بقلم : سعيد بلفقير
صفر الحكم، رفع يده عاليا معلنا النهاية والبداية، لم آر دمعا يهرق، ولا أنفاسا تتقطع، ولم أسمع صرخات فرح، فقط صمت بلا ملامح، وصورة العربي الزاولي.
تخيلته هناك يسند ظهره على القائم غير عابيء بالأيدي التي تمتد للمصافحة أو للعناق، غير مكترث بصرخات أحفاده وهم يجنون فرحاً، غير مبال بالتاريخ الذي زاد سطرا بلون البياض الأليم.
تخيلته هناك يأمر اللاعبين بالانصراف، اذهبوا بعيدا واحتفلوا، فأنا مشغول بالرحيل البعيد، تستحقون ذلك، فالحب يصنع الكرة، والطاس قصة حب لم ترو بعد كما يجب.
تخيلته هناك، يخفي دمعه القديم، يجلس سميرة الطفلة أمامه، يخبرها بأن الأمر كان يستحق كل المآسي، وكل التناسي.
يتحدث إلى سميرة ويذكرها بوعود الأزمنة البالية: اذهبي إلى الحي، أخبري آل باطما أننا قادمون ليلا لنحتفل، لا تنسي بوجميع وعمر وبؤاسا، وأخبري "كيرا" أن يجلب معه ضحكا كثيرا، ولا تنتظروني فأنا مازلت مشغولا بالرحيل البعيد.
تخيلته هناك يضحك خلسة، كي لا يراه أحد، ويصيح بصمت ويقفز ثابتا، يخاف أن تكون أضغاث أحلام، لأن أحلام الراحلين أكثر وجعا.
تخيلته هناك، يدير ظهره للجميع محبةً، ويمضي بخطاه الثقيلة، ينظر نظرة أخيرة، يسحب سميرة من يدها برفق ثم يهمس: حان وقت الرحيل.