احتفالية جماهيرية وسفاهة تكتيكية

احتفالية جماهيرية وسفاهة تكتيكية!

المغرب اليوم -

احتفالية جماهيرية وسفاهة تكتيكية

بقلم: بدر الدين الإدريسي
بقلم: بدر الدين الإدريسي

مشاهد تفوق كل وصف، تلك صدرتها مباراة الرجاء البيضاوي وهلال القدس الفلسطيني لعموم العرب، ممن شاهدوها منقولة على أبوظبي الرياضية أو من استمتعوا بالمقتطفات المبثوتة عبر العالم الأزرق، مواقع التواصل الإجتماعي، فقد أبدعت جماهير الرجاء في تأثيث المشهد لتضفي عليه احتفالية، تجعل بالفعل من مباراة الرجاء وهلال القدس، الأمتع والأجمل بين كل مباريات دور سدس عشر نهائي كأس محمد السادس للأندية الأبطال، الأجمل طبعا في ما أبدعته الجماهير، لأن ما كان على أرضية الملعب من أداء ومن منتوج كروي، لا يمكن إطلاقا أن يتصف بذات الصفات.

بالطبع كانت للمباراة الكثير من الحمولات القومية والعاطفية، فمن يأتي لمنازلة الرجاء على مسرح العبقرية، فريق فلسطيني يقاوم إسوة بشعب بطولي غطرسة محتل يتحكم حتى في صنابير الأوكسجين والأوردة التي يمر منها الحلم، فريق قفز فوق جدارات الكراهية والإحتقار والتيئيس ليكون في موعد العناق مع شقيقه الرجاء في أقصى الخليج، ومن يأتي لمقابلة النسور هلال يسطع في قدس السلام، وما ربط المغرب تاريخيا بالقضية الفلسطينية العادلة من وشائج قوية معبر عنها بكل ما جبل عليه المغاربة من وفاء للإنتماء، كل هذه العرى التي لا انفصام لها، هي ما حفز جماهير الرجاء أن تتوافد على مركب محمد الخامس بأعداد قياسية، لتغني لفلسطين أناشيد الحرية قبل أن تنشد للاعبيها أغنيات النصر.
رصدت ما كان من تعبئة كبيرة داخل مكونات الرجاء البيضاوي، مكتبا مديريا وفصائل مناصرة، لتمثل رمزية الزيارة التاريخية لفريق هلال القدس للمغرب، ووقفت كما وقف غيري على التعبيرات ذات الدلالات الإنسانية العميقة، التي أبرزها الرجاء البيضاوي بكافة شرائحه، للتدليل على استثنائية، بل وعلى تاريخية وأزلية الموقف المغربي الثابت من القضايا العادلة للشعب الفلسطيني الشقيق، إلا أن هذا كله لا يمكن أن يصرفنا عن الوجه الرياضي لهذه الموقعة الكروية، والذي يقول أن الرجاء بفوزه الصغير جدا، بهدف محسن متولي من نقطة الجزاء، وبالعرض المرتبك الذي قدمه اللاعبون، يكون قد رهن الكثير من حظوظه في مواصلة الطريق نحو المنافسة على لقب النسخة الجديدة لكأس الأندية العربية الأبطال، ليس لمنحتها المالية المغرية جدا، ولكن للإسم الغالي الذي تحمله، إسم جلالة الملك محمد السادس حفظه الله.
توقعت أن يتأثر لاعبو الرجاء بالشحنات القومية والعاطفية التي صدرتها المباراة ووضعت لها الجماهير الخضراء وشاحات جميلة جدا، ولكن ليس إلى الحد الذي يحول دون تحقيقهم للفوز الكبير الذي يؤمن التأهل لدور الثمن، عبر منظومة أداء جماعي تستحضر كل جوانب التفوق الفني والمهاري والبدني للاعبي الرجاء على لاعبي هلال القدس المتحدين للكوابح وما أكثرها، وتستطيع كبح جماح فريق فلسطيني وجد الشجاعة سلاحا وحيدا لمقاومة رجاء يبعد عنه بمسافات زمنية.
وبرغم أن الرجاء استفاد من جزاء مرتكب بطريقة مستهجنة من مدافع فلسطيني، ليكسب سبقا مبكرا، إلا أن ما كان من تدبير أرعن وسلبي لفصول المباراة سيفرغها من كل ما هو واقعي في عرف كرة القدم، لتكون النتيجة المؤلمة أن لاعبي الرجاء ومدربهم كارطيرون، قدموا إشارات على وجود انحرافات تكتيكية ستكون كلفتها في نزالات أخرى، الخسارة الموجعة التي ترمي في غياهب التصدع، من أوجه هذه الإنحرافات التكتيكية، أن لاعبي الرجاء بلغوا في أدائهم الجماعي حد الإستعراض الذي يعطل النجاعة ويبعد عن الواقعية، ومن أوجهها أيضا غياب العمق الهجومي وعدم انسيابية الجمل التكتيكية على النحو الذي يخرج لاعبي هلال القدس من تماسكهم الدفاعي البدائي، ومن أوجهها أيضا القراءة الخاطئة للمدرب كارطيرون للمنافس، ما جعله يلحق بالفريق العديد من التغييرات في كافة الخطوط، ما أعاق بالفعل سلاسة الأداء.
بالطبع أثق في قدرة لاعبي الرجاء على تأمين الإنتقال لدور ثمن نهائي كأس محمد السادس للأندية الأبطال، برغم ما يمثله لقاء العودة من مخاطر، لأن شيئا آخر غير التأهل سيكون كارثيا ووبالا على الفريق، إلا أن مباراة الإثنين لابد وأن تكون لمدرب ولاعبي الرجاء لدغة من جحر الإستخفاف والإستعراضية المقيتة، إن تكررت مرة أخرى جلبت الحزن والغم.

منطقة المرفقات

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

احتفالية جماهيرية وسفاهة تكتيكية احتفالية جماهيرية وسفاهة تكتيكية



GMT 14:13 2019 السبت ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

نهاية شهر العسل

GMT 11:30 2019 السبت ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

البطولة المنسية

GMT 10:48 2019 السبت ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

جنون الريمونتادا

GMT 18:23 2019 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

يا آسفي علينا !!

GMT 19:54 2019 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

الشيخ كومارا استثناء والبقية في مهب الريح

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 15:55 2020 الإثنين ,05 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم الجمعة 30 تشرين الأول / أكتوبر لبرج الميزان

GMT 04:16 2019 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

زكي يوجه رسالة قوية إلى مسؤولي الدفاع الحسني الجديدي

GMT 14:34 2018 الثلاثاء ,02 تشرين الأول / أكتوبر

"بريزنتيشن" تؤكد أن مُبررات "صلة" في شأن فسخ تعاقدها غير الصحة

GMT 08:32 2018 الإثنين ,02 إبريل / نيسان

"الأساور العريضة" تصلح لمختلف مناسبات صيف 2018

GMT 11:37 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

ياسمين جمال ترتدي فستان الزفاف للمرة الثانية بعد الطلاق

GMT 01:48 2016 السبت ,08 تشرين الأول / أكتوبر

علاج الشيب نهائياً وبألوان مختلفة

GMT 17:48 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

تمارين تساعدك في بناء العضلات وخسارة الوزن تعرف عليها

GMT 04:16 2019 الإثنين ,30 كانون الأول / ديسمبر

المغرب يشهد نهضة غير مسبوقة في مجال التنقيب عن النفط

GMT 06:33 2019 الخميس ,24 تشرين الأول / أكتوبر

تعرف على الفوائد المذهلة لثمرة الرمان على الصحة

GMT 17:22 2019 الثلاثاء ,24 أيلول / سبتمبر

احصلى على أسنان ناصعة البياض فى المنزل

GMT 13:30 2019 السبت ,21 أيلول / سبتمبر

عربية السيدات تعتمد جوائز خاصة للفرق الرياضية
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya