بقلم - يونس الخراشي
عندما تتأمل جيدا في "البنيات الفوقية" التي وُضعت رهن إشارة الرياضة المغربية للرقي بها، تُصاب بنكسة كبيرة للغاية. ذلك أن الحديث الذي يقتصر على البنيات التحتية ليس سليما، في غياب مستلزمات، وآليات، ومحركات العمل في أرض الواقع.
فإذا كان صحيحا، مثلا، بأن الدستور المغربي لعام 2011، رفع الرياضة عاليا وهو يضمنها في باب الحريات والحقوق الأساسية (الباب الثاني)، فإن الحكومة، والبرلمان، بمجلسيه، والمجلس الأعلى للتعليم، والمجلس الوطني لحقوق الإنسان، والمجلس الاقتصادي والاجتماعي، والمندوبية السامية للتخطيط، وغيرها من المؤسسات التي تشتغل على تنزيل المقتضيات الدستورية، أو تسهم بشكل من الأشكال، لم تلتفت إلى الشأن الرياضي.
لنعط أمثلة حتى يتضح الأمر جليا.
فالحكومة، مثلا، خصصت موازنة ضعيفة جدا للوزارة الوصية على القطاع؛ وهي وزارة الشباب والرياضة (تضم أربع مديريات؛ الرياضة، والشباب، والمرأة، والطفولة)، فضلا عن أنها لم تناقش أمورها في المجلس الحكومي إلا مرات قليلة، حينما تألق الرجاء في الموندياليتو، وحينما وقعت وقائع سيئة في الملاعب. كما أنها غيرت المسؤول الوزاري ثلاث مرات في ظرف خمس سنوات (محمد أوزين، امحند العنصر، الحسين السكوري)، واحتاج ذلك إلى وقت فاصل كبير، كما لو أن الأمر يتعلق بشأن "تافه".
أما البرلمان، وبخاصة مجلس المستشارين، فلم يضم شخصيات رياضية سبق لها أن مثلت المغرب عالميا، حتى يستفيد من تجاربها، فضلا عن أنه لم يناقش مواضيع الرياضة في ما يتصل بالحياة اليومية، أما المرات التي ناقش فيها بعض القضايا، فكان ذلك على هامش أحداث سيئة، ارتبطت إما بالشغب في الملاعب أو محيطها، أو بنتائج كارثية، وانتهى الأمر كأن لم يبدأ أصلا.
أما المجلس الاقتصادي والاجتماعي، فلم يتضمن في تمثيليته شخصيات رياضية، ولم يسبق له أن وضع الرياضة نصب عينيه، ليوجه عناية الحكومة، بدراسات، ومقترحات، إلى ما يتعين فعله لشق الطريق نحو مجتمع رياضي، متنور، شأنه في ذلك شأن المجلس الأعلى للتعليم، الذي جاءت رؤيته الاستراتيجية لإصلاح التعليم في أفق عام 2030 (من أجل مدرسة الإنصاف والجودة والارتقاء)، غير مهتمة بالشأن الرياضي، مع أن كل النقاشات التي جرت، على مدار السنوات العشر الأخيرة، أقرت بأنه دون نجاح الرياضة المدرسية لن يمكن للمغرب أن ينجح رياضيا.
من إذن يمكنه أن يصلح الرياضة في المغرب؟
للأسف، يبدو أن الذين يحكمون ليسوا منشغلين بهذا الرافد الحضاري الأساسي لتنوير الأجيال، وتثقيفهم، وإبعادهم عن الطرقات المظلمة، مجهولة المصير، وإلا لكانوا، بما هم حكومة، ومجالس، ومؤسسات، وضعوا الشأن نصب أعينهم، وأنهكوه درسا، حتى يخلصوا إلى قوانين، وقوانين تنظيمية، ومراسيم، نافذة، وناجعة.
بكلمات أخرى، حينما تترك الرياضة، بما هي نشاط بدني أساسي لتنوير وتثوير المجتمع، نفسيا، واجتماعيا، واقتصاديا، وثقافيا، وهلم جرا، بين أيدي من لا يفقهون شيئا إلا في الكلام الفارغ، فانتظر النتائج القاصمة للظهر.