بقلم: يونس الخراشي
كانت المقدمات مؤذنة بالخواتم. فألعاب القوى المغربية، منذ سنوات، ليست على ما يرام. والنتائج التي آلت إليها في مونديال الدوحة، وهي تكرار لما سبق أن اعتراها في مناسبات متعددة، ضمنها بطولة العالم في شتوتغارت لسنة 1993، لم تفاجئ إلا من أراد لها أن تفاجئه.
السؤال الآن، هل نتائج دورة الدوحة سيئة جدا؟
سيقول قائل إن الوصول إلى المونديال، وبلوغ النهاية بالنسبة إلى عدد من الرياضيين، وفي مسابقات قوية للغاية، وحصول البطل سفيان البقالي على ميدالية، كلها علامات مصنفة إيجابية، وتعطي الانطباع بأن ما سيأتي أفضل، وربما تكون المفاجأة في دورة طوكيو للألعاب الأولمبية، إن نحن منحنا هؤلاء الأبطال بعض الوقت.
وسيقول قائل آخر، إن النتائج كانت متوقعة. وهي سيئة للغاية. ودليله في ذلك أن ألعاب القوى المغربية بلغت شأنا كبيرا جدا في دورات لبطولة العالم، ضمنها على الخصوص دورتي أثنيا 1997 وإشبيلية 1999، وليس من المعقول الدفع بكون نتائج الدوحة طيبة، وإلا فإن النكوص يعد في الطب علامة سيئة، وتستحق القلق الشديد، والمسارعة إلى علاج مغاير عن المتبع.
وربما قال قائل غيرهما، إنكم لا تفقهون شيئا في ألعاب القوى. فما يحدث الآن هو نهضة كبيرة، ستظهر علاماتها بعد عشرين سنة أو أكثر. فما حدث في السابق؛ وكان عبارة عن نتائج متذبذبة، ليس سوى حصاد لزرع غير طبيعي، أدت ألعاب القوى المغربية ثمنه فادحا. وسيزيد، بأن المسؤولين الحاليين حاولوا جهدهم تطهير المجال، وبالتالي فما تحقق جيد، ولا ينبغي تبخيسه.
فأيهم على حق؟
في واقع الأمر، ألعاب القوى المغربية، التي بدأت تبرز في النصف الثاني من القرن العشرين، مع عدائين دربهم الجيش الفرنسي، ووصلوا إلى العالمية، مرت بمراحل صعود وهبوط، من دون أن تعيش على وقع المأسسة في إدارتها التقنية. وهذا هو السبب الرئيسي في كونها لم تعش على الاستقرار إلا في مرحلة عارضة، تميزت على الخصوص بالسلطوية عوض أن تتميز بالأبوية، إذ أن التقني والمدرب والمربي في الرياضة مثل الأب، يرجو لمن يدربهم ويربيهم ويشرف عليهم أن يكون أفضل منه، ويوم سعده وسعادته حين يحقق أولئك نتائج أحسن مما حققها هو بنفسه.
المشكلة الكبرى أن من أنيط بهم أمر إدارة جامعة ألعاب القوى المغربية على فترات لم يشتغلوا في العمق، بحيث سهروا مأسسوا الأندية والعصب الجهوية؛ بل ظلوا يهتمون بنخبة معدودة، وربما بنخبة النخبة، منتظرين كل أربع سنوات أو سنتين أو أقل أو أكثر، أو ملتقى من الملتقيات، كي يظهروا للمتتبع والمراقب أنهم يعملون ليل نهار، وهذه النتائج الآن تدل على ذلك، ومن ثم فإنهم يتحقون تجديد الثقة، والبقاء لسنوات أخرى في قمرة القيادة.
بالقطع، مر بالجامعة، وإدارتها التقنية، أناس أنقياء وأتقياء، اشتغلوا بقلوبهم، وأعطوا روحهم، وزهرة أيامهم، كي تنهض أم الرياضات. غير أن هذا النوع من الناس كان يشتغل في غياب المؤسسة، وهو ما أدى بهم إلى التعب، والانهيار، والابتعاد في نهاية المطاف. فلم ينجحوا، ولم تتنظم ألعاب القوى المغربية.
هنا مشكلة أم الرياضات في المغرب. وهي مشكلة الرياضة عموما. البقية، من نتائج، وغيرها، مجرد تفاصيل يمكن وضعها في الملف وفتحه لمن أراد أن يصلح، أو إغلاقه بالنسبة إلى من يرى أن الأمور على ما يرام.