في الصفحات الأولى تتحدث عن مشاكل الرياضة والرياضيين، قد تكون عبارة عن جنح، أو جرائم، أو استعصاءات، في حين لا تجد للجانب الرياضي مكانا، إلا في حالات استثنائية، حين يكون الإنجاز الرياضي كبيرا جدا، من قبيل فوز فريق ما بكأس قارية أو بطل ما بمسابقة عالمية كبيرة جدا.

في وقت سابق، وكنا بصدد الدخول إلى عالم الصحافة الرياضية، وجدنا من يطلب منا التالي:"اهتموا باللاعبين؛ أي الرياضيين، واتركوا جانبا المسرين ومن على شاكلتهم". وهكذا وجدنا أنفسنا في ركاب الرياضيين، بملاعب التداريب، وفي معسكراتهم، نتتبع الصغيرة والكبيرة، حتى أصبحنا نعرف أشياء لم تخطر لنا على بال.

ومن هناك وجد التخصص، إذ صرت تعرف أن الإعلامي الفلاني "خبير" بلعبة الدراجات، والآخر لديه خبرات مهمة في ألعاب القوى، وغيره في الكرة الطائرة، وذلك في منتخب الشبان، وهكذا، بما يجعل المتتبع يشعر بالشغف للمقالة، فتراه ينتظر على أحر من الجمر ورود اسمك، ليقرأ، ويتجاوب.

وكانت مقالات محمد معتصم، المختص في الدراجات، جزءا مثيرا جدا مما يصدر في يومية "الصباح"، قبل 12 سنة من اليوم، فتجدنا، ونحن زملاءه، نتتبع ما يكتبه، لعلمنا أنه سيتحفنا بالتفاصيل، ويمدنا بما يجعلنا نفهم، وكأنه بذلك يكوننا في كل صغيرة وكبيرة لها صلة بسباق الدراجات، وطواف المغرب.

وهكذا الشأن مع غيره، فتجد مقالا لمنصف اليازغي، الدكتور في العلوم السياسية، حول أنواع الكرات التي يستخدمها أولمبيك أسفي في التداريب، ولم يستخدمها، مما يثير استغراب القارئ، ويدعوه إلى الإعجاب الشديد، بل وإلى طلب المزيد في هذا الجانب الذي كان غير معلوم لديه إلى ذلك اليوم.

وتجد مقالات لزملاء آخرين، في يوميات أخرى، عن تداريب رياضيي الكرة الطائرة، أو ألعاب القوى، أو السباحة، أو غيرها من الأنواع الرياضية، فلكأنه إزاء تكوين عجيب، يجعلك صحافيا في المستوى، أو على الأقل قارئا جيدا، يصعب عليك أن تستتفهه بمقالات لا صلة لها بالرياضة إلا من بعيد.

وحين كنا نهتم بالمنشطات المحظورة في الرياضة، وهذا نوع من المشاكل التي تتخبط فيها رياضتنا من زمان، لم يكن ذلك للإثارة وحسب، مع أن الإثارة من المكونات الأساسية للخبر، بل لبحث الموضوع من جميع أطرافه، ووضع القارئ إزاء كل خباياه، حتى يكون اهتمامه في محله، وعن بينة من الأمر.

سؤال:"من يا تراه يعرف اليوم كيف يتمرن العداؤون في الجبل؟ من يا تراه يعرف خبايا الكرة الطائرة؟ من يا تراه يدرك خبايا الكرة الحديدية؟ من يفهم في تمارين كرة القدم، ويواظب على حضور تداريب فريقه المفضل، عساه يستشف الطريقة التي سيلعب بها نهاية الأسبوع، ويقدم للقارئ مقالا جميلا، وجذابا؟
الأغلبية، اليوم، تركز عملها على الرياضي حين يقول كلاما غير متزن، أو يخونه التعبير، أو على رئيس لدية مشكلة في المحكمة، أو رياضية تواجه قضية نزع مليكة، أو مدرب في صراع مع زوجته، أو رياضي في سهرة ماجنة، أو شريط منسوب لرياضي أو رياضية فيه إثارة كبيرة، وسيثير الزوابع.

أكرر، للرياضة مشاكلها، ككل مجال. وهذا يستدعي المتابعة، بما أن القارئ سيهتم. ولكن ليست الرياضة هي مشاكل الرياضية، التي غرق فيها الإعلام، حتى صارت هي الشأن الرياضي، وحتى صار الصحافي الجيد هو من يخبر القانون، وكأنه قانوني، أو يخبر مشاكل القضاء، وكأنه صحافي حوادث، أو يخبر مشاكل الليل، وكأنه ظلام الليل.

ليس لدي شك بأن الظروف التي يعمل فيها الصحافي الرياضي سيئة للغاية، وأنها أسمهت في هذا الابتذال. فحين تجد نفسك، مثلا، وأنت في منافسة دولية عظمى، كبطولة العالم لألعاب القوى، أو مونديال الكرة، أو الألعاب الأولمبية، فريدا وحيدا شريدا، يتملكك الأسف، لأنك لن تستطيع أن تؤدي كل ما عليك.

وما الذي عليك حينها؟

أن تنقل كل شيء للناس. ليس ما هو رياضي بحث وحسب، بل وما يحيط بما هو رياضي، بثقافيه ومجتمعيه واقتصاديه وجغرافيه، وتاريخيه، وهو ما يتطلب فريقا، وليس صحافيا ومصورا. فأي جريدة مغربية، أو مؤسسة إعلامية، تراها ضحت بمالها وابتثعت لمنافسة عظمى فريق عمل؟ ولا واحدة، ولا مرة، ولا شيء. 

أليس هذا انزياحا آخر يا يونس؟ ألا يليق بك، وبزملائك، العودة إلى الملاعب؟

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

انزياح انزياح



GMT 14:13 2019 السبت ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

نهاية شهر العسل

GMT 11:30 2019 السبت ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

البطولة المنسية

GMT 10:48 2019 السبت ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

جنون الريمونتادا

GMT 18:23 2019 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

يا آسفي علينا !!

GMT 19:54 2019 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

الشيخ كومارا استثناء والبقية في مهب الريح

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 19:06 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

حظك اليوم الأربعاء 2 كانون الأول / ديسمبر لبرج الأسد

GMT 10:35 2016 الأحد ,02 تشرين الأول / أكتوبر

ندوة حول "أطفال الشوارع" في مركز "عدالة ومساندة" الأحد

GMT 19:42 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

باتشوكا المكسيكي يقصي الوداد من كأس العالم للأندية

GMT 20:05 2017 الإثنين ,30 كانون الثاني / يناير

إيسكو يلعب عددًا بسيطًا من المباريات مع ريال مدريد

GMT 04:56 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

عطيل عويج يُبيّن سبب تعاقده مع فريق الفتح المغربي

GMT 03:00 2015 الأربعاء ,23 كانون الأول / ديسمبر

مطاعم مراكش بديكوراتها الجديدة تستقبل العام الجديد 2016

GMT 07:25 2015 الإثنين ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

عصابة مدججة بالسيوف تحاول اغتصاب فتاة وسط الناظور

GMT 02:13 2018 الخميس ,19 إبريل / نيسان

الصين تكشف عن دورات مياه جديدة ذات تقنية عالية

GMT 09:34 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

"المرسيدس" من أغرب الفنادق في ألمانيا

GMT 04:02 2017 السبت ,23 كانون الأول / ديسمبر

وائل جسار يستقبل العام الجديد بأغنية "سنين الذكريات"

GMT 17:34 2017 الأربعاء ,06 كانون الأول / ديسمبر

إيران تواجه الجزائر استعدادًا لمباراة المغرب

GMT 05:34 2017 الأربعاء ,06 كانون الأول / ديسمبر

بغداد صباح الجمعة
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya