ليس استقواء من رونار

ليس استقواء من رونار

المغرب اليوم -

ليس استقواء من رونار

بقلم-بدر الدين الادريسي

لا أظنه استقواءا، ولا شماتة في الذين يشهرون إفلاسه ولا يتوقفون لحظة عن نسفه إعلاميا، أن يخرج المدرب والناخب الوطني هيرفي رونار بعد الفوز التاريخي على منتخب الكامرون، ليصفي ما يعتبره حسابا قديما وجديدا مع من يقرأ لهم أو يستمع إليهم أو يحكى له عنهم، وهم يخرجون السيوف من أغمادها لتقطيع الجثث، ولمساءلته بعنف لفظي أحيانا عن أخطاء ترتكب بغير عمد ولا مفر منها في عمل لا تتوقف طبيعته على مقاربات علمية صرفة.

 لا أخال هيرفي رونار الذي عرفته وجالسته محاورا، من هذا الصنف الذي يتحين الفرص لرد الصاع صاعين لمن يلصقون به تهما لم يرتكبها، فالرجل يتسم بدرجة كبيرة من التواضع ومن الحكمة في تدبير كل الأزمنة حتى الصعبة منها، فهو مستميت في الدفاع عن فلسفة عمله، وعن مبادئه وأيضا عن البديهيات المهنية التي حققت له النجاح، وقطعا لا يبدي أي ليونة في هذا الأمر، إلا أنه ليس من الصنف الذي يركب على الأحداث ليصمم غارات تستهدف إعلاميين بعينهم، إنه بكل بساطة يضع النقاط الضرورية على الحروف الساخنة، بل ويدفع من يصرون على إطلاق أحكام قاطعة أو أحكام قيمة، إلى مراجعة ذواتهم، وهو يقول لنا جميعا وهذا من حقه، أنه يستمع ويقرأ ويستفيد من كثير مما يقرأ ومما يسمع، ولكنه لا يتزحزح قيد أنملة عن القواعد الذهبية التي آمن بها زمنا طويلا وكانت له أساسا للنجاحات المهنية، وأبدا لن يتنازل عنها إلا أن يتثبت العكس.

 وأبدا لا يضيرني شخصيا، أن يكرر هيرفي رونار في كل مرة إنحرف فيه قطار الحوار والمجادلة عن جادة الصواب، بأنه سيد قراراته وبأنه المسؤول الأول عن كل إختياراته، وبأنه من صنف المدربين الذين يموتون واقفين كالأشجار من أجل أن يعيش المبدأ الذي ما حادوا عنه أبدا. بل لو كان رونار فعل شيئا غير هذا، أي أنه لم ينتفض في وجه من يعادونه ولا ينتقدونه، من يجرحون ولا يبدون ملاحظات، ومن يريدون فرض الوصاية التقنية عليه لثنيه عن منظومة إشتغاله، لكنت شخصيا حررت له وثيقة الوفاة التقنية، فالمدربون الذين ينكسرون ويتنازلون ويحيدون بغير إقتناع عن الطريق، مآلهم إلى الزوال.

 وشخصيا لم يتأكد لي مما مر علي من حوارات ومن ندوات صحفية عقدها هيرفي رونار، أن وقفت على أي نوع من أنواع الإستقواء ولا سجلت عليه أي تناقض في إصدار الأحكام ولا حدث أن تخلف عن مساءلة نفسه قبل لاعبيه، عن أي عارض أو إخفاق، بدليل أن ما شاهدناه في مباراة الكامرون، حتى لا أستدل إلا بهاته، كان تكفيرا عن كل التجاوزات والإختلالات التي إرتكبت في مباراتي جزر القمر تحديدا، فقد شعر رونار قبل أي كان، أن الفريق الوطني فتر حماسه وتراجعت شراسته واستقوى على نفسه، فأعاد الأمور إلى نصابها، لذلك أعتقد، بأننا ما ربحنا مباراة الكامرون، إلا لأن الفريق الوطني استرجع بالكامل روح أوييم وهوية الفريق الذي يخنق منافسه بقوة الضغط عليه في مناطقه، والجماعية التي تلين الحديد.

 أظهر رونار إلى أي حد صعقه الأداء الضعيف أمام جزر القمر، وما ظهر على المنظومة الدفاعية من خلل، فبادر إلى حسم مستقبل العميد بنعطية مع الأسود وبادر فوق هذا وذاك إلى تغليب المقاربة التكتيكية والفينة التي تقول بأن معياري الجاهزية والتنافسية وبعدهما معيار التطابق مع نوعية المباراة، من دون التفريط في الوجه العاطفي لمعادلة التدبير النفسي للمجموعة. وعندما يطل رونار من جحره ليعيد توجيه ذات الرسالة التنبيهية لمن بالغوا في إنتقاده والنيل من أهليته، فإنه بالمقابل يشير لمن كانوا موضوعيين في مقاربة الصورة وتحليل الظواهر بلا تشنج وعن تملك قوي لأدوات النقد والتحليل، بأنه ينصت جيدا لمن حوله، لا يزايد ولا يشمت ولا يستقوي، برغم أنه عصي على الإنكسار..  

 

عن صحيفة المنتخب المغربية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ليس استقواء من رونار ليس استقواء من رونار



GMT 21:14 2018 الإثنين ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

جيل لن يخذلنا

GMT 16:09 2018 الجمعة ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

الكوكب يمرض ولكنه لا يموت

GMT 16:06 2018 الجمعة ,28 أيلول / سبتمبر

درس قاس..

GMT 12:48 2018 الجمعة ,28 أيلول / سبتمبر

تدوينة آل الشيخ.. استفزاز جديد أم "تودد"

GMT 10:36 2018 الإثنين ,17 أيلول / سبتمبر

رد خاص إلى النابحين على القافلة

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 18:57 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

حظك اليوم الأربعاء 2 كانون الأول / ديسمبر لبرج الثور

GMT 14:07 2016 الجمعة ,16 أيلول / سبتمبر

الأبنوس

GMT 15:05 2019 الثلاثاء ,11 حزيران / يونيو

نيمار يبلغ سان جيرمان برغبته في الرحيل هذا الصيف

GMT 14:42 2018 الأربعاء ,19 كانون الأول / ديسمبر

السالمية الكويتي يبدأ مشواره العربي بلقاء الشبيبة الجزائري

GMT 15:23 2018 الإثنين ,15 كانون الثاني / يناير

سنوات يفصلها رقم

GMT 11:24 2019 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

الملك محمد السادس يرسل برقية تعزية إلى الرئيس الكاميروني

GMT 13:45 2019 الثلاثاء ,04 حزيران / يونيو

أول صالون تجميل يستقبل المحجبات في نيويورك

GMT 23:50 2019 الأحد ,02 حزيران / يونيو

باتريس كارتيرون يُراقِب العائدين من الإعارة

GMT 00:14 2019 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

السعودية تنفذ حكم القتل تعزيرًا في حق صدام حسين

GMT 20:47 2018 السبت ,08 كانون الأول / ديسمبر

"الوطني للسكك الحديدية "يعلن عن تخفيضات في تذاكر القطار

GMT 10:42 2018 الثلاثاء ,09 تشرين الأول / أكتوبر

حركة إعفاءات وتغييرات جديدة في صفوف الدرك الملكي

GMT 02:26 2018 الثلاثاء ,02 تشرين الأول / أكتوبر

ورق جدران بألوان جذابة لديكورات غرف معيشة مبهجة

GMT 22:03 2018 الإثنين ,06 آب / أغسطس

صعقة كهربائية تودي بحياة شاب في سلوان
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya