يونس الخراشي
نعتذر بداية لمجموعة جيل جيلالة الرائدة، ونحور مضمون إحدى أغانيها الخالدة، بقولنا لجامعة الكرة، ومن خلالها، لبقية الجامعات الرياضية:"وا التكوين التكوين.. واهيا وين التكوين... كل من زاغ عن التكوين.. يحق تربحو البنين" (كل التقدير والاحترام للبنين).
فمنذ سنوات طويلة، وكلما صعد رئيس إلى سدة تدبير شؤون جامعة الكرة إلا وركز جهده على المنتخب الأول؛ أي أنه يكرر الخطأ ذاته الذي يقترفه رئيس أي فريق آخر في البطولة "غير الاحترافية"، حين يركز كل اهتمامه على الفريق الأول، وينسى البقية.
وفي آخر مرة، سمعنا من ينقل إلينا عن علي الفاسي الفهري، الرئيس السابق لجامعة الكرة، قوله إن نتائج المنتخب الوطني الأول لم تساعده كي ينجح مشاريعه (الأوراش – كلمة ورش لا أصل لها في لغتنا، ومصدرها وورك شوب الإنجليزية)، وكان أن التقط فوزي لقجع، الرئيس اللاحق، الإشارة، فجعل من المنتخب الأول على الخصوص حصانه المفضل لكي يبقى بعيدا عن النقد، ويحافظ على موقعه محصنا في الرئاسة.
المشكلة أنه، وفي تلك الأثناء، وكما حدث سابقا، ودائما، ظلت المديرية التقنية بعيدة عن أي مراقبة حقيقية، وظلت مراكز التكوين، على قلتها، مهملة، وظلت ميزانية التكوين بلا حساب، وظلت بطولة الهواة دون أي متابعة، فما أن تعثر المنتخب الأول، بقيادة المحظوظ رونار، وفيلقه التقني، حتى تهاوى كل شيء، وراح رئيس الجامعة بنفسه يضرب يمنة ويسرة، مدعيا أنه سيعيد بناء كل شيء وفق رؤية جديدة.
القاعدة واضحة، يا رجل. ومن يحيد عنها لا يمكنه الوصول إلى نتائج. وما دام المنتخب الوطني الأول، وهذه قاعدة، لم يتسن له الفوز بالألقاب على مر تاريخه؛ إذ يملك لقبا قاريا واحدا، فمن المفترض أن يهتم رئيس الجامعة، أساسا، بالتكوين، ويسهر عليه، ويخلق له لجنة فعالة وناجعة، ويراقبه عن كثب، حتى يصل به إلى منتخب قوي.
ماذا يعني ذلك؟
يعني أن العمل الذي ظلت الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم تنجزه كان يسير على رأسه. فبينما كان عليها أن تنطلق من التكوين نحو بناء المنتخبات، إذا بها تنطلق من المنتخبات لبناء المنتخبات. وهذا يؤدي دائما إلى مشاكل بالجملة، لأن البطولة تصبح مجرد مباريات ليس إلا، بلاعبين ومدربين لا طموح لهم. فما الذي يمكن أن يطمح له لاعب يعي جيدا أن أقصى ما سيصله هو المنتخب المحلي؟
إننا حين نقول بالتكوين، ونلح عليه، لا نزايد على أحد. فلو لم يكن هناك تكوين في مجالات أخرى، لما استطاع رؤساء الجامعة؛ حسني بنسليمان وعلي الفاسي الفهري وفوزي لقجع، أن يتميزوا في مجالات اختصاصهم. ولا يملك أحد منهم أن يكون على رأس الدرك، أو المكتب الوطني للكهرباء، أو مديرية المالية، دون تكوين.
وينطبق ذلك، بالضرورة، وبالتجربة، وبالنماذج العالمية، وبرونالدو وميسي وماني وصلاح وغيرهم، على بطولتنا المحلية، التي يمكنها أن تصبح عالمية، بفضل التكوين، بما أن الموارد البشرية متوفرة، ولا ينقصها سوى التعلم بأصوله، والتدرج فيه، ووضعها تحت الاختبار، فإذا هي بطول تستحق، حينها، وسمها بالاحترافية.
ربما يقول رئيس جامعة، وهو يقرأ كلماتنا:"شحال فيكم ديال الهضرة. آجي هنا وأنت غتشوف واش يصبر عليك شي واحد؟". ونقول له:"كلامك فيه بعض الصحة. ولكن هناك اختيارات، وقد ضيعت الوقت، سيدي الرئيس، في صناعة الوهم، فجرب أن تستثمره في صناعة الواقع. وسترى حين تنجح، أنك قدمت خدمة كبيرة للوطن".