بقلم - عزيز بلبودالي
تحفل أرشيفات وزارة الشباب والرياضة ووزارة التعليم بنسخ اتفاقيات عديدة وقعت بين الجانبين، تحمل بين سطورها أهدافا جميلة، من قبيل الاتفاق على التعاون والتنسيق بين القطاعين، من أجل العمل على تطوير الرياضة في الأوساط التعليمية والجمعوية وتشجيع التلاميذ على ممارسة الرياضة، وكذا التكوين والتأطير التقني والبيداغوجي وتحسين ظروف الممارسة الرياضية. وتزداد كمية الاتفاقيات التي توقع كل سنة، وفي كل مناسبة، لكن لا تكاد تمر على توقيعها أيام معدودات حتى ترمى في الأرشيف، بل بمجرد أن ينتهي حفل التوقيع، وبمجرد أن تنطفئ كاميرات التلفزة ويغادر الصحفيون والمصورون، حتى تتوارى تلك الاتفاقيات داخل رفوف مكاتب المسؤولين قبل ترحيلها للأرشيف.
نفس الأمر يتكرر لدى الهيئات المرتبة تحت قمة الهرم التسييري، حيث نجد اللجنة الوطنية الأولمبية، مثلا، ومعها الجامعات الرياضية، منخرطة كلها في موضة توقيع اتفاقيات تحمل نفس الأهداف ونفس المخططات مع الوسط التعليمي والتي تظل، بدورها، حبرا على ورق، موقوفة التنفيذ، إلا من رحم ربك من الجامعات التي تسهر فعلا على تتبع تلك الاتفاقيات وتعمل على تفعيل مضامينها.
ويتكرر الموضوع أيضا على مستوى الجماعات الترابية والأندية المحلية والجهوية والجمعيات الرياضية، التي تجد نفسها مضطرة إلى توقيع اتفاقيات شراكة مع الجامعات المحلية تحمل فعلا أهدافا وردية تحلم بواقع تتعاون فيه كل الأطراف المتفقة على تطوير الرياضة، وعلى مساعدة التلاميذ والطلبة وممارسي الرياضة المنتمين للجمعيات وللفرق المحلية على ممارستها وفق شروط سليمة ومحفزة على العطاء، إلا أنها أهداف تبقى مجرد مضمون مكتوب لا يخرج للواقع، وتظل تلك الاتفاقيات مجرد وثيقة تشرعن منحة الدعم المقدمة لتلك الجمعيات والفرق.
في كل مدينة، وفي كل قرية وفي كل ضاحية، مؤسسات تعليمية تتوفر على مرافق رياضية، يستغلها مدرسو التربية الرياضية طيلة أيام الأسبوع، لتغلق أبوابها يومي السبت والأحد، هذا في الوقت الذي تعاني فيه الجمعيات والفرق في إيجاد مرفق رياضي يحتضن أنشطتها، خاصة مع كل نهاية أسبوع. وهنا، لا نعلم كيف تغلق مرافق المؤسسات التعليمية أبوابها في وجه الرياضيين نهاية الأسبوع، مع وجود اتفاقيات شراكة تتضمن بنودا صريحة تلزم تلك المؤسسات بفتح أبوابها لفائدة الجمعيات والفرق المحلية؟ ولكم من مرفق وملعب صالح للممارسة الرياضية، كرة قدم، كرة السلة، كرة اليد، الكرة الطائرة، الجيدو، الكراطي، المصارعة، الملاكمة وغيرها من الرياضات الأخرى، لكنها تظل غير مستغلة في غياب إرادة الموقعين على تلك الاتفاقيات في تفعيلها وتطبيق بنودها. ويبدو وكأن الأمر فيه شيء من المؤامرة التي تجعل أبواب مرافق رياضية متوفرة بالمجان، مغلقة، الشيء الذي يدفع الجمعيات والفرق للجوء إلى فضاءات لا تفتح أبوابها إلا لمن يدفع، ومنها مثلا ملاعب القرب.
هي ملاعب غير مستغلة، صرفت من أجل إنجازها وإحداثها الملايين من الدراهم، لتتحول إلى فضاءات مهجورة، خاصة أيام العطل وعند نهاية كل أسبوع، بل منها من تحول إلى شبه حقل ومرعى للغنم والأبقار، وللدواجن تربى فيه وتتوالد في محيطه.
الوضعية أضحت تفرض إعادة النظر واهتماما من لدن القيمين على الشأنين التعليمي والرياضي، ومعهما المؤسسات المنتخبة، من أجل العمل على تفعيل كل الاتفاقيات المبرمة في هذا الاتجاه، فللطفل والتلميذ حق في ممارسة الرياضة، وللجمعيات والأندية حق في استغلال مرافق عمومية متاحة لكنها غير مستغلة.
غير مقبول أن تعيش مؤسساتنا التعليمية من جامعات ومعاهد ومدارس وثانويات، قطيعة مع الرياضة، بل قطيعة وعزلة مع محيطها الاجتماعي المحلي أوالجهوي، بل إن القانون نفسه أقر بضرورة انفتاح المؤسسات التعليمية على محيطها ودفعها إلى التفاعل مع مختلف مكوناته، حيث جاء في قانون رقم 07.00 بشأن إحداث الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.00.203 بتاريخ 15 من صفر1421 (19 ماي 2000)، بمنح هذه المؤسسات العمومية صلاحية القيام بمبادرات للشراكة مع الهيئات والمؤسسات الجهوية الإدارية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية بهدف إنجاز المشاريع الرامية إلى الارتقاء بمستوى التربية والتكوين بالجهة .
لحسن حظ رياضتنا، ولحسن حظ طلبتنا، أن هناك مدارس ومعاهد جعلت من الرياضة أحد أهم مكوناتها وأبرز محاور حياتها اليومية، بل هناك مؤسسات تعليمية تخصصت في البحث العلمي حول الرياضة، هو أمر محمود وجميل جدا لا يختلف اثنان حوله، لكن المطلوب حاليا، تشجيع الرياضة داخل المدرسة، وجعل ملاعب المؤسسات التعليمية قابلة للاستغلال وللممارسة الرياضية، والمفروض توطيد العلاقة بين المدرسة والثانوية أو الجامعة بالرياضة!