بقلم - محمد فؤاد
حتى ولو كان كل المغاربة في خندق واحد وبالقساوة على خروج أسودهم من نهائيات كأس إفريقيا بمصر، فسأكون شخصيا الوحيد الذي يمثل النسبة الضئيلة من المعارضة الحقة لهذا المنتخب الذي خرج مرفوع الرأس وليس صاغرا كما إعتقده من بنى أساسيات الخروج بالإهانة وما شابه ذلك من نعث خبيث بالكلام النابي والصور المشينة وأقبح بصاق الألسنة القاسية وكأن هذا المنتخب إقترف جرما كسر وهشم كل القلوب المحبة له. وسأكون مضادا لكل من يحمل سيف التجني من رواة الكرة في أشباه الأبواق العديمة الضمير المهني، ومن لعب الكرة أساسا سيضع نفسه مع زياش ومع فيلق المنتخب بكامله ليدرك أن أزمة ضياع الجزاء المؤدي إلى الإقصاء لا يمكنها أن تحدث هذا الغليان الشعبي المدعوم بسيرورة البرامج المؤثرة بفقاعات بيع الأوهام والإنفلاتات غير الموضوعية. ومن لعب الكرة سيدرك أن ضياع الجزاء في مباراة ما في البطولة أمر وارد، ولكن في حدث قاري تكبر المسؤولية وتسكت القلوب، وربما يختفي من أضاع هذا الجزاء لأنه مهدد بكل صور التهديد الموجودة في التواصل الإجتماعي. وإلا كيف نفسر ضياع جزاء سواريز للضربة الترجيحية لمنتخب بلاده الأوروغواي المقصي من طرف البيرو في ربع النهاية وهي التي أبعدته من دور نصف نهائي كوبا أمريكا.
هذا الشكل من غرابة الأحداث والتخويف والتنكيل بزياش لم يحدث لسواريز مع الأوروغواي لأنه لاعب من طينة الكبار، ويعرف شعب الأوروغواي أن كل النجوم تهدر الجزاءات الموضوعة في خانة الحظ العاثر إلا نحن نرهن الإقصاء إما بشخص واحد أو فريق بالكامل أو ناخب أو الجامعة ككل. وعيب جدا أن يزند أعداء النجاح على النار بكير مدعم بالريح على مصير منتخب توقف على جزاء، بينما كان الواقع أن البنين كان مدافعا بشراسة على عرينه كحق وكمنتخب فريد من نوعه وليس كما يعتقده من لعب الكرة فريقا سهل التجاوز. ومعنى هذا الكلام أن الألسنة التقنية عادة ما يشحنها الحس العاطفي وتجثم على الكل وتقسو على من مثل المغرب بجلباب التكوين الأوروبي دفاعا عن أسماء ترعاها بمدن معينة أو لها علاقات شخصية لتدافع عنها في الكثير من المحطات.
وإلى غاية اللحظة، لم أسمع ولو محللا أو من يظهر اليوم في جلباب المحلل التقني أو الصحفي وربما لم يلعب الكرة أصلا، أن جثم على معتقدات من يدعي الإقصاء المهين وهو لا يدري ما قيمة المهانة أن تخسر بالحظ أولا دون أن يجسد قيمة الهدف الملغي، والجزاء الذي كاد يضع المغرب أمام السنيغال، والأهداف الضائعة وغيرها من اشكال الغرابة في حسم المواقف واعتبروا ذلك إقصاء مهينا. «والله ما عندكوم الوجه اللي تحشومو عليه يا رعاة الكلام الشعبوي الفاسد «.. وإلى غاية اللحظة لم أسمع أي جريئ يقول أن حمد الله مطلوب للتحقيق لأنه هو من كان أيضا وراء إقصاء الأسود، ولم أسمع محللا موضوعيا في تحليله يقول أن الفريق الوطني كان أفضل منتخب على مستوى النتائج، بل بالعكس كثرت الألسنة الناقدة من أجل الهدم كما لو أنهم هيأوا طبخة الاقصاء المنتظرة، والحالة هاته أن المنتخب الوطني في سابق حضوره القاري يخرج صاغرا بأسوإ حضور ولم ينتقد بهذا الشكل الخبيث الذي أحيط به خروجه وهو الذي أغرى المراقبين في فصول المباريات التي لعبها بالتدرج المتألق.
مصيبة مغاربة التحليل في الأبواق، إما أنهم يتعلمون النقد من أجل النقد وإصدار الأحكام ألواهية، وإما أنهم مجبرون على إتفاق مسبق للهدم، وإما أنهما يريدون الشهرة الشعبوية، وإما لا يتمتعون بثقافة المعطيات والحقيقة الجوهرية للمعلومة، وإما ينتقدون لثقافتهم الكروية في زمنهم غير ما هو حاضر بأكاذيب أشاعها الكل بسوداوية ورد عليها وزير الشباب الرياضة بالصرامة اللازمة.
المشكلة هي أن هذا المنتخب الذي تشكل من محترفي المهجر عموما هو قضية غير مقبولة في تحليلات أكثرية دعاة التهويل، ولا يمكن أن يظل مستقبل الكرة المغربية في نظرهم رهينا برجالات أوروبا مثلما تجهر وتزخر به جزائر الكان الحالي، وسيظلون يعلقون على هذا الرأي السوداوي وكما قال أحد المحللين – لا أريد تسميته – «ما عندنا ما نديرو بهم «.. المشكلة التي لا يحللها أشباه بلا بلا بلا هي منتوج الكرة الوطنية ماذا قدم منذ ما يفوق سبع سنوات من الإحتراف، وهل أعطى لنا فريقا وطنيا من المستوى العالي وبدون محترفين. أجيبوني أن كنتم شعبويين.
نهاية نعيش في بعبع إعلام موبوء بالظلامية الدائمة دونما البحث عن مكامن الخلل الاصلي الموجود في رأس المسيرين أساسا وكمساهمين فعليين في منظومة فاسدة. أما المحترفون فقد قدموا لكم شهادات الكرة الراقية حتى ولو بدون ألقاب وكأس إفريقيا لن يفوز به الكل ومطروحة لسياقات من يكون مؤهلا للألقاب. ونحن لا تريدنا كأس إفريقيا ولو نظمناها في بلدنا.
وهذه هي الحقيقة المفروض أن تكشفوا عليها إن إعتبرتم أنفسكم من أهل بلا بلا بلا.
عن صحيفة المنتخب المغربية