من نيامي إلى رادس2

من نيامي إلى رادس..(2)

المغرب اليوم -

من نيامي إلى رادس2

بقلم : محمد إبراهيم

لا أقوى على تنظيم أفكاري باسترسال الآن....
ما إن انتهيت من سرد ما جرى في رحلة نيامي ولومومباشي، حتى تذكرت واقعة مضحكة جدا حين تُسرد اليوم، ولكنها مؤلمة وقاسية لمن عاشها حينذاك...

ممارسات غريبة مترسخة في ثقافتنا، إحداها أن الملح وبول البشر يبطلان السّحر، وأعترف صادقا  أن إيماني ضعيف جدا بهذه المسلّمات، لكنني لا أجد بديلا في مرات كثيرة، وسط تخوف ووجل كبيرين مما يبقى لصيقا بموروثي، لأنخرط في التذكير برش الملح والتبول على أرضية الميدان هناك في الأدغال الافريقية، حين نشعر أنهم يغرقون شباكنا بسوائل غريبة، للحيلولة دون أن نزور عرينهم...

وهو ما كان، حين انتهى الشوط الأول بلومومباشي، فدخل أحد الكونغوليين الشباك التي من المفترض أن يحميها زهير العروبي في الشوط الثاني، وكان يفرغ قارورته داخلها، وتبعه أحد المكلفين بأمتعتنا يمطر ما يُسقى بملحٍ استقدمها من الفندق داخل جيوب سرواله الرياضي، ومن سوء حظه أن أعين الأول رصدته، وكان ذلك في غفلة من الجميع، ونحن نرتشف قهوتنا رفقة رئيس مازيمبي بالقاعة الخاصة لاستقبال الضيوف بقلب الملعب بين الشوطين..
اعتقله الكونغوليون واقتادوه الى مستودع ملابسنا بعد خروج اللاعبين لاستكمال الشوط الثاني، أذاقوه كل أنواع الضرب والتنكيل، وكان سؤالهم الواحد الأوحد: 
" ما هي طبيعة ذلك المسحوق الأبيض الذي قمت برشه على أرضية الملعب؟؟"
بكى المسكين كثيرا وهو يردد أنه فقط ملحٌ يستعمله المسلمون للطبخ وطرد النحس، لم يفهموا قوله، احتاج في تلك اللحظات العصيبة لمن يترجم ما يحكيه فلم يمهلوه، كان يصرخ ألما من الضرب المبرح، في وقت استغلوا صخب الملعب وضجيج الجمهور يزلزل المكان...

بقي على تلك الحال إلى أن  ملّوا من تعذيبه، فأدخلوه غرفة مظلمة بمستودع الملابس، وأحكموا إقفال بابها قبل مغادرة المكان...
دخلنا المستودع بعدها نرقص ونغني فرحا بنشوة التأهل، ونتوعد منافسينا بالمغرب : "وا البطولة وا حنا جايييييين...." 
لنتفاجئ بصديقنا يئن باكيا، ويحكي بحسرة وألم كبيرين عن ما وقع، وكيف أنه وُلد من جديد بالكونغو، فسبّ الملح ولعن المملحات، وأرغد وأزبد علينا جميعا  ومن أمره حتى قارب الممات....

ضحكنا وضحكتُ كثيرا، فبادرت بعناقه مواسيا، فهمس في أذني: لاش حابس الضحكة؟ خرجتي عليا أ خويا طلال، غضحك دابا مع راسك....

أدركت حجم معاناة صديقنا المعتقل قسرا طيلة أطوار الشوط الثاني، فلم أطلب منه بعد ذلك في أي وقت من الأوقات أن يرش الملح ولا أن يغدق علينا ببوله لإبطال السّحر وما شابهه، لأتفاجئ بمصور صحافي يرافقنا في إحدى محطات الأدغال الافريقية، وهو يتأبط كيسين صغيرين من الملح لطرد السّحر والسحرة، وتيقّنت أنه معتقدٌ قديم ومتجدّرٌ راسخ بعقولنا، وليس مجرد عادة عابرة، ولا طبعٌ غلب التطبع......
تذكرت المرحوم محمد عابد الجابري ونقده للعقل العربي.....

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

من نيامي إلى رادس2 من نيامي إلى رادس2



GMT 14:13 2019 السبت ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

نهاية شهر العسل

GMT 11:30 2019 السبت ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

البطولة المنسية

GMT 10:48 2019 السبت ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

جنون الريمونتادا

GMT 18:23 2019 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

يا آسفي علينا !!

GMT 19:54 2019 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

الشيخ كومارا استثناء والبقية في مهب الريح

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 19:20 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

حظك اليوم الأربعاء 2 كانون الأول / ديسمبر لبرج الجدي

GMT 06:36 2018 السبت ,08 أيلول / سبتمبر

تمتع بمغامرة فريدة في أجمل مدن "مولدوفا"

GMT 11:44 2017 الثلاثاء ,19 كانون الأول / ديسمبر

المؤجلات… موت التشويق

GMT 22:25 2015 السبت ,12 كانون الأول / ديسمبر

المانجو فاكهة النشاط والتفاؤل

GMT 15:47 2018 الثلاثاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

أفكار مميزة لتجديد حديقة منزلك بدون تكاليف في الشتاء

GMT 18:25 2018 الأربعاء ,27 حزيران / يونيو

لمسات بسيطة تضفي مزيدًا من الجمال على شرفات منزلك

GMT 05:02 2017 الجمعة ,29 كانون الأول / ديسمبر

شخص يضرم النار داخل مسجد أثناء صلاة العشاءفي شيشاوة

GMT 23:52 2017 الأربعاء ,27 كانون الأول / ديسمبر

متصرفو المغرب يعتصمون أمام وزارة المال في الرباط

GMT 14:10 2017 الأحد ,24 كانون الأول / ديسمبر

جريمة قتل بشعة تهزّ حي التقدم في الرباط

GMT 21:47 2017 الأحد ,17 كانون الأول / ديسمبر

إيقاف عداء مغربي لأربعة أعوام بسبب المنشطات

GMT 18:28 2017 الإثنين ,11 كانون الأول / ديسمبر

الرجاء يواجه الدفاع الجديدي في الرباط رسميًا

GMT 21:04 2017 الجمعة ,08 كانون الأول / ديسمبر

أولمبيك خريبكة يستعيد نغمة الانتصارات ويؤزم وضعية تطوان

GMT 20:54 2016 الإثنين ,14 آذار/ مارس

إنشاء 3 شواطئ صناعية في كورنيش مدينة الناظور
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya