بقلم :محمد عفري
استفقت من "حالة شرود"عابرة ، دخلتها مضطرا في زمكان ما،على خبر توقيف فوزي لقجع.استعدت شريط الـ"كان" وشريط كأسي "الكاف" و"عصبة الأبطال".أعدت مكرها مشاهدة المباريات الأربع التي خاضها المنتخب المغربي في مصر،لأني لم أشاهد منها إلا لقطات عند كل مساء،اقتناعا مني بأن اللاعبين المغاربة الذين خاضوا مونديال روسيا بطريقتهم وتنافسيتهم وبقيمة حصائلهم، لا يمكنهم أن يتعدوا عتبة دور المجموعات. كان ذلك تابتا لدي وترسخ أكثر حينما شدد ربان هذه "الجوقة"،رينار،قبل شهرين،على عدم ترشيح"أسوده "إلى أدنى أفق في الكأس القارية..
على الأقل، كان هذا الثعلب واقعيا ولم يسوّق لنا الوهم كما سوّقه لنا أشباه صحافيين ومحللين،مهللين ومطبّلين.لقد كان على علم بأن أهم لاعب واعد لديه،أشرف حكيمي،لاعب الريال سابقا ودورتموند،مصابُ وعلى عدم جاهزيته،ويزج به في رواق غير محله، أما الباقي من اللاعبين،من بنعطية العميد إلى بوطيب في دكة الاحتياط،فبالإضافة إلى عامل السن الذي نال منهم وأرغمهم على هجرة شبه جماعية إلى بطولات الخليج فقد افتقدوا إلى القدرة على التحمل(Endurance).
كان رينار مدركا تمام الإدراك مع من اشتغل و يشتغل،وفـَطِنا لما لديه من مقومات في موارده البشرية (اللاعبون)والتقنية والإدارية(الإدارة التقنية والجامعيون) وملما بسقف الأهداف التي رسم مع كل هؤلاء،ومستوعبا لحجم المؤثرات الإعلامية المحلية. لذلك كان لبقا حين أعاد النظر، أولا، في علاقته مع هذه المؤثرات بفكرة أفقية (عشاء باذخ على ضفاف أبي رقراق)، كما أعاد النظر في موقفه من البطولات الخليجية قبل أن يكون واقعيا في توقعاته لمسار المنتخب في "كان 2019"،ما يستشف منه أن هناك إرادة "جامعية" فوق إرادته في تدبير المنتخب، وإذا عدنا إلى مكانة حكيم زياش في المنتخب،وهو اللاعب الذي استبيح اسمه ليصبح شماعة الإخفاق في مصر، فإنها مكانة استوجبتها مطالب جماهيرية وإدارية كانت وراء ضمه إلى اللائحة، وهو الممارس في بطولة هولندية باردة والمرغم كما غيره من باقي اللاعبين على إجراء "كان" لأول مرة في الصيف وبعد مسار شاق ملؤه العياء بسبب موسم شاق من المباريات الأوروبية..
انتهى" الكان" بالنسبة للمغاربة واختفى فوزي لقجع من المشهد، كما لو أنه أقدم على ما فعله رئيس الاتحاد المصري ومن معه من استقالة.للأسف،لم ولن يجرؤ،كما لم ولن يجرؤ أحد منا أن يحدو حدو المحامي المصري الذي تقدم بشكوى إلى النائب العام يتهم فيها ورئيس الاتحاد المصري بتبديد المال العام من دون نتيجة تذكر.فما عسى اتهاماتنا أن تكون ونحن الذين أهدرت جامعتنا أموالا طائلة بلا هوادة و بلاحد،بل بأحلام على "الماكيط" فقط..
تيقّنت من أن توقيف لقجع مجرد خبر كاذب ،حسب بلاغ للجامعة الملكية لكرة القدم .استحضرت حضوره القوي والمتأرجح في كل المشاهد .داخل الكاف وخارجها، مع نهضة بركان في كأس الكاف ومع الوداد في كاس العصبة ،وخلال المجزرة التحكيمية التي عاشها الرجاء.من آخر مشاهده،استحضرت توقعه الطموح، عبر استجواب، إلى لقب قاري ثان. استحضرت أيضا دموع الحكم الأثيوبي باملاك تيسيما بعد نهاية نهائي الزمالك ونهضة بركان بخسارة فريق لقجع، كما مرت أمام أعيني أحداث لاعبين من بركان يشبعون مشجعا مصريا رفسا وركلا بالأرجل و لكما بالأيدي بعد نهاية نفس النهائي أمام مرأى الجميع دون أن تحرك الكاف ولا الاتحاد المصري أدنى ساكنا. استسلمت إلى أن الرجل وسط زوبعة، تتقاذفها سوء النتائج وحكامة التدبير المتنوع ،ستنتهي في الأدنى بمحاسبة .
أنا لا أقرأ هنا فنجان مستقبل لقجع بقدرما أقرأ طالع مستقبل منظومة الكرة المغربية التي استنزفت من المغاربة ملايير الدراهم ووافر الأوقات وارتهنت في النهاية إلى السراب..
توقيف لقجع أو عدمه لا يهم ،لأنه في الأخير مصير لا يبعد عن مصير الحكم الكاميروني (توقيف لمدة سنة)بعدما عبث بحقوق فريق الرجاء البيضاوي على رقعة الميدان ليحرمه من مواصلة التوهج في كأس قارية كانت في متناوله .الأهم هو أن يطلع علينا لقجع بمبررات موضوعية لهذا الإخفاق الباهض والصادم ، لأن حقنا في المعلومة مكفول.