مال الوداد وقحط الرجاء

مال الوداد وقحط الرجاء

المغرب اليوم -

مال الوداد وقحط الرجاء

بقلم - منعم بلمقدم

المال لا يصنع السعادة وليس هو كل شيء بطبيعة الحال، وليس كل سعيد يشبه سعيدًا الآخر، لأن سعيد الوداد الناصيري ليس هو سعيد الرجاء حسبان، ولعل واقع الرجاء والوداد قبل الديربي يلخص لحد بعيد هذه النظرية ويبرز حقيقة أن الرجال هم من يصنعون الإنجازات والإرادة كنز يفوق قيمة المال وما جاوره.

ما يعيشه الوداد خلال آخر الأعوام حالة غير مسبوقة بالكرة الوطنية، لفريق يرفل في نعيم لا يقارن وغطاء من الرخاء لم يسبقه إليه أحد من الأندية، توجه مؤخرًا ببيع لاعبه بنشرقي بملايين الدولارات التي تكفي لتدبير موازنة عام، وقبل الديربي الأخير كان لرئيس الفريق سعيد الناصيري جلسة مع لاعبيه الذين يروج أنهم لا يعيشون أي مشاكل مالية، ينتظمون في التدريبات ولا يضربون ولا يدينون بفلس واحد لإدارة الفريق.

جلسة تحفيز وضع من خلالها الناصيري مكافآت مالية هي الأعلى بين سلم المنح بالبطولة شريطة اقتناص الفوز من فك النسر الأخضر، إلا أن ذلك لم يكن كافيًا ليُنهي حالة الضياع التي يعيشها الفريق منذ انطلاقة الموسم ولا هو تحفيز أعلى الهمم واستنفرها لتتمرد على واقع الهزائم المخزي وتهدي الأنصار انتصارًا يعادل موسمًا في عرف الجمهور الذي يضع تقديرًا خاصًا لمثل هذه المباريات.

بالجهة المقابلة كان سعيد آخر وهو حسبان يحضر حصة تدريبية سبقت الديربي ليلقي خطابه الاعتيادي الذي ألفه اللاعبون طيلة سنة ونصف وهو الاعتذار للاعبين وإظهار حجة جديدة يبرر من خلالها تأخر صرف المنح والراتب وباقي الأمور الأخرى.

مليون سنتيم المنحة التي وعد بها حسبان لاعبيه تقل بأربعة أضعاف ما وعدبه لاعبو الوداد، مع فارق مهول وهو أن لاعبي الرجاء موقنون أنه وعد شفهي غير قابل للتطبيق ومجرد استهلاك لا غير.

داخل نفس الرجل بلغ الأمر بأحد لاعبيه في زمن الاحتراف ليؤكد أنه لا يجد ما يتنقل به للتدريبات ويستعطف الناس ليمنوا عليه بذلك، بل لا يجد ما يأكله وعلى أنه يموت جوعًا وهي صرخة أنين تغني عن كل التعاليق الممكنة.

لنأتي الآن إلى ما أفرزته سيقان اللاعبين ليس في الديربي فحسب، بل على امتداد موسم كامل بالطول والعرض، وهو منتوج لا يطابق واقع الفريقين ولا حقيقة الأحوال، لأن الوداد يقدم لنا في عز السخاء المالي الذي ينعم به أسوأ نسخة ممكنة منه وهو المتوج قبل فترة قريبة جدًا بلقب كبير القارة، دون إيجاد تفسير صريح للسر الذي أفضى لكل هذا التغيير الذي طرأ على الفريق والتراجع الكبير في أدائه وحتى الاهتزاز والتوازن الذي أصاب لاعبيه.

بالضفة الموالية ظهر لاعبو الرجاء بإصرار كبير في الديربي كما أظهروه في كل مباريات الموسم، إصرار قادهم للتتويج في عز الإضراب بلقب كأس العرش وبالوقوف على ناصية صدارة البطولة، وهي بالفعل حالة غير صحية قد تمثل لنا إن نجح الرجاء في القبض على الدرع مرجعًا غير محبب وغير مرغوب فيه، لأن فرقًا كثيرة ستجعل من الرجاء مرجعًا لها ومن إضرابات اللاعبين نبراسًا يهتدون بهديه.

من عاين الروح الانتصارية والسعي خلف نقاط المباراة التي كان عليها لاعبو الرجاء في الديربي سيشعرون وكأن عناصر النسور الخضر كانوا موعودين بمنحة مجزية كبيرة، أو أن خلف هذا الاصرار وقود تحفيزات مغرية وهو غير صحيح بالمرة قياسًا بالفقر الذي يعيشه الفريق وما يصرح به لاعبوه من تدهور للأحوال.

أن يربح الوداد ملايين من السنتيمات إيرادات ومداخيل ويقتني مركزًا كبيرًا ليحفظه في ملكيته ويهرب بمسافة شاسعة عن بقية الفرق فهذا لا يعني شيئًا إن لم تكن تملك لاعبين برغبة وحافز وخاصة عزيمة وإرادة. لذلك أظهر لاعبو الرجاء خلال سنة ونصف من النضال أنهم يملكون هذه الميزة، لأن عناصر أخرى تتعايش مع ظروف قاهرة مثل التي يعيشونها كان سيكون موقعهم في الترتيب مخالف لحقيقة الوضع الحالي.

غريب ما يحدث داخل الوداد بالفعل، لأنه غير منطقي ولا هو بالأمر الطبيعي أن يخسر الفريق البطل نصف المباريات التي لعبهاوالموسم بالكاد قد انتصف. غريب أن لا تنعكس البحبوحة التي عليها الفريق على الأداء والمخيلة التقنية لتسعد أنصاره وتروي عطشهم بالمردود الوافر والنتائج الكبيرة.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مال الوداد وقحط الرجاء مال الوداد وقحط الرجاء



GMT 13:19 2018 الأربعاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

"خوكم بدون عمل"

GMT 20:05 2018 الأحد ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

فاقد الشيء لا يعطيه

GMT 20:48 2018 الأربعاء ,31 تشرين الأول / أكتوبر

إدمان التغيير

GMT 20:16 2018 الثلاثاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

طاليب والحلوى المسمومة

GMT 12:48 2018 الأحد ,28 تشرين الأول / أكتوبر

"الكان" في المغرب

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 11:14 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم الإثنين 9 تشرين الثاني / نوفمير لبرج القوس

GMT 15:51 2020 الإثنين ,05 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم الجمعة 30 تشرين الأول / أكتوبر لبرج العذراء

GMT 11:04 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم الإثنين 9 تشرين الثاني / نوفمير لبرج العذراء

GMT 00:58 2020 الثلاثاء ,28 كانون الثاني / يناير

دراسة تحدّد الأطفال الأكثر عرضة لخطر السكري من النوع الثاني

GMT 19:55 2019 السبت ,07 أيلول / سبتمبر

رشيد دلال مساعدا للكيسر في تدريب أولمبيك آسفي

GMT 05:10 2016 السبت ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران تستضيف أعمال الفن العربي الحديث في متاحفها

GMT 07:35 2020 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

غوايدو يدعو الفنزويليين للاحتجاجات ضد مادورو

GMT 17:50 2019 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

وهبي يراسل وزير الصحة بشأن غياب دواء مرضى السرطان

GMT 01:40 2018 السبت ,10 آذار/ مارس

رجل يشكو زوجته لسوء سلوكها في طنجة
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya