بعد آخر مقابلة إعدادية للفريق الوطني أمام زامبيا بمدينة مراكش، وانتهت بهزيمة ثانية، بعد خسارة أولى ضد غامبيا، قال الناخب الوطني الفرنسي هيرفي رونار اللاعبين وفي كلمة مقتضبة تشبه كلمة والوداع: “هذه آخر مقابلة لي بالمغرب”. هناك من اللاعبين من فوجئ، وآخرون تأكدوا من الرحيل، ولكن الحقيقة أن المدرب ارتكب خطأ فادحا كيف يمكن لمدرب الإفصاح عن رغبته في الرحيل والفريق مقبل على المشاركة بتظاهرة قارية مهمة.
المؤكد أن رونار كان في اتصال دائم مع الاتحاد السعودي لكرة القدم، وكان ينتظر الفرصة للإعلان عن الرحيل، لكنه تعامل مع الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، بكثير من الدهاء وإضفاء الضبابية على مصيره.
دخل في انتظار وأدخل معه الجامعة والرأي العام في نوع من الريبة والحيرة وأحيانا التخبط، أمام ضعف سلطة الجامعة فيما يخص اتخاذ قرار حاسم ونهائي أمام سلوك غير مهني تماما لمدرب كان يتمنى مجرد التفاتة من الجانب المغربي.
تتواصل لعبة شد الحبل بين رئيس الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم فوزي لقجع والناخب الوطني هيرفي رونار، والتي وصلت إلى حد مواجهة مفتوحة بين الرجلين، شدت انتباه الرأي العام الوطني، بل وبلغت حدود الضرب تحت الحزام.
تبين من خلال آخر تدوينة أن رونار طغى وتجبر، ولم يعد يأبه لسلطة الجامعة ورئيسها، إذ تجرأ على بداية تدوينته بالقول إنه بطلب منه عقد اجتماعا مع لقجع قدم خلاله جردا لحصيلة المشاركة الأخيرة، قبل أن يتم الحديث عن بعض النقاط المتعلقة بالمستقبل، والتي عبر من خلالها عن وجهة نظره، مضيفا أنه اتفق مع لقجع بعدم الإدلاء بأي تصريح، بشأن الاجتماع المذكور، مع عدم الإخبار بذلك.
هذه الصيغة تغيب عنها كما يظهر، أبسط أبجديات الأخلاق والأدب، فالمفروض على المدرب الذي يبقى مجرد أجير، أن يحترم رئيسه، وهذا مبدأ محترم أساسا في الثقافة الفرنسية أساسا التي ينحدر منها هذا المدرب، فكيف لا يتعامل بها مع المسؤول الأول عن الجامعة ولجنة المنتخبات.
مضمون التدوينة يقول إنه اتفق مع رئيس الجامعة على أن يبقى أمر الأمر طي الكتمان، إلى أن خرج بتدوينة ألغت هذا الاتفاق من طرف واحد، ومباشرة بعد تسريب أخبار تتحدث عن استقالة رونار، أصدرت الجامعة بلاغا مقتضبا تنفي خبر تقديم الاستقالة، وعليه فإن الجامعة التزمت بالاتفاق، مع أنها أصلا ليست مطالبة بإخفاء الأخبار عن الرأي العام الوطني المتابع بدقة لكل التفاصيل والتطورات.
الجامعة واصلت احترامها للمدرب الذي لا يبادلها نفس التعامل ونفس الاحترام، ورونار الذي قدمه لقجع خلال شهر مارس من سنة 2016 ليس هو رونار بعد العودة من كأس الأممالإفريقية 2017 بالغابون وليس هو رونار بعد المشاركة بنهائيات كاس العالم 2018 بروسيا.
ضغط رونار لرفع راتبه من 60 مليون سنتيم، كما أعلن يوم تقديمه للصحافة، إلى 100 مليون سنتيم شهريا، زاد من قيمة الامتيازات الممنوحة لها، والأكثر من ذلك تنصل تدريجيا من شروط العقد، والتي كانت تنص على إشرافه أيضا على المنتخب المحلي، والأولمبي والتنسيق مع الإدارة التقنية الوطنية.
انفرد بكل ما يهم المنتخب الأول، فرض أشخاص معينين داخل الطاقم التقني ليصل العدد إلى أربعة أفراد بمن فيهم معد بدني فرنسي لا يقوم بأي دور محدد ومصور خاص فرنسي أيضا بأجر تفوق 10 ملايين سنتيم لكل واحد منهما، إضافة للاستفادة من مصروف الجيب اليومي خلال المعسكرات التدريبية وطيلة الرحلات سواء الداخلية والخارجية.
حصر اشتغاله مع المنتخب الأول وبتواريخ الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا) فقط، ملغيا كليا من تفكيره ما يسمى باللاعب المحلي، حتى يضع حدا لأية إمكانية لاستمرار حضوره الدائم بالمغرب، والدعوة لمعسكرات تدريبية للاعبي البطولة طيلة الموسم، لا يحضر مقابلات البطولة، ولا يتتبع مشاركات الأندية المغربية على الصعيد الإفريقي، كما تنصل كليا من التزاماته كمسؤول عن المنتخب الأولمبي، والدليل على ذلك رفضه التحاق لاعبي المنتخب الأول الذين يبلغون السن القانوني للعب بالمنتخب الأولمبي قبل مباراة الكونغو.
في السنتين الأخيرتين، أصبح يقيم بصفة دائمة بالسنغال، يسهر هناك على مشاريع تجارية خاصة به وبزوجة المدرب الفرنسي الراحل برونو ميتسو، ويقوم أيضا بالدعاية لهذه المشاريع عبر مختلف وسائل الإعلام الإفريقية، كما يفضل الإقامة بمراكش عوض مقر عمله بالرباط، ما زاد من “عنتريته” بتقربه من بعض الأوساط النافذة، واعتقد أن سلطته تفوق سلطة رئيس الجامعة.
رونار كرس دور وكلاء اللاعبين الذين يحملون الجنسية الفرنسية في تحديد تشكيلة المنتخب، بل فرض عمليا على أي لاعب يريد الاستمرار مع المنتخب التعامل مع وكلاء بعينهم بسبب علاقتهم المباشرة مع رونار، وهذا ما يفسر وجود أسماء دائمة داخل التشكيلة حتى ولو كانت عاطلة طيلة الموسم أو كانت تعاني من الإصابة والأمثلة كثيرة في هذا الشأن، بل إن هناك لاعبين ذهبوا إلى مصر ولم يلعبوا أي مباراة بسبب الإصابة.
عن صحيفة بيان اليوم المغربية