مصداقيتنا في مرآة العالم

مصداقيتنا في مرآة العالم

المغرب اليوم -

مصداقيتنا في مرآة العالم

بقلم - بدر الدين الإدريسي

هناك فرق شاسع بين أن نتق شر «الفيفا» وقد لدغنا لمرات من جحور كثيرة، من دون أن يرف للضمير العالمي رمش، وبين أن نجرد هذه «الفيفا» من صدقية الخطاب ومن حسن النوايا لطرد كل الأرواح الشريرة من عرين مؤسسة كرة القدم العالمية، وقد عتت فسادا في القيم الرياضية والإنسانية، فما دلنا عليه التقرير التقني المعد في 224 صفحة من قبل فريق العمل «طاسك فورص» حول زيارات التقييم والمعاينة التي شملت مدنا مدرجة في الملفين المغربي والأمريكي الشمالي والمتاح أمام عموم الناس حول العالم، يقول أن «الفيفا» احترمت بالكامل تعهداتها بخصوص نسب الصدقية والشفافية والنزاهة التي تريد أن تصل إليها في تدبير الملفات الكبرى، وفي مقدمتها طبعا ملف إسناد تنظيم كأس العالم لهذا البلد أو ذاك، بل إنها في طريقها أيضا لتفعل ما توافقت عليه مع مكونات الجمعية العمومية، أن تأخذ كل القرارات المصيرية طابع الجماعية.

هذه الصدقية التي تجعلنا نثق نسبيا في «الفيفا» ونبقي على كل تحفظاتنا إلى حين اكتمال مسلسل تسمية البلد الذي سيستضيف نهائيات كأس العالم 2026، والمؤشرات كلها تقول أن «الفيفا» موضوعة أمام اختبار صريح لاستقلاليتها أولا ولكينونتها ثانيا ولعدم خضوعها ثالثا للإملاءات السياسوية، تقابلها أيضا درجة الصدقية والمصداقية التي بات المغرب يتمتع بها وسط دول العالم، كبلد جدي وجاد وكبلد لا يزايد ولا يساوم وكبلد مصر على أن يحقق حلمه بل وحقه في تنظيم كأس العالم، وهو من يرى في ذلك تحقيقا لطفرة نوعية على كافة الأصعدة.

هذه الصدقية يدلنا عليها تقرير فريق عمل «الفيفا»، الذي منح المغرب نقطة 2،7 من 5، كمؤشر قوي على أن المغرب بالملف الذي قدمه وبالتعهدات التي وقع عليها وأيضا بما هو موجود على أرض الواقع، يكون قد استجاب للحدود الدنيا من شروط تنظيم كأس عالمية قوامها 48 منتخبا من القارات الست، وأكثر من هذا وذاك لا يجد أدنى حرج في منافسة ثلاث دول تقودها القوة الإقتصادية والسياسية الأقوى في العالم.

أبدا لم يفاجئ أحدا، أن يتحصل الملف الأمريكي الشمالي على نقطة 4 من 5 والتي ترمز إلى أن الدول الثلاث هي في مستوى جيد من خلال مؤشرات التنظيم، إلا أن المفاجأة كانت في حصول المغرب على رصيد عال من النقاط بخلاف ما حاول تجار اليأس تمريره عبر أخبار زائفة نشرت على الملأ أن المغرب سيقصى عند هذه العتبة، والمفاجأة الأكبر هي أن الملف المغربي تفوق على الملف الأمريكي الشمالي في نقاط جوهرية ألحت «الفيفا» على إضافتها لدفاتر التحملات المرتبطة بأي ترشيح لتنظيم كأس العالم، بعد الذي تداعى من سلبيات في تنظيم آخر نسختين لكأس العالم بجنوب إفريقيا سنة 2010 وبالبرازيل سنة 2014، وأبرز هذه النقاط كلفة تنظيم كأس العالم، إذ استحق وضوح وعقلانية الرؤية المغربية نقطة الإجادة، بينما الأمر لم يرتفع عند الملف الأمريكي الشمالي عن المستوى المتوسط، ما جعل التقرير يشير إلى أن درجة المجازفة في الملف الأمريكي تصل لمستويات عالية في نقطة كلفة المونديال ودرجة إلتزام المدن المرشحة لاستضافة المباريات بالتعهدات، من دون إغفال جانب الإرث وكل ما يرتبط بحقوق الإنسان، وهنا أشار التقرير إلى نقاط سلبية عديدة لها ارتباط بالسياسات الخارجية للولايات المتحدة الأمريكية وبمستوى التدفق البشري على أمريكا خلال المونديال.

وفي تجاوز الملف المغربي للحاجز الأكبر، برغم ما كان من ضغط عالمي على «الفيفا» بعدم تمتيع لجنة «طاسك فورص» بصلاحيات كبيرة جدا، ما يقول بأن نصف الطريق قطعناها نحو تحقيق حلم تنظيم المونديال، على أن نصف الطريق الأخرى تتمثل في حيازة ثقة نصف أعضاء مجلس الفيفا الذي سينعقد يوم 10 يونيو القادم بروسيا، وسيكون هو من يقرر مرور الملفين معا أو أحدهما أو لا أحد منهما، لمرحلة التصويت الختامية المقرر لها يوم 13 يونيو بموسكو خلال الجمعية العمومية للفيفا.

أتصور أن كل ما كان يحتاجه ملفنا المونديالي من مبادرات، ليصبح قوة منافسة أمام أرمادا عالمية تم بالفعل، بقي شيء واحد عليه يتوقف المصير، إنه التصويت على أحد الملفين في كونغرس الفيفا، والمهم هو أن لا ينتاب أي مغربي شعور في تلك اللحظة، بأن العمل الفني والترويجي لم ينجز على الوجه الأكمل.     

 

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مصداقيتنا في مرآة العالم مصداقيتنا في مرآة العالم



GMT 13:19 2018 الأربعاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

"خوكم بدون عمل"

GMT 20:05 2018 الأحد ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

فاقد الشيء لا يعطيه

GMT 20:48 2018 الأربعاء ,31 تشرين الأول / أكتوبر

إدمان التغيير

GMT 20:16 2018 الثلاثاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

طاليب والحلوى المسمومة

GMT 12:48 2018 الأحد ,28 تشرين الأول / أكتوبر

"الكان" في المغرب

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 11:14 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم الإثنين 9 تشرين الثاني / نوفمير لبرج القوس

GMT 15:51 2020 الإثنين ,05 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم الجمعة 30 تشرين الأول / أكتوبر لبرج العذراء

GMT 11:04 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم الإثنين 9 تشرين الثاني / نوفمير لبرج العذراء

GMT 00:58 2020 الثلاثاء ,28 كانون الثاني / يناير

دراسة تحدّد الأطفال الأكثر عرضة لخطر السكري من النوع الثاني

GMT 19:55 2019 السبت ,07 أيلول / سبتمبر

رشيد دلال مساعدا للكيسر في تدريب أولمبيك آسفي

GMT 05:10 2016 السبت ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران تستضيف أعمال الفن العربي الحديث في متاحفها

GMT 07:35 2020 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

غوايدو يدعو الفنزويليين للاحتجاجات ضد مادورو

GMT 17:50 2019 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

وهبي يراسل وزير الصحة بشأن غياب دواء مرضى السرطان
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya