إيكيدير الإنسان

إيكيدير الإنسان

المغرب اليوم -

إيكيدير الإنسان

بقلم: يونس الخراشي

حين كنا نقضي يوما في السماء ، شهر شتنبر الماضي، ونحن على متن طائرة مغربية تعود بنا من ريو ديجانيرو، جلس إلى جانبي، لفترة ممتدة، البطل العالمي عبد العاطي إيكيدير، باشا في وجهي، يحدثني عما وقع في الأولمبياد، وعن أشياء أخرى.
استعدنا، في اللحظة الأولى، والعناق يطول بيننا، حرارة اللقاء. ثم رحنا نتجول في أيام من الماضي، حين كانت بدايته مع ألعاب القوى، وكنت حينها أنتظر ما سيسفر عنه خروج عدد من العدائين الكبار من المضمار، ضمنهم على الخصوص هشام الكروج وخالد السكاح وإبراهيم وخالد بولامي، وإبراهيم الحلافي، وعلي الزين، ومحمد أمين، وعبد القادر حشلاف، وغيرهم.
وفي لحظات تالية على ذلك، كان ضروريا أن أفسح له بعض الوقت كي يخرج ما لديه من شجون بخصوص مشاركته في دورة ريو ديجانيرو للألعاب الأولمبية. شعرت أنه بحاجة إلى الكلام. فصمتت، وتركت له فرصة الحديث. ليقول لي حينها إنه كان غاضبا جدا بعد نهائي مسابقة 1500 متر. وأكد لي بأنه كان جديرا به أن يفوز بالميدالية الذهبية، فمن أجلها جاء إلى البرازيل، خاصة أنه يعي أفق انتظارات المغاربة.
عبر لي إيكيدير، بوجهه المسنون، بتلك القسمات الناتئة، بفعل التداريب، عن امتعاضه الكبير مما وقع. قال لي إنه هيأ نفسه لكل الظروف، حتى إنه فضل أن يأتي متأخرا إلى ريو كي لا تؤثر فيه عوامل الطبيعة، ومنها الرطوبة العالية التي تأثر بها عدد من زملائه أثناء سباقاتهم. وقال لي أيضا إنه حين بلغ النهائي شعر بارتياح كبير، لأنه كان مع منافسين يرى في نفسه القدرة على تجاوزهم.
ولكن ما الذي وقع وغير النتيجة؟
أطرق إيكيدير قليلا، ورأسه مطأطا. ثم قال، ونحن ما نزال معلقين في السماء، إن الذي وقع أنه لم يهأ نفسيا كما ينبغي. أما العداء الأمريكي، الذي فاز بالسباق، فكان أقوى منه ومن غيره بفعل الإعداد النفسي، وزاد:"آه لو كنت أجد من يعدني نفسيا لمثل هذا اليوم، وهذا السباق. لأهديت الذهب لكل المغاربة. ولكن هذا قدري. كنت سأعلن الاعتزال، غير أنني أصر الآن على المضي، حتى أدرك ما أستحقه فعلا".
في المطار تصافحنا مجددا. وقلت لعبد العاطي:"ما تغبرش ثاني". وقال لي:"أعدك هذه المرة أن يبقى حبل الاتصال بيننا أوثق". غير أن الأيام التي فرقتنا، هي نفسها التي عادت لتفرقنا. ثم إذا بي أراه العداء البطل يتحرك مجددا، وبالوجه نفسه، وبالمشاعر ذاتها، وبرغبة قوية في الفوز، لأجدني مشدودا إلى جديده، وأفرح معه، ولو من بعيد، بالنتيجة التي أدركها، وهو يحرز نحاسية سباق 1500 في بطولة العالم ببرمنغهام، وأراه كان يستحق أفضل منها بكثير. فهو عداء جيد.
في أحيان كثيرة ينسى الناس أن هؤلاء الذين يمثلوننا في المسابقات الرياضية بشر مثلنا. والسفر معهم جعلنا، لحسن الحظ، نقترب منهم أكثر، وندرك بوعي متجدد أن هؤلاء أيضا يعيشون خارج المضمار. ولديهم مشاعر. ولكن أكثر الناس لا يعلمون.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إيكيدير الإنسان إيكيدير الإنسان



GMT 13:19 2018 الأربعاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

"خوكم بدون عمل"

GMT 20:05 2018 الأحد ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

فاقد الشيء لا يعطيه

GMT 20:48 2018 الأربعاء ,31 تشرين الأول / أكتوبر

إدمان التغيير

GMT 20:16 2018 الثلاثاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

طاليب والحلوى المسمومة

GMT 12:48 2018 الأحد ,28 تشرين الأول / أكتوبر

"الكان" في المغرب

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 17:48 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

تمارين تساعدك في بناء العضلات وخسارة الوزن تعرف عليها

GMT 01:30 2018 الخميس ,25 تشرين الأول / أكتوبر

وفاء عامر توضّح أسباب تأخر عرض مسلسل"السر"

GMT 21:02 2017 السبت ,23 كانون الأول / ديسمبر

الاتحاد المغربي يحرم الوداد من منحته السنوية

GMT 13:41 2016 الثلاثاء ,26 كانون الثاني / يناير

ليلى أحمد زاهر تهنئ هبة مجدي بخطوبتها

GMT 22:26 2017 الإثنين ,04 أيلول / سبتمبر

وفاة فتاة تحت عجلات قطار الدار البيضاء

GMT 09:19 2019 الخميس ,31 كانون الثاني / يناير

شالكه يحصل على خدمات موهبة مانشستر سيتي رابي ماتوندو

GMT 07:52 2018 الجمعة ,14 كانون الأول / ديسمبر

رحيل الممثل المصري ومغني الأوبرا حسن كامي

GMT 12:58 2018 السبت ,08 كانون الأول / ديسمبر

فنانات مغربيات يحققن نجاحًا كبيرًا في بلدان الخليج

GMT 09:47 2018 الجمعة ,28 أيلول / سبتمبر

مقتل عارضة الأزياء الشهيرة تارة فارس في بغداد

GMT 22:20 2018 الثلاثاء ,11 أيلول / سبتمبر

العثور على رضيع متخلى عنه في أحد شوارع مدينة وزان

GMT 07:02 2018 السبت ,08 أيلول / سبتمبر

فوائد العسل الأبيض في نظام الرجيم الغذائي

GMT 08:15 2018 الإثنين ,27 آب / أغسطس

عطور الفانيلا لرائحة منعشة تسحر شريك حياتك

GMT 04:57 2018 الإثنين ,06 آب / أغسطس

ظهور دولفين مهجن آخر في هاواي
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya