بقلم - جمال اسطيفي
"فضيحة رادس" لم تعر فقط بؤر الفساد في "الكاف"، ومحاولات سرقة الألقاب، والحصول عليها في الكواليس حتى لو اقتضى الأمر اللجوء إلى الغش والتدليس، بل إنها عرت كذلك عن ممارسات قبيحة، وكشفت كيف أن كثيرا من المدعين وأصحاب البطولات الوهمية في الداخل والخارج مازالوا بيننا.
1-لقد تابعنا كيف تحول بعض الإعلاميين والمعلقين والمحللين إلى مشجعين متعصبين يناصرون النادي الذي يقتسمون معه نفسه الجنسية، حتى لو أدى بهم الأمر إلى قلب الحقائق وصناعة سيناريوهات واستبلاد المشاهد، وتغييب الموضوعية في التناول الإعلامي.
ولابد من الاعتراف أن "فضيحة رادس" هي بمثابة حد فاصل بين الإعلام والتضليل، بين ممارسة المهنة أو"تحياحت" خلف الميكروفونات أو في البلاطوهات أو في منصات التعليق.
وقد كانت ردود المتتبعين داخل المغرب وخارجه إيجابية جدا، فقد كشفت أن المشاهد أكثر وعيا ممن يعتبرون أنفسهم صناع رأي أو مؤثرين في المشهد.
كما كشفت هذه المباراة، كيف أنه يمكن لأي كان أن يغرق وسائل التواصل الاجتماعي بأخبار مضللة في صفحات مجهولة الهوية، ثم تنتشر هذه الأخبار في وسائل الإعلام دون تمحيص أو تدقيق !!
2- منذ اندلاع الأزمة اتضح أن قناة "فرانس 24" لا علاقة لها بالتناول الإعلامي الموضوعي، وأنها تحولت إلى ملحقة تابعة للاتحاد التونسي وفريق الترجي، فقد غابت المهنية وغاب التناول الإعلامي الموضوعي، وكان علينا أن نتابع فقط رجع صدى لمزاعم وادعاءات الطرف التونسي، دون سعي لأن يكون هناك الرأي والرأي الآخر، بل إن مقدمي برامج لا علاقة لهم بالرياضة انخرطوا في حملة التضليل والحوار الموجه..
وهنا لابد أن نتساءل كيف لقناة تعطي الدروس هنا وهناك، ان لا تعطيها للعاملين لديها..
3- لقد كسب الوداد ومعه جامعة كرة القدم المعركة لأن قضيتهم عادلة ولأنهم تسلحوا بدعم دولي كبير، فالصحافة الدولية استنكرت الأمر، كما أن رئيس الاتحاد الدولي شجب ما وقع، ومع ذلك، فقد اتضح أن المغرب يحتاج إلى إعادة ترتيب مشهده الإعلامي في الداخل لأن الفوضى عارمة جدا، وإلى مراجعة للأوراق في ما يتعلق بالحضورهد في الإعلام الدولي، فرغم أن الموقف التونسي كان ضعيفا، إلا أنه وجد مع ذلك من يحاول أن يروج له ولو باعتماد أخبار مغلوطة ومضللة..
4- حضور المغرب في الهيئات الدولية وبينها "الكاف" و"الفيفا" أمر مهم جدا، ليس لخدمة مصالح الكرة المغربية مثلما يردد البعض بدون وعي، ولكنه مهم على مستوى الاقتراب من دائرة صنع القرار ومعرفة ما يطبخ في الكواليس، ومهم لوضع كرة القدم الإفريقية على أسس صلبة، لأن هذه الأسس هي ما سيجعل المباريات الإفريقية تحسم فوق الملاعب وليس في الكواليس، وهو ما سيضمن لكل الأطراف حقوقها حتى لو كانت غير ممثلة في "الكاف".