مصر تقرؤكم السلام

مصر تقرؤكم السلام!

المغرب اليوم -

مصر تقرؤكم السلام

بقلم - عبد اللطيف المتوكل

قبل ساعات قليلة على مغادرتي أرض "الكنانة" مصر، انتابني إحساس بالفخر لطيبوبة وانسانية كل مواطن مصري، في الشارع والمقهى والفندق، وعلى ضفاف النيل هبة الله لهذا البلد العزيز، ورمز السخاء في العطاء، وفي كل مكان تمشي إليه راجلا أو راكبا سيارة أجرة.

قمت بعشرات الزيارات إلى "أم الدنيا"، على امتداد يقارب عقدين من الزمن، ومع ذلك في كل زيارة اكتشف أشياء جديدة، وأجدد الصلة بالأصدقاء والإخوة الأعزاء، وبالأماكن التي تشعر بابتهاجها وفرحها الأصيل وكأنها مقبلة عليك لتعانقك وتحتضنك بحرارة وحب جارف!!. 

مصر العروبة والقومية والإسلام، مصر الأهرامات والحضارة الفرعونية، مصر جامع الأزهر، ومعقل الأدب والفكر والفن والإبداع، مصر التجارب المرة والحلوة في مواجهة مخططات إسرائيل، وجرائمها في حق فلسطين، القضية التي اختلف حولها القادة والزعماء العرب في طريقة التعاطي معها لحفظ الحقوق التاريخية والشرعية وحماية القدس الشريف، وهويتها الإسلامية...

مصر طه حسين والعقاد والمنفلوطي والمازني وأمير الشعراء شوقي ونجيب محفوظ ويوسف إدريس ومحمد حسنين هيكل وعبد الحليم حافظ وأم كلثوم ومحمد عبد الوهاب و... و... 

لا يمكن أن تزورها إلا بشغف، ولا يمكن أن تودعها إلا بإحساس يميل إلى الحزن الممزوج بالثقة والأمل في أن الصلة ستتجدد مع هذه الأرض الطيبة وناسها الطيبين والبسطاء.

شهر من الإقامة، فيها متعة مواكبة كأس إفريقيا للأمم 2019، ومتعة القراءة والمطالعة والكتابة، ومشقة التنقل من مكان إلى آخر، بفعل شساعة القاهرة وحركة السير المزدحمة، للبحث عن المعلومة، ولقاء الأصدقاء وتجاذب أطراف الحديث معهم حول أجواء ال"كان"، ومبارياته، وأخباره وقضاياه.

مكانة المغربي في قلوب المصريين غالية، ما أن يعرفوا جنسيتك وهويتك حتى يردوا عليك وهم يرددون بتلقائية لافتة العبارة الجميلة والتي تحس بأنها نابعة من القلب، واتفقوا على النطق بها دون اتفاق مسبق:
"أعز الناس"!.
المغربي عندهم رمز للثقة والتواضع ونكران الذات وكرم الضيافة والشهامة.

عندما أقصي المنتخب المغربي من دور ثمن نهاية كأس إفريقيا للأمم في دورتها ال32، خيم حزن شديد على المصريين، حتى إن هناك من قال أحزنتمونا أكثر من حزننا على خروج منتخبنا، كنا نعرف أن هذا المنتخب تنقصه أشياء كثيرة وبالمختصر المفيد "ميش غايروح بعيد"!!. 

الإحساس بالحزن على الإقصاء المذل للمنتخب المغربي، تقرأه في ملامح كل من تلتقيه وتتحدث إليه، وهو يعيدك إلى الذكريات الجميلة، والتحسر على أيام جيل الزاكي والتيمومي والظلمي وبودربالة والبويحياوي وكريمو، فيخاطبك متسائلا: "لماذا لم تعودوا كما كنتم، ماذا وقع لكرتكم حتى أصبحت غير قادرة على إنجاب لاعبين من هذا الطراز الرفيع، حصل إيه.. وليه؟!".

في دورة مصر 2019، حضر الزاكي وبودربالة والتيمومي والنيبت وفرس، لا أحد خطط لهذا الحضور، لكن الأقدار الإلهية هي التي كانت وراء هذا التخطيط والحضور البديع لثلاثة أجيال مختلفة، جيل فرس (صاحب الإنجاز الوحيد للمغرب في كأس إفريقيا للأمم سنة 1976)، وجيل الزاكي وجيل النيبت.

وما أن ذاع وانتشر خبر تواجدهم في" قاهرة المعز"، حتى تقاطرت بكثافة الاتصالات، تسأل عن أماكن إقامتهم، ودعوات الاستضافة في القنوات التلفزيونية، ودعوات التكريم من مؤسسات حكومية ورياضية.

الزاكي حضر كمحلل لقناة "تايم سبورتس"، التي أنشأتها الدولة المصرية لتكون عنوانا في التغطية الاحترافية، فاستضافت إلى جانب الزاكي، كبار الأسماء الرياضية الإفريقية والعالمية، كدروغبا والحاجي ضيوف وايتو ومورينيو وفيغو، أما فرس فجاء في زيارة لتقديم كتاب سيرته الذاتية الذي ألفه عنه الزميل عبد العزيز بلبودالي، بينما حضور التيمومي وبودربالة والنيبت كان بمبادرة من الجامعة.

نجحت مصر في التنظيم، وفي عدم ترك أي شيء للصدفة، حازت إعجاب القاصي والداني، وهي تستضيف أول دورة تقام بمشاركة 24 منتخبا، ورفعت السقف عاليا ووضعت عبئا ثقيلا على أكتاف منظمي الدورات المقبلة... 

شكرا لمصر على حسن التنظيم والاستضافة، شكرا لأصدقائي وإخوتي الأعزاء الدكتور أشرف صبحي وزير الشباب والرياضة، والأستاذ أشرف محمود رئيس الإتحاد العربي للثقافة الرياضية، وأيمن بدرة وعبد القادر شريف...
دامت لكم الأفراح والمسرات.

استمروا في جعل الرياضة عمادا للبناء وتحرير العقول والتشبع بثقافتها، بانتصاراتها وانكساراتها، وبقيمها الكبيرة، قيم التعايش والتسامح والتآخي.

أطفالنا وشبابنا من المحيط إلى الخليج يجب أن يتربوا على هذه القيم ليعرفوا أن الرياضة تجمع ولا تفرق، وهي مدرسة في العمل والاجتهاد والالتزام والاحترام وقبول الآخر، ومدرسة في العلم والإبداع.
مصر تقرؤكم السلام !.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مصر تقرؤكم السلام مصر تقرؤكم السلام



GMT 14:13 2019 السبت ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

نهاية شهر العسل

GMT 11:30 2019 السبت ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

البطولة المنسية

GMT 10:48 2019 السبت ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

جنون الريمونتادا

GMT 18:23 2019 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

يا آسفي علينا !!

GMT 19:54 2019 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

الشيخ كومارا استثناء والبقية في مهب الريح

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 19:20 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

حظك اليوم الأربعاء 2 كانون الأول / ديسمبر لبرج الجدي

GMT 06:36 2018 السبت ,08 أيلول / سبتمبر

تمتع بمغامرة فريدة في أجمل مدن "مولدوفا"

GMT 11:44 2017 الثلاثاء ,19 كانون الأول / ديسمبر

المؤجلات… موت التشويق

GMT 22:25 2015 السبت ,12 كانون الأول / ديسمبر

المانجو فاكهة النشاط والتفاؤل

GMT 15:47 2018 الثلاثاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

أفكار مميزة لتجديد حديقة منزلك بدون تكاليف في الشتاء

GMT 18:25 2018 الأربعاء ,27 حزيران / يونيو

لمسات بسيطة تضفي مزيدًا من الجمال على شرفات منزلك

GMT 05:02 2017 الجمعة ,29 كانون الأول / ديسمبر

شخص يضرم النار داخل مسجد أثناء صلاة العشاءفي شيشاوة

GMT 23:52 2017 الأربعاء ,27 كانون الأول / ديسمبر

متصرفو المغرب يعتصمون أمام وزارة المال في الرباط

GMT 14:10 2017 الأحد ,24 كانون الأول / ديسمبر

جريمة قتل بشعة تهزّ حي التقدم في الرباط

GMT 21:47 2017 الأحد ,17 كانون الأول / ديسمبر

إيقاف عداء مغربي لأربعة أعوام بسبب المنشطات

GMT 18:28 2017 الإثنين ,11 كانون الأول / ديسمبر

الرجاء يواجه الدفاع الجديدي في الرباط رسميًا

GMT 21:04 2017 الجمعة ,08 كانون الأول / ديسمبر

أولمبيك خريبكة يستعيد نغمة الانتصارات ويؤزم وضعية تطوان

GMT 20:54 2016 الإثنين ,14 آذار/ مارس

إنشاء 3 شواطئ صناعية في كورنيش مدينة الناظور

GMT 10:44 2017 الثلاثاء ,10 تشرين الأول / أكتوبر

اللبنانية مايا نعمة تعيش قصة حب جديدة بعد طلاقها

GMT 05:05 2016 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

فوائد ماء الورد لمحاربة علامات الشيخوخة
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya