كيف نهزم الخوف

كيف نهزم الخوف

المغرب اليوم -

كيف نهزم الخوف

مباراة الأسود
بقلم: بدر الدين الإدريسي

كل الغضب الذي انتبانا ونحن نتنقل مفزوعين بين أشواط مباراة الأسود أمام المرابطون الشجعان لموريتانيا، والتي آلت إلى تعادل لا نختلف على كارثيته، لا يجيز لنا أن نعدم الأمل أو أن نصوب سهام النقد في اتجاه المدرب وحيد خاليلودزيتش أو أن نصدر بشأنه حكم قيمة، كأن نقول أن الرجل ليس رجل المرحلة، أو أنه لا يتطابق كليا مع المواصفات الفكرية والرياضية التي يجب أن يتمتع به من يقود الفريق الوطني في هذا التوقيت الحرج العامر بأسئلة الخوف من المستقبل. التعبيرات عن الغضب تختلف، وجميعها لا يمكن مصادرته، بل لا يمكن إطلاقا أن نعتب على من يطلق من صدره زفرات الأنين، إلا أن الأمر لا يمكن أن يصل لحد إدخال وحيد خاليلودزيتش إلى سلخانة لتقطيع جثته، فقد أخبرتنا التجارب التي مرت علينا ونحن نرصد شأن الفريق الوطني، أن كل من أتى لإدارة العرين في لحظات عصيبة كهاته، حيث يكون لزاما إخراج ومضة ضوء من حلكة الظلام، لا يمكنه أن ينجح سريعا في قلب الأمور رأسا على عقب، إنه يحتاج إلى وقت وإلى سكينة وإلى قلوب تحب الخير. لا يمكن قطعا أن نلوم وحيد خاليلودزيتش على أنه أسقط لاعبا على حساب آخر، لأنه في اعتقادي أدخل لمباراة موريتانيا التشكيل الذي يبدو من سياقات المرحلة وبإعمال معيار الجاهزية، على أنه التشكيل المثالي، حتى الولد سليم أملاح الذي رسمه لأول مرة ليقود إلى جانب سفيان أمرابط خط الوسط، بدا وكأنه لعب للفريق الوطني لمرات عدة، أعيدوا شريط الشوط الأول من المباراة، لتتأكدوا من أن سليم كان بالفعل عنصرا مؤثرا في وسط ميدان هو أكثر ما كنا نخاف على مصيره بعد رحيل رموزه ورجاله الأفذاذ، كريم الأحمدي وامبارك بوصوفة. ولا يمكن أن يسأل وحيد لوحده عن كم الفرص المهدرة، فآفة ضعف النجاعة ضربتنا منذ وقت طويل جدا، وإن سئل وقد يسأل وحيد لاحقا عن شيء، فإنه سيسأل بكل تأكيد عن الحلول التي أتى بها لإنهاء هذا الإحتباس التهديفي الذي يلازم الأسود، ولمعالجة هذا الشح في التهديف وعدم نجاعة كل البدائل التكتيكية الموضوعة لكسر هذا النحس. كان من الممكن أن نتغنى بالكثير من الفقرات الفنية والجمل التكتيكية التي صاغها الفريق الوطني في مباراة موريتانيا، ونقف مطولا عند قدرة لاعبينا على الإستحواذ على الكرة وسرعة افتكاكها من الخصم وعند قوة المد الهجومي، لو أن الفريق الوطني تملك ما لا غنى عنه في كرة القدم، النجاعة في إتمام العمليات الهجومية وتسجيل الأهداف، للأسف عندما تنتهى مباراة من جنس المباراة التي لعبناها أمام موريتانيا متعادلة بلا أهداف، بعد صناعة ما لا يقل عن 12 فرصة أكيدة للتهديف، وبعد أن يكون المنافس قد عجز عن تهديد مرماك ولو في مناسبة واحدة، فإن كل شيء يسوده بل ويغلفه السواد، فكيف نفرح بما لا يحقق السعادة؟ كيف نجرد حسنات الأداء والخواتيم كلها سلبية؟ أصفار عن اليمين وأصفار عن اليسار. طبعا ليس هناك ما يفرض أن نقيم مقارنة بين هيرفي رونار ووحيد خاليلودزيتش، ولو أن المنطق ومصلحة الفريق الوطني كانت تفرض أن نبحث بعد الإنفصال عن الثعلب رونار، عن رجل يستطيع أن يستثمر في إرثه البشري والتقني ويستطيع أيضا أن ينظف ما علق على عهده بالعرين من سلوكيات، إلا أن رصد البدايات لأي مدرب منهما ولكثير من المدربين والناخبين الذين أتوا للفريق الوطني في سياقات وظروف متشابهة، سيقول أن ما كانت عليه مباراة موريتانيا من تمنع ومن ضبابية في الرؤية ومن عدم نضج منظومة اللعب، هو أمر طبيعي له علاقة بالبدايات الصعبة التي يكون فيها من الضروري معالجة داء الإحباط وإيجاد البدائل القوية للاعبين مؤثرين قرروا الرحيل لأسباب مختلفة. بالقطع لا يمكنني أن أجمل في عيون الناس فريقا وطنيا مخدوشا، ولا يمكنني بجرة قلم أن أتجاوز عن القبح الذي لازم الأداء الجماعي، من منظور الخواتيم التي بها تؤخذ العبرة، ولكنني أسجل للأمانة أن ما جاءت عليه بدايات وحيد خاليلودزيتش لم تكن لا شاذة ولا استثنائية، فقد عرف منها الفريق الوطني الكثير في تاريخه الطويل والعريض، إلا أنني أشدد على ضرورة أن يترك لوحيد ما يكفي من الوقت، لكي يضعنا في صورة مشروع اللعب الذي جاء به، وأشدد على أن لا ننساق وراء غضبنا المشروع، فننهش اللحم والعظم، فالبارع منا من يستطيع أن يتلمس وسط كل أكوام التشاؤم ضوءا خافتا يفتح به شرفات التقاؤل. 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

كيف نهزم الخوف كيف نهزم الخوف



GMT 14:13 2019 السبت ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

نهاية شهر العسل

GMT 11:30 2019 السبت ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

البطولة المنسية

GMT 10:48 2019 السبت ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

جنون الريمونتادا

GMT 18:23 2019 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

يا آسفي علينا !!

GMT 19:54 2019 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

الشيخ كومارا استثناء والبقية في مهب الريح

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 17:48 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

تمارين تساعدك في بناء العضلات وخسارة الوزن تعرف عليها

GMT 19:14 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

حظك اليوم الأربعاء 2 كانون الأول / ديسمبر لبرج العقرب

GMT 11:55 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

كن هادئاً وصبوراً لتصل في النهاية إلى ما تصبو إليه

GMT 15:33 2020 الإثنين ,05 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم الجمعة 30 تشرين الأول / أكتوبر لبرج الجوزاء

GMT 19:14 2019 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

جون تيري يكشف مميزات الفرعون المصري تريزيجيه

GMT 17:27 2017 الإثنين ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

وضع اللمسات الأخيرة على "فيلم مش هندي" من بطولة خالد حمزاوي

GMT 22:05 2019 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

إليك كل ما تريد معرفته عن PlayStation 5 القادم في 2020

GMT 05:54 2017 الأربعاء ,12 إبريل / نيسان

بسمة بوسيل تظهر بإطلالة العروس في أحدث جلسة تصوير

GMT 09:38 2017 الخميس ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

خلطات منزلية من نبات الزعتر الغني بالمعادن لتطويل الشعر

GMT 16:41 2020 الجمعة ,24 كانون الثاني / يناير

لمحة فنية رائعة من صلاح تسفر عن هدف

GMT 12:21 2020 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

محمد يتيم يعود للكتابة بالدعوة إلى "إصلاح ثقافي عميق"

GMT 13:01 2019 الثلاثاء ,10 كانون الأول / ديسمبر

رودريجو يكشف عن شعوره الأول لحظة مقابلة زين الدين زيدان

GMT 16:29 2019 الجمعة ,04 تشرين الأول / أكتوبر

مغربي يقدم على قطع جهازه التناسلي لسبب غريب

GMT 09:59 2019 الإثنين ,26 آب / أغسطس

"رئيس الوصية"..على أبواب قصر قرطاج
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya