مدرب عاد إليه عقله

مدرب عاد إليه عقله

المغرب اليوم -

مدرب عاد إليه عقله

بقلم- بدر الدين الإدريسي

كثيرة هي الصور التي ستخلد في الذاكرة من الذي شاهدناه في مباراة ماميلودي صنداونز الجنوب إفريقي والوداد البيضاوي عصر يوم السبت الماضي، بحصون الأولاد في إياب الدور نصف النهائي لعصبة الأبطال، المباراة التي تقود الوداد بعلامة الإستحقاق الكاملة إلى نهائي الأبطال للمرة الرابعة في تاريخه، صورة البطولية التي كشف لاعبو الوداد عن ملمح جديد لها وهم يروضون فريقا ما عبر للدور نصف النهائي، إلا لأنه أسقط نادي القرن بإفريقيا، الأهلي المصري بخماسية نكراء، وصورة الحذاقة والمهارة التي أظهرها الثعلب فوزي البنزرتي في وضع الشاكلة الأكثر تطابقا مع تضاريس المباراة ومع خصوصيات لاعبيه، وصورة الدموع التي سالت كالأودية على خدود جماهير صنداونز، وفريقهم يعجز عن اختراق الكاطناشيو الودادي.

إلا أن الصورة التي جذبتني إليها، لما تطفح به من دلالات وإيحاءات، هي تلك التي أظهرت الجنوب إفريقي بيتسو موسيماني، مدرب صنداونز وهو يترجل بعد نهاية المباراة نحو مستودع الملابس للوداد البيضاوي ليقدم التهنئة لفوزي البنزرتي وللفرسان الحمر، على مباراتهم البطولية، وليقول لهم أنهم كانوا الأجدر بنيل بطاقة الترشح للمباراة النهائية وليتمنى لهم حظا موفقا في موقعة الحسم أمام الترجي التونسي.

قيمة هذا الذي أقدم عليه مدرب صنداونز، وهو فعل نراه كثيرا في ملاعب التباري، لارتباطه الوثيق بالقيم الإنسانية الرفيعة التي تنطوي عليها الرياضة، قيمة ذلك، في أن من ذهب رأسا إلى الوداد لتهنئته، هو نفسه الذي أرعد وأزبد في مباراة الجولة السادسة والأخيرة من دور المجموعات هنا بمركب الأمير مولاي عبد الله بالرباط، التي فاز بها الوداد بهدف المدفعجي نهيري وتأهل للدور ربع النهائي متصدرا لمجموعته، ولعلكم تذكرون أن ما نطق به يومها موسيماني، وهو يتهم الحكام الأفارقة بمحاباة الأندية المغربية، وأبدا لم يمنح الوداد يومها شارة الإستحقاق، جعل ألسنة تطول بخبث، لتتحدث عن أن هناك ضغطا يمارس على الحكام الأفارقة، فيجردهم من نزاهتهم وحياديتهم، بل ويجعلهم في خدمة الأندية المغربية حتى من دون أن يطلب منهم ذلك، وهو ما تداعى مثل كثبان الملح في مباراة يوم السبت، ومدرب صنداونز يعود له عقله ويعترف للوداد بالأفضلية.

والحقيقة أن ما يتحقق اليوم لكرة القدم المغربية في مساراتها الإفريقية على مستوى النوادي خاصة، إنما هو نتاج عمل قاعدي وهيكلي يتأسس على تحول كبير في مقاربة الأندية المغربية لمشاركاتها الإفريقية، فوجود فريقين مغربيين في الدور نصف النهائي للكأسين القاريتين في نسختيهما الحاليتين (الوداد في عصبة الأبطال والنهضة البركانية في كأس الكاف)، وتتويج الرجاء البيضاوي بلقب نسخة 2018 لكأس الكونفدرالية، وقبله تتويج الوداد بلقب نسخة 2017 لعصبة الأبطال، حتى لا نتعمق في جرد المنجز قاريا خلال العقد الأخير مع الفتح الرباطي والمغرب الفاسي، هو تجسيد للتفوق المغربي على مستوى النوادي إفريقيا، وقد انصاعت الأندية الوطنية إلى موجبات هذا الحضور القاري الوازن، وفي طليعتها التسلح بكل الإمكانات التقنية والبشرية واللوجيستية لربح معارك كروية ضارية في الأحراش الإفريقية.

ما من شك أن الكرة المغربية عوقبت بشكل فظيع على غيابها المضطرد عن مراكز القرار داخل الكونفدرالية الإفريقية، وفي ذلك، ما جنى عليها شيء آخر غير التناحر على الناصية بمسميات كثيرة، إلا أنه لا يجب أن يفهم من أي حضور وازن للمغرب في مراكز القرار، على أنه حصول على أي حظوة أو امتياز، بقدر ما هو تأكيد أولا على المرجعية وتقدير ثانيا للكفاءة المغربية ومساهمة منا رابعا في تنقية المشهد الكروي الإفريقي من كل الذي يلطخ له الصورة والسمعة، ويعطل صعوده المضطرد إلى المستويات العالمية.

ما حققه الوداد بصعوده لنهائي عصبة الأبطال للمرة الثانية في آخر ثلاث سنوات، وبعودة الرجاء القوية لمسرح الألقاب بفوزه تباعا بكأس الكونفدرالية وكأس السوبر، هو إجابة ضمنية وصريحة، على أن كرة القدم المغربية لا تحتاج أبدا إلى دخول كهوف الشياطين أو إلى نسج الدسائس في ظلمات الليل أو إلى شراء الذمم لتبني مجدا على جرف هار، ما كان ذلك سعينا ولا قمة طموحنا، فلا كانت الألقاب التي تصنع وهما.

شكرا للوداد البيضاوي وللنهضة البركانية على ما يقدمانه للكرة الوطنية في المسرح الإفريقي، ويقينا أن البقاء في قمة الكرة الإفريقية لأطول فترة ممكنة، هو أصعب وأنكى من الوصول إليها، لذلك أقول لا وقت للنوم في العسل.      

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مدرب عاد إليه عقله مدرب عاد إليه عقله



GMT 11:18 2019 الأربعاء ,29 أيار / مايو

"بوغبا" الزيات والبنزرتي "الخواف"

GMT 10:53 2019 الثلاثاء ,28 أيار / مايو

الخيانة الكروية

GMT 10:48 2019 الإثنين ,27 أيار / مايو

برمجة غريبة

GMT 10:26 2019 الأحد ,26 أيار / مايو

هداف منتصف الليل

GMT 10:22 2019 الأحد ,26 أيار / مايو

"عشرة فيهم البركة"...

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 18:57 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

حظك اليوم الأربعاء 2 كانون الأول / ديسمبر لبرج الثور

GMT 14:07 2016 الجمعة ,16 أيلول / سبتمبر

الأبنوس

GMT 15:05 2019 الثلاثاء ,11 حزيران / يونيو

نيمار يبلغ سان جيرمان برغبته في الرحيل هذا الصيف

GMT 14:42 2018 الأربعاء ,19 كانون الأول / ديسمبر

السالمية الكويتي يبدأ مشواره العربي بلقاء الشبيبة الجزائري

GMT 15:23 2018 الإثنين ,15 كانون الثاني / يناير

سنوات يفصلها رقم

GMT 11:24 2019 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

الملك محمد السادس يرسل برقية تعزية إلى الرئيس الكاميروني

GMT 13:45 2019 الثلاثاء ,04 حزيران / يونيو

أول صالون تجميل يستقبل المحجبات في نيويورك

GMT 23:50 2019 الأحد ,02 حزيران / يونيو

باتريس كارتيرون يُراقِب العائدين من الإعارة

GMT 00:14 2019 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

السعودية تنفذ حكم القتل تعزيرًا في حق صدام حسين

GMT 20:47 2018 السبت ,08 كانون الأول / ديسمبر

"الوطني للسكك الحديدية "يعلن عن تخفيضات في تذاكر القطار

GMT 10:42 2018 الثلاثاء ,09 تشرين الأول / أكتوبر

حركة إعفاءات وتغييرات جديدة في صفوف الدرك الملكي

GMT 02:26 2018 الثلاثاء ,02 تشرين الأول / أكتوبر

ورق جدران بألوان جذابة لديكورات غرف معيشة مبهجة

GMT 22:03 2018 الإثنين ,06 آب / أغسطس

صعقة كهربائية تودي بحياة شاب في سلوان
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya