سقط سعيد حسبان في "المحظور" حين انكشفت الطريقة الملتبسة في تدبيره لمسألة الانخراط في نادي الرجاء الرياضي لكرة القدم، على إثر ما أضحى يسمى بـ"فضيحة الفيديو"، الذي تضمن واقعة تلقيه واجب الانخراط نقدا من شخص يسعى لتجديد انخراطه.
والسؤال المشروع والواجب طرحه في هذا السياق، هل يليق برئيس فريق في حجم وقيمة الرجاء العالمي أن يجلس مع منخرط داخل سيارة ليتحدث معه في موضوع تجديد انخراطه ويتولى عد المبلغ المالي الذي تسلمه منه ورقة.. ورقة؟!!.
وبما أن كل سؤال مشروع يفتح الباب على مصراعيه أمام مزيد من الأسئلة، لابد أن نطرح علامة استفهام كبيرة حول ما إذا كان فريق الرجاء يفتقد لمقر رسمي وإدارة ومساطر وآليات قانونية لتنظيم عملية الانخراط وتجديده، كما لا بد أن نتساءل حول السبب أو الدافع الذي جعل حسبان يتعامل مع حالة المنخرط المذكور بتلك الطريقة اللامقبولة؟؟؟.
هناك من راح يذكر الرأي العام الرجاوي بصفة خاصة، والرأي العام الرياضي الوطني بصفة عامة، ببعض الوقائع التي لا تمت على الإطلاق بأي صلة لواقعة "فضيحة الفيديو"، وتعود إلى سنوات خلت، كتوقيع بعض لاعبي الرجاء لعقود انتقالهم إلى فرق أجنبية في مقاهي أو داخل محطة للتزود بالوقود (...)، وذلك للتهوين والتقليل من خطورة "المحظور" الذي سقط فيه حسبان!!.
صحيح أنه من الضروري أن نضع في الاعتبار تفسيرات وتوضيحات ومبررات رئيس الرجاء لما حصل، لأننا أمام حالة تبدو "معزولة"، ولأن الفريق العريق والشامخ أصبح غير قادر بالمرة وإلى اليوم، على فتح حساب بنكي خاص به، وأن الظروف القاسية هي التي أملت التعامل بـ"ليكيد"، لكن كل ذلك لا يعني القبول بما وقع أو التقليل من خطورته ولو باستحضار مبدأ "النية الحسنة" ووجود "دافع- إكراه اجتماعي" في التعامل مع حالة المنخرط المذكور، بعدما استعصى عليه أداء واجب الانخراط بواسطة شيك بنكي.
لذلك، لا يهم إن كان "الفيديو" الذي خرج إلى العلن واطلع على مضمونه الرأي العام، مبتورا ويتضمن فقرات منتقاة بعناية، ومفصولة عن سياقها العام، بقدر ما يهم التساؤل حول ما إذا كانت تلك الطريقة هي الوحيدة المتاحة أمام سعيد حسبان لمعالجة حالة المنخرط الذي يريد أن يقدمه لنا في صفة من "سكت دهرا ونطق كفرا"!!.
سمعة الرجاء في غنى عن مزيد من التلطيخ والتشويه، لكن حسبان والمنخرط مفجر الفضيحة لم يضعا في الحسبان أن التعامل بمنطق "الإحسان" و"التودد" و"النية الحسنة"، المختلط بشبهة المكر والخديعة، لتدبير مسألة الانخراط أو تجديده، أو لتدبير أي قضية تنظيمية ومالية، أمر مرفوض ولا يليق بمكانة وقيمة نادي الرجاء الرياضي.
هناك مقر رسمي للرجاء، يضم إدارة وموظفين بمهام واختصاصات محددة، وهناك أكثر من إجراء إداري وقانوني يمكن من خلاله تنظيم العملية المالية بوضوح وشفافية، حتى لو تعلق الأمر بدفع واجب الانخراط نقدا نتيجة المأزق الذي يعانيه الرجاء في اعتماد حساب بنكي خاص به!!!.
لذلك، كان حريا برئيس الرجاء، أن يرسم مسافة فاصلة بينه وبين أي مقاربة غير مقبولة وغير قانونية، حتى يتجنب الشبهات، ويعطي الدروس في التعامل الشفاف مع كل مسألة تنظيمية، خصوصا أنه يعرف حق المعرفة، أن الوضعية الصعبة التي يعيشها الرجاء ماليا وتنظيميا، و"الإرث الثقيل" الذي ورثه، إضافة إلى المخاطر المحدقة به، تفرض عليه تجنب السقوط في "المحظور"، ليتفرغ بمعية شرفاء الرجاء والغيورين الحقيقيين، لمهمة تصحيح المسار وإعادة بناء ما هدم على المستوى الإداري والتنظيمي والمالي.
النادي يوجد اليوم في مفترق طرق، الفروع بعضها يكابر ويعاني الأمرين ليستمر في الصمود، لكن إلى متى، والبعض الآخر يحتضر، وهناك فروع اختفت من خريطة التنافس الرياضي، ورغم هذا الوضع التنظيمي الكئيب والمحزن والمؤلم لنادي الرجاء الرياضي "المتعدد الأنشطة الرياضية"، هناك متربصون وانتهازيون ووصوليون همهم الأول إلهاء الرجاويين بالفضائح تلو الأخرى، والإمعان في إلحاق مزيد من الفضائح والتخريب بمدرسة كبيرة وعريقة وتاريخية اسمها نادي الرجاء الرياضي!.
فرصة تصحيح مسار نادي الرجاء الرياضي قائمة، وحسبان الذي تولى المسؤولية في ظروف تنظيمية ومالية جد عصيبة، حتى إن الحساب البنكي للرجاء لم يكن يحتوي سوى على أقل من ألفي درهم، يمكن أن يلعب دورا هاما وتاريخيا، بمعية شرفاء الرجاء، في اتجاه لم شمل الأسرة الرجاوية الكبيرة وتحقيق المصالحة والبناء!.