بقلم محمد بلعودي
نعم لا أحد كان يتمنى الإقصاء المبكر للأسود وبطريقة صادمة وأمام منتخب لم يسبق أن فاز علينا، ولم يكن أحدا يتوقع السيناريو الذي حدث، لكنه حدث، ليوقظنا من حلم عميق، ويفتح أعيننا على واقع جاثم على قلوبنا، تناسيناه ولو لحين، أملا في انجاز يشكل استثناء لواقع كروي سلبي بكل المقاييس.
الآن وقد انتهى الحلم، بنتيجة حتى وإن لم تكن متوقعة، فهي بكل تأكيد تعبر عن وضع كروي في انحدار، نعود إلى الواقع الذي يلخص حلنا، وحال كرتنا، وحال مسؤولينا، وبصورة أكبر حال مغربنا.
لنبدأ من قمة الهرم، فكلنا يعلم أن اختيار رئيس الجامعة حتى وإن بدا ديمقراطيا وفي جمع عام قانوني، فسياسة التعيينات تتحكم فيه، وكأنه منصب سامي، لا يتقلده إلا من وقع اختياره من دوائر الحكم، ويطلب من رؤساء الأندية التصفيق له في جمع عام، بمثابة مسرحية سيئة الإخراج، لذلك فالانطلاقة خاطئة منذ البداية، "من الخيمة خرج مايل".
انطلاقة تليها أخطاء تزيد الوضع سوءا، من مكتب جامعي يضم رؤساء للأندية، غالبيهم العظمى تتخبط فرقهم في مشاكل مالية، وتسييرية، تؤكد أنهم ليسووا أهلا للمسؤولية، فكيف لهم أن يكونوا أعضاء بالجامعة؟، وكيف لهم أن يخططوا لمستقبل كرة القدم؟، وهم أول من يتسببون في الإساءة إليه، بما نعيشه من مشاكل تزداد حدة من موسم رياضي لآخر.
أما الإدارة التقنية فحالها لا يبشر بخير، فرغم كل ما صرفته من إمكانات، وكل المشاريع التي وضعتها لبناء منتخبات وطنية قوية، إلا أن النتيجة سلبية، ولا تبشر بمستقبل زاهر، فضعف التكوين يبقى السمة الأساس في الأندية الوطنية، ومراكز التكوين الجهوية، وكذلك في الفئات الصغرى للمنتخبات، ولا يمكن أن ننتظر نتائج أفضل من تلك التي نحققها في المستقبل، إن لم تكن أسوأ.
ولا ننسى أن الإدارة التقنية معطلة منذ أزيد من سنة، بعد أن رفضت جامعة لقجع، تجديد عقود أزيد من 50 إطارا، وأنهت عقود مدربين المنتخبات، واليوم فقط جمال سلامي، ومصطفى الحدواي من يتوفرون على عقود رسمية، وحتى من يشتغلان معهما في طاقميهما التقنيين لا يتوفرون على عقود، فهل بهذا الوضع يمكن أن نبني مستقبل كرويا زاهرا؟.
واقع كروي بهذا الوضع لا يمكن إلا أن ينتج منتخبا بالمستوى الذي رأيناها في "الكان"، وإن كان قد قدم نتائج إيجابية في السابق وكسر عقدة التأهل إلى كأس العالم، وقدم مستوى جيدا، فكل هذا لا يعد إلى أن يكون استثناء لا يقاس عليه، كما كان انجاز سنة 2004 مع بادو الزاكي، استثناء، تلته إخفاقات متكررة، عجزنا معها عن تجاوز الدور الأول في كل النسخ التي تلتها.
خرج المنتخب المغربي صاغرا من "كان" مصر، لأنها النتيجة الحتمية لغياب سياسة كروية تهدف إلى تغيير جدري، بل إن تسييس الكرة أصبح الشغل الشاغل لرؤساء أنديتنا، هذا ينتمي إلى هذا الحزب والآخر إلى ذاك، وهم تطوير الكرة في خبر كان.
والأخطر من هذا كله، أن يطلع علينا من فشلوا في تسيير كرتنا، باقتراحات جديدة، ويبشروننا بمستقبل أفضل، وبأن العمل سيبدأ من الآن، فلنحصد من ورائهم إلا الفشل.
بناء منتخب قوي يحتاج إلى تطهيره من الممارسات التي تسيء إليه في الكواليس، سواء من قبل اللاعبين أو المسيرين أو أي شخص له ارتباط بالجامعة، وإلى مشروع كروي واضح ينبني على أهدف قابلة للتحقيق، وليس على شعارات رنانة، أو وعود كاذبة، ويحتاج إلى مسيرين نزهاء، أياديهم بيضاء، مستعدون للمحاسبة، ولديهم جرأة في قول الحق والاعتراف بالخطئ متى حدث، غير ذلك سنبقى نعيش على أحلامنا، ونتخبط في الواقع الذي يؤلمنا