معركتنا ضد الفساد

معركتنا ضد الفساد

المغرب اليوم -

معركتنا ضد الفساد

بقلم: بدر الدين الإدريسي

لا نحتاج، لكي نستدل على تفشي الفساد في مشهدنا الرياضي الوطني، إلى ما يدخلنا السراديب السرية أو إلى ما يتوغل بنا في مستنقعات التماسيح أو إلى ما يجعلنا نتحدث بالهمز واللمز أو حتى الرمز. مظاهر هذا الفساد المستشري والمعطل بالفعل لكل الديناميات التي يتحلى بها البعض لتغيير المنكرات الرياضية، موجودة بيننا تلتصق كثيرا بممشانا وبنعالنا وترن كالذبابات في طبلة الأذن، وكثير منا يلعنها صباحا ويتوسدها ليلا في نومه الكئيب.
الفساد الرياضي ليس فقط أن تبيع مباراة أو «تسمسر» في نتيجتها، من دون أن يرف لك جفن ومن دون أن يتحرك فيك الوازع الأخلاقي أو من دون أن تطالك يد القانون التي ترتفع عند من مشت الرياضة عندهم في طريق سيار، لتبطش بالخارجين عن القانون.
الفساد الرياضي لا ينحصر فقط في شراء الذمم وفي الترامي على الإختصاصات وفي خنق شريان الديموقراطية، الفساد أيضا هو أن يتسلط على النوادي والجامعات أناس قفزوا للمعترك بالمظلات، وحددوا لتسييرهم نمطا ولنواديهم التي يقبضون بخناقها منهجا تنهى عنه النظم والمواثيق وأصول الحكامة الجيدة، والمؤسف أن البدع التي خلقوها في أندية تحولت لمحميات محروسة بسلطان المنخرط المشترى بمال الفريق، أصبحت تقليدا في المشهد الرياضي الوطني، وكلنا يعرف أن أي تقليد ينغرس في بيت كرة القدم والرياضة بشكل عام، تصبح له جذور يصعب استئصالها بين يوم وليلة، وإن استأصلت سقط البيت على من فيه.
لا أحتاج لتقديم أدلة بعينها على الفساد المستشري في رياضتنا وتحديدا في كرة القدم، فمظاهر هذا الفساد نصطدم بها كلما أنجزنا افتحاصا للمشهد الكروي وحاولنا إحصاء ما يوجد به من أعطاب، فالشركات الرياضية التي هي فرض عين، تواجه من المفسدين مقاومة شرسة، لأنها قد تكون كتابة لنهايتهم الحتمية، هذا إذا لم يبرعوا في اختراق هذه الشركات لتشويهها وضرب صورتها الإيجابية كما فعلوا في سنين غابرة مع قانون المنخرط. ووكلاء اللاعبين الذين جاؤوا لكرة القدم ممتثلين لأحكام القانون ومالكين للأهلية وللإعتماد الدولي، اخترقوا بشكل فاضح من قبل سماسرة و«رقاصين» و«شناقة» كما يسميهم زميلي مصطفى بدري، كثير منهم خلقهم المفسدون من أجل تمييع الحرفة وذبح الكثير من اللاعبين بسبب ضحالة فكرهم الإحترافي، بل منهم من تجرأ على تهريب مواهب هذا البلد ليلا إلى الخليج العربي.
والمدربون الذين يحملون صفات التنشئة والتربية والتأطير بأبعادها الرياضية والأخلاقية، جذب كثيرا منهم إلى بؤر الفساد الرياضي، مسيرون يساومون في الرواتب، وأحيانا يمنحون العقود لكل من سدد أتاوات تحت الطاولة حتى لو كانوا فاقدين للأهلية، فكان من نتيجة ذلك أن خبرات تقنية وطنية أحيلت قبل الأوان على المعاش بذريعة أن فكرها التكتيكي جفت ينابيعه.
وفي النهاية، نستطيع أن نحدد طبيعة هذا الفساد الضاربة أطنابه في المشهد الكروي الوطني، في ضحالة وضعف النخب الرياضية التي يعول عليها لصنع القرارات المصيرية داخل الجامعة وداخل العصب المختلفة، وفي المعضلات الفنية والبنيوية التي تشتكي منها غالبية النوادي وأيضا في الجحيم الذي ندخله جميعا كلما كان من الضروري أن نصلح الأعطاب، جحيم الشك وجحيم الخوف وجحيم الإنتظار الطويل. 
قال السيد رشيد الطالبي العلمي وزير الشباب والرياضة، في تعقيبات كثيرة له على خيبات الرياضة الوطنية، وعلى وجود «لوبيات» هدفها تعطيل قطار التغيير، أن السلاح الوحيد هو تطبيق القانون، فاليوم وحتى إشعار آخر، ليس هناك من سبب لبطء حركة قطار التغيير، سوى وجود جمعيات وجامعات رياضية فوق القانون، وهذا أمر لم يعد مقبولا بالمرة. وعندما يعترف فوزي لقجع رئيس الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم بوجود فساد رياضي، تعبر عنه كل هذه التلكؤات والتسويفات في تنزيل القانون، ويقول إزاء ذلك أنه انتهى عهد الملاينة والكياسة، فهذا معناه أن المعركة الحقيقية التي يجب أن تخوضها الرياضة الوطنية وعلى رأسها كرة القدم بكل شرفائها ومثقفيها والمتشبعين بقيمها النبيلة، هي معركة التطهير وتجفيف منابع الفساد ومحاربة كل المفسدين مهما كانت تلاوينهم ومهما كانت المظلات التي رمت بهم إلى الرياضة الوطنية فأصبحوا وبالا عليها.  

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

معركتنا ضد الفساد معركتنا ضد الفساد



GMT 14:13 2019 السبت ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

نهاية شهر العسل

GMT 11:30 2019 السبت ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

البطولة المنسية

GMT 10:48 2019 السبت ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

جنون الريمونتادا

GMT 18:23 2019 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

يا آسفي علينا !!

GMT 19:54 2019 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

الشيخ كومارا استثناء والبقية في مهب الريح

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 16:11 2017 الجمعة ,01 كانون الأول / ديسمبر

المجموعة السابعة : بلجيكا - بنما- تونس - انجلترا

GMT 17:26 2016 الخميس ,10 آذار/ مارس

صوص الشوكولاتة لتزيين الكيك والحلويات

GMT 13:26 2014 الإثنين ,08 أيلول / سبتمبر

حنان الإبراهيمي ترزق بطفلة اختارت لها اسم صوفيا

GMT 19:33 2013 الجمعة ,04 تشرين الأول / أكتوبر

8 نصائح مفيدة لتصمم غرفة مشتركة عصرية

GMT 16:23 2016 الأحد ,10 كانون الثاني / يناير

شركة "الدانوب" تدشن فرعًا جديدًا في الرياض

GMT 00:59 2016 الأحد ,18 كانون الأول / ديسمبر

حواجب غريبة لفتاة روسية تثير ضجة كبيرة على الإنترنت

GMT 14:51 2017 الجمعة ,20 تشرين الأول / أكتوبر

"داعش" ينسحب من حقل العمر النفطي في دير الزور بعد تلغيمه

GMT 02:21 2017 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

باحثون بريطانيون يبتكرون نموذج ثلاثي الأبعاد للفقرات

GMT 08:28 2017 الأربعاء ,16 آب / أغسطس

وسائل التواصل الاجتماعي: اجعلها لك لا عليك!

GMT 01:47 2016 الخميس ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

دوللي عياش تخوض مغامرة جديدة من خلال "وشوشة شات"
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya