بقلم - جمال اسطيفي
ما انتظرناه لأزيد من عشرين سنة، تحقق أخيرا، ونجح المنتخب الوطني لكرة القدم في تحقيق التأهل إلى مونديال روسيا 2018، بل وعاش المغاربة ليلة فرح لا توصف، لقد خرج الملايين إلى الشوارع، غنوا ورقصوا وهتفوا، بينما أطلقت الأمهات زغاريد الفرح.
كان لافتا للانتباه أنه لم تسجل حالات سرقة أو اعتداءات أو تحرشات، لقد انخرط الجميع في حفلة فرح جماعي، واتضح أننا أمة في حاجة إلى فرح دائم، في كل مجالات الحياة، وهو ما لن يتم إلا إذا تأملت الدولة بمختلف تجلياتها في درس منتخب الكرة جيدا.
إن الرياضة قطاع استراتيجي مهم جدا، وهو أحد مؤشرات التنمية، فليست هناك دول عظمى بدون قطاع رياضي حيوي، ويكفي أن نطلع على سبورة ترتيب ميداليات آخر دورة أولمبية والتي جرت بريو دي جانيرو في صيف 2016، لنفهم اللعبة جيدا، فالمراكز الإحدى عشر الأولى عادت لدول عظمى، تتنافس اقتصاديا ورياضيا، وهي على التوالي الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا والصين وروسيا وألمانيا واليابان وفرنسا وكوريا الجنوبية وإيطاليا وأستراليا وهولندا..
في هذه الألعاب كان المغرب قد حل في المركز 78 عالميا بفضل ميدالية برونزية للملاكم محمد الربيعي، وهي رتبة تغني عن أي تعليق.
لذلك، تبدو الحاجة اليوم ملحة أكثر من أي وقت مضى لنستثمر بشكل إيجابي نجاح المنتخب الوطني في تحقيق التأهل إلى المونديال.
والاستثمار الحقيقي، لن يتم إلا برسم استراتيجية رياضية واضحة المعالم، لا تقتصر على كرة القدم فقط، بل تشمل جميع الرياضات وتستهدف القاعدة من خلال الزيادة في عدد الممارسين، والنخبة عبر تكوين أبطال بإمكانهم التنافس على إحراز الميداليات.
لقد عشنا في أكتوبر من سنة 2008 على إيقاع المناظرة الوطنية الثانية للرياضة بالصخيرات، وهي المناظرة التي أعقبتها توصيات هامة جدا، ورسالة ملكية وصفت وقتها بـ"الزلزال".
كان الأمل وقتها كبيرا في أن تكون تلك المناظرة قاعدة صلبة للإصلاح الرياضي، وأن يتم ضخ دماء جديدة، على أن يتم قطف الثمار في الألعاب الأولمبية من خلال حصد أكبر عدد من الميداليات، وأيضا من خلال مشاركات فعالة في البطولات القارية والعالمية.
بقيت التوصيات والرسالة الملكية مجرد حبر على الورق، وعشنا تغييرات كثيرة في وزارة الشباب والرياضة، التي أصبحت حقل تجارب للوزراء الذين اكتفوا بالوعود والشعارات دون أن تكون لأي منهم الجرأة على فتح الملفات الراكدة.
اليوم، نحن في حاجة إلى توصيات تلك المناظرة وإلى تفعيل الاستراتيجية التي جاءت بها، فنحن لا نريد أن نفرح مرة واحدة في كل عشرين سنة، بل نريد فرحا دائما في أغلب الرياضات الفردية والجماعية، ذلك، أنه لدينا مؤهلات بشرية كبيرة جدا ومواهب بلا حدود، تحتاج إلى أن تبلور في إطار استراتيجية يكون محورها هو الرياضي..