بقلم - سعيد بلفقير
ماذا لو كنت لاعب كرة قدم، ماذا لو أنني فوق ذلك ولدت ببلاد الكفار، ماذا لو أنني كنت موهوبا في الصغر يشبهني البعض بميسي ويشبهني البعض الآخر بكرويف؟ وأنا أريد أن أشبه الظلمي أو التيمومي.
ماذا لو تصارع مسؤلو البلدين من أجل ضمي للمنتخب، لأنني موهبة فريدة؟
إن اخترت بلد الأب والجد، هل سيزيد رصيدي من الوطنية شيئا؟ هل سأكون مواطنا من درجة الأشراف والنبلاء؟ هل سأكون خائنا لبلد تعلمت فيه لعب الكرة ووفر لي الكرة والملعب والماء الساخن بعد كل تدريب؟ وفر لي المسكن والمأكل والمشرب وعيشا كريما لم يسلبني إياه حتى بعد اختياري لبلدي الأم؟
هو مجرد اختيار بين أمرين، في كل منهما الحلو والمر، زياش لعب كأس العالم التي لم يلعبها فان دايك أفضل لاعب في أوربا هذا العام. وبالمقابل فان دايك فاز بدوري أبطال أوربا رفقة واحد من أكبر أندية العالم ليفربول، بينما لم يفز زياش بأي لقب رفقة المنتخب واكتفى بألقاب هولندا رفقة أياكس وإن كان واحدا من أكبر المدارس الكروية إلا أنه ليس ليفربول أو بايرن ميونيخ الذي كان وجهة محتملة لابننا حكيم لولا حسرة "الكان" الأخيرة..
لنفتح الآن "لو" أخرى ومعها بابا لشيطان الخيال، ماذا لو كنت لاعب كرة قدم ولد في بلادنا بلاد الإسلام، سأبدأ العشق من أوله، سألعب لصغار النادي الذي أحب، سيراقبني الآخرون، سيتحدثون عني، سيرسمون لي في الوهم طريقا إلى حيث النجوم، سأصدق، سأخبر والدي، سأخبر كل أبناء الحي الفقير، سأخبر أقراني في المدرسة، سأجتهد، سأركض كثيرا، سأركل الكرة كثيرا سأراوغ سأفعل ما يريده المدرب وأكثر، وكلما فعلت ذلك سيبتعد الفريق الأول، سيجلبون لاعبا من جنوب القارة، معه سيربحون أكثر، سيبيعون حلمي لفريق من الهواة، قد أصاب بكسر تتكسر معه أحلامي، وقد أصاب بكره للكرة، فأعود لحضن الوالد كي أسمع من جديد وصاياه القديمة: الدراسة أفضل من الكرة.
إن كنت محظوظا قد أحجز مكانا في الضوء، لكن المنتخب بيد مدرب محترف لا يؤمن إلا بالمحترفين.. لكن بطولتنا احترافية.. أليس كذلك! ليس إلى ذلك الحد.
إذن لماذا نلعب إن كان سور المنتخب عاليا هكذا؟
لذلك لم ألعب الكرة، واخترت أن أكون صحافيا أروي حكايات اللاعبين، ألتقط لهم الصور، أحاورهم، أنتقدهم، أمشي في جنائزهم، بعضهم أصدقائى وبعضهم لا يعرف حتى بوجودي، والأجمل في كل هذا أن الصحافي الحر لا يتقاعد أبدا، والصحافي الحر قد يحب فريقا ويلبس قميصه، لكن قلمه يظل بلون واحد، لون الحقيقة.