وان مان شوو

وان مان شوو ..

المغرب اليوم -

وان مان شوو

بقلم- بدر الدين الإدريسي

لشجاعة التي يتصف بها فوزي لقجع، وأستطيع من معاشرتي له، أن أضع لها بكل تجرد تقاسيم ومحددات، حتى لا أكاد أجد لها صنوا في من يتحملون اليوم مسؤوليات داخل المشهد الكروي الوطني، تلك الشجاعة التي تسقط لغة الخشب وتختار النفس اللوامة للجهر بالحقائق، مهما كانت مؤلمة، هي ما دفعته لأن يستدعي على عجل للقاء تواصلي مع كافة أطياف عائلة كرة القدم الوطنية، ويدخل في مسلسل قاس من جلد الذات قوامه ثلاث ساعات من البوح الحزين.
والشغف بكرة القدم الذي يسكن فوزي لقجع، هو زاده الأول في الممشى الشاق الذي اختاره لنفسه، من يوم أن قرر وهو رجل الأرقام وضابط موازنات الدولة، أن ينزل إلى ملعب كرة القدم بكل تجاذباته ومخاطره ومنعرجاته الوعرة، وهو ما يحرضه على أن يكون بذاك الحماس في تأثيث الحراك الكروي.

وثقافة المسؤولية التي لا يمكن أن يأتي لها ذكر عند لقجع، من دون أن تقترن عنده بالمحاسبة، هي ما يجعل فوزي لقجع صارما مع نفسه كلما تعلق الأمر بإخفاق كروي أيا كان جنسه، ومع وجود هذا الثالوث الفكري (الشجاعة، الشغف والتشبع بأخلاق المسؤولية)، ما كان ممكنا أن ننتظر من رئيس الجامعة وهو يجمع من حوله كل الضالعين في تدبير كرة القدم الوطنية، ليبثهم بكل الصدق والعفوية، لوعاته وحسراته وانكساراته أيضا، وليكون على مسرح المحاسبة الصادمة الممثل الوحيد، أو ما يصطلح عليه في لغة المسرح بالـ «وان مان شوو».

بالقطع لم يحاول فوزي لقجع التحلل من مسؤولية الإخفاق الذي صاحب مشاركة الفريق الوطني في نهائيات كأس إفريقيا للأمم بمصر، ولم يحاول أن يرمي تهمة الفشل على رونار لوحده أو  على اللاعبين دون سواهم، بل نسبها للمنظومة الكروية بكاملها، وتلك المنظومة هي من مسؤولية كل الفرقاء بلا استثناء. صحيح أن الفريق الوطني اجتر في موندياله الإفريقي سوء الحظ، وصحيح أن الفريق الوطني لم يدخل كأس إفريقيا بمعنويات معافاة، نتيجة ما تعرض له من سلخ إعلامي خلال وديتي مراكش أمام غامبيا وزامبيا، وصحيح أيضا أن الفشل هو فشل مقاربة تقنية ورياضية لمرحلة ما بعد مونديال 2018 بروسيا، إلا أن الإخفاق لو ضاق، فما تجاوز هذه الإعتبارات فسنكون كمن يرتكب في حق نفسه جناية أكبر من الإخفاق نفسه.

الفريق الوطني بتركيبته الحالية، وعلى فكرة أنا لا أقلل من الذي أنجزه هيرفي رونار في سنواته الثلاث ونيف، هو تعبير صريح عن الإختلالات الكبرى التي تعيشها كرة القدم وفضح أكبر لنواحى القصور الكثيرة في تدبيرنا للمرفق الكروي.
بالطبع لا ننفي على المشهد الكروي الوطني ما شهده بخاصة منذ مجيء فوزي لقجع على رأس الجامعة، من طفرات نوعية، بنيوية على وجه التحديد، فأي استعراض للتحولات الكبرى التي شهدها ورش بناء الملاعب الكبرى وإعادة تجهيز الملاعب المتوسطة والإستحداث المتواثر للملاعب الصغرى المحجوزة لأندية الهواة، سيدلنا على ضخامة العمل البنيوي، كما أن المركز الوطني لكرة القدم بالشكل الرائع والخيالي الذي أصبح عليه اليوم بتخطيط مسبق من رئيس الجامعة، يشكل تاجا على هامة كرة القدم، إلا أنه إزاء هذا كله، نلاحظ الكثير من التثاؤب والتثاقل المتعمد، في القطع مع النمط البائد في تدبير كرة القدم المستوى العالي والمرور للنظام الإحترافي خضوعا لأحكام قانون التربية البدنية والرياضة الملزمة.

وعندما لا تشكو كرة القدم من هزالة وضعف وهشاشة البنى التحنية، عندما لا تعوزها بنسبة أقل الموارد المالية قياسا بما كان عليه الأمر في سنوات خلت، نصبح أمام حقيقة واحدة تفسر لنا هذا النكوص الكروي، حقيقة أن الكرة الوطنية تفتقد للحكامة الجيدة لتأهيل الثروة البشرية التي تزخر بها بلادنا إدارة وتدريبا، وقد كان لقجع مباشرا في حديثه لرؤساء الأندية وللمدربين الوطنيين، عندما قال أن حلقتين من ست حلقات تشكل منطومة كرة القدم لا تشتغل بشكل جيد، حلقة التدبير الإداري وحلقة التأطير التقني، وما دام أن الحلقتين معا مصابتان بعطل هيكلي، فلا نفعنا المال ولا نفعتنا الملاعب بكل أصنافها.

وإذا كان فوزي لقجع جازما بل ومصرا على أن لا تنطلق بطولة الموسم الكروي القادم، إلا بالأندية التي أحدثت بموجب القانون شركات رياضية، فإن هذا القطع لا يمكن أن يسمح بمسخ الجوهر الفكري والرياضي، الذي يقوم عليه مبدإ إحداث الأندية لشركات رياضية، هناك حاجة إذا لإبداء الصرامة في تنزيل القانون، وفي مراقبة الأندية نفسها وفي حماية هذا المتغير الكبير الذي تقدم عليه كرة القدم، فإذا ما نحن سألنا الفرج من غم جاثم على الصدور، وسعينا إلى القطع مع مترسبات الإستعمال الفاحش لقانون المنخرط، والذي حوله بعض الرؤساء التافهين إلى طوق تربط به أعناق الأندية وترهن على ذمتهم، فإنه لن يكون مسموحا أن نقبل بخروج قانون الشركات الرياضية مائلا من خيمة التغيير، ولي عودة للموضوع.   

 

المصدر :

واس / spa

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

وان مان شوو وان مان شوو



GMT 14:13 2019 السبت ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

نهاية شهر العسل

GMT 11:30 2019 السبت ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

البطولة المنسية

GMT 10:48 2019 السبت ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

جنون الريمونتادا

GMT 18:23 2019 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

يا آسفي علينا !!

GMT 19:54 2019 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

الشيخ كومارا استثناء والبقية في مهب الريح

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 15:03 2014 الخميس ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

فوائد الجوز " عين الجمل " لا يعلمها إلا القليلون

GMT 12:28 2018 الجمعة ,26 تشرين الأول / أكتوبر

الفرسان يتطلعون للفوز بثاني جولات بطولة "هذاب"

GMT 06:07 2017 الإثنين ,18 كانون الأول / ديسمبر

سيت الأفضل لقضاء شهر عسل لتميزها بالمناظر الجذابة

GMT 03:45 2017 الإثنين ,11 كانون الأول / ديسمبر

مديرة الأزياء جين ماكفارلاند تستعرض مجموعة كافالي

GMT 06:22 2017 الأربعاء ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

إسرائيل تصنف المغرب أبرز مُصدّري اليهود منذ استقلال المملكة

GMT 00:00 2014 الجمعة ,12 كانون الأول / ديسمبر

" أوراق بوكافر السرية " جديد الكاتب ميمون أم العيد

GMT 23:10 2017 الثلاثاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

رشيد غفلاوي سعيد بانضمامه إلى فريق الساحل النيجيري

GMT 23:08 2017 السبت ,14 تشرين الأول / أكتوبر

المهاجم فيصل عجب يثبت جدارته مع نادي التضامن

GMT 17:14 2016 الجمعة ,01 إبريل / نيسان

سر إغماض العيون أثناء تبادل القبل على الشفاه

GMT 10:51 2017 الإثنين ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الفنان أمير كرارة يفاجئ المعجبين بإطلالة مختلفة تمامًا

GMT 17:38 2015 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

عبدالفتاح الجريني يحضر لديو غنائي مع العالمي مساري

GMT 03:16 2015 الجمعة ,22 أيار / مايو

شاطئ مرتيل يلفظ أحد ضحايا موسم الاصطياف

GMT 08:17 2017 الأربعاء ,30 آب / أغسطس

إخلاء السفارة الكندية في برلين
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya