نجح الرجاء في وضع حد لـ15 سنة من القطيعة مع الألقاب القارية، وتمكن من التتويج بلقب كأس "الكاف" على حساب فيتا كلوب الكونغولي، في مباراة بدا أنها ستتحول الى نزهة بعد إحراز عبد الإله الحافيظي هدف التقدم لـ"الأخضر"، لكن الأمور ازدادت صعوبة في منتصف الشوط الثاني، عندما ذوب فيتا كلوب الفارق، وصار متقدما بثلاثة أهداف لواحد، فقد خيمت المخاوف على الرجاويين، ومعهم ملايين المغاربة الذين ساندوا الفريق، لكن الإسباني خوان كارلوس غاريدو، حافظ على هدوئه ونجح في امتصاص الضغط واستهلاك الوقت، مستعينا بخبرة بعض اللاعبين، وعنفوان وعطش آخرين ممن تم الدفع بهم، والذين وظفوا طراوتهم البدنية وقاتلوا من أجل تتويج الرجاء.
لقد فاز الرجاء باللقب الإفريقي لأنه استحق ذلك، فقد كان مشوار الفريق في المسابقة إيجابيا، وحتى عندما كان يخيم عليه الشك في بعض الفترات، كان يعرف كيف يخرج من النفق، وكيف يعود إلى دائرة المنافسة.
لقد أسقط فوز الرجاء باللقب الكثير من الأوهام وبعث بالعديد من الرسائل لمن يهمهم الأمر.
1- في زمن مضى كنا نقول إن الرجاء في حاجة إلى الهدوء والاستقرار، وإلى العقلانية في التدبير واحترام التخصصات، بيد أن أصحاب المصالح وكتائب الشر كانوا يخرجون من جحورهم ليخلطوا الأوراق، ويعبثوا بالمصلحة العليا للفريق باسم حب الرجاء.
وهكذا، فما أن أصبح الفريق يدبر بعقلانية، وبحكمة وهدوء بعيدا عن "التحياح" حتى وجد الفريق إيقاعه الصحيح، بل إنه قام بتعاقدات معقولة لم تثقل ميزانيته والتفت لأبناء مدرسته ومنح لهم الفرصة كاملة، وها هي الحصيلة تكذب بائعي الأوهام.
2-عندما أعلن الرجاء على سبيل المثال تعاقده مع سفيان رحيمي، انهال العديدون ليس بالانتقاد، وإنما بالسب والشتم على مهندسي الصفقة، مرددين أن الرجاء أكبر من هؤلاء اللاعبين.
لكن رحيمي رد بقوة، وأثبت أنه منجم مواهب، بل إنه أحرز هدفين في مباراة ذهاب النهائي أمام فيتا كلوب، لا يحرزهم الا اللاعبون الكبار.
ما حدث مع رحيمي وقع مع آخرين، لكن "المية كذبت الغطاس"، وهي رسالة أيضا إلى عدم الحكم بشكل مسبق ، ورسالة أيضا إلى أن المكتب المسير والإدارة التقنية مدعوتان إلى عدم مسايرة الانفعالات والأهواء، فمسايرتها تقتل، وهو ما كان يحدث للرجاء في فترة سابقة، إذ كان يستغني عن اللاعبين والمدربين لامتصاص الضغط فقط وربح الوقت.
3- المال ليس كل شيء، إنه عصب كرة القدم، لكنه يحتاج إلى توظيف عقلاني وإلى ترشيد للنفقات، واختيارات صائبة بنسبة كبيرة، ولعلكم لاحظتم كيف أن المكتب الحالي للرجاء وقبله اللجنة المؤقتة، ثم المكتب الذي كان يقوده حسبان قد حقق نتائج طيبة جدا بالحد الأدنى من الإمكانيات، فقد أحرز الفريق لقبا لكأس العرش ولقب "الكاف" وينافس قريبا على لقب السوبر أمام الترجي التونسي، في مباراة قد تجرى بالدوحة وقد تنعش خزينة الفريق ماليا.
4- لابد من الصبر على المدرب ومنحه الفرصة كاملة، لقد كان عديدون وبدون سبب موضوعي أحيانا يهاجمون خوان كارلوس غاريدو، فقط لأن من جاء به هو سعيد حسبان.
اليوم ها هو غاريدو يتوج بلقب مهم جدا، وها هو يعيد الاعتبار للاعبين الشبان ولأبناء مدرسة الرجاء، ويقدم للفريق جيلا واعدا من اللاعبين، وها هو غاريدو يسدل الستار على مدربين أدمنوا إبرام 20 تعاقدا في الموسم.
5- على المكتب المسير أن يستثمر في فوز الرجاء بلقب "الكاف"، فالاستثمار في النجاح يكون مثمرا وفعالا، والأهم أن يحافظ هذا المكتب المسير على هدوئه و عقلانيته، وعلى علاقاته الطيبة بمختلف فعاليات الرجاء.
ألف مبروك للرجاء وللكرة المغربية..