الدار البيضاء ـ محمد خالد
قضي الأمر وتبخرت أحلام المغاربة برؤية النجم الصاعد منير الحدادي المتألق حاليا مع برشلونة يرتدي قميص "أسود الأطلس"، بعد أن أعلن رسميا عن اختياره اللعب لمنتخب إسبانيا، قاطعا الشك باليقين ومنهيا جدلا لم يدم طويلا حول مستقبله الدولي، غير أن السؤال الذي يطرح نفسه هنا هو من يتحمل مسؤولية ضياع موهبة جديدة على الكرة المغربية؟
إن الطريقة التي خسرنا بها الحدادي محبطة و"بليدة"، في الآن ذاته، لأن الفرصة كانت متاحة أمام المسؤولين المغاربة ليكونوا سباقين للقيام بخطوة تجاه اللاعب وعائلته واستغلال صغر سنه لإقناعه بالدفاع عن ألوان بلده الأصلي، لكن للأسف الشديد تكررت الأخطاء التي ارتكبت مع لاعبين آخرين لم ننتبه إليهم في الوقت المناسب، فاختاروا تمثيل البلدان التي نشأوا فيها، علما أن أغلبهم حينما سئلوا عن سبب هذا الاختيار كانت إجابتهم واحدة، " لم نلق الاهتمام اللازم من المسؤولين عن الكرة المغربية".
إن حقيقة اختيار الحدادي الدفاع عن ألوان منتخب " لافوريا روخا" تكمن في سببين رئيسيين حسب اعتقادي المتواضع، هما دهاء ديل بوسكي وتعنت الزاكي، فكل منهما اتبع استراتيجته الخاصة، لكن الأول نجح فيها والثاني فشل فشلا ذريعا كلف الكرة المغربية موهبة نادرة.
رفض مدرب المنتخب المغربي المبادرة باستدعاء الحدادي رغم أن هذا الأخير أكد في تصريحات صحافية انه لا يستبعد فكرة الدفاع عن ألوان " أسود الأطلس"، وبرر الزاكي موقفه بكون اللاعب لازال صغير السن ولا يمكنه أن يتخذ قرارا مصيريا في هذا الشأن، وأشار إلى أنه قرر تأجيل المناداة عليه إلى ما بعد كأس إفريقيا، فما كان من الخبير ديل بوسكي إلا أن استغل هذه الهدية المقدمة من زميله في المهنة على طبق من ذهب، ووجه الدعوة للاعب البارصا مع أول فرصة، فكان رهانه صائبا ومنح الكرة الإسبانية موهبة مميزة ولها مستقبل كبير.
لم يكن الزاكي سيخسر أي شيء لو أنه وجه دعوة للحدادي من أجل الانضمام للمنتخب المغربي، بل على العكس كان سيضع اللاعب وأسرته تحت الضغط، وسيربح خطوة إضافية عن الإسبان الذين كانوا يخططون لـ " خطف" اللاعب مع أول فرصة، لكن تعنت مدرب " الأسود" ومواقفه المتصلبة ورفضه الاستماع إلى نبض الشارع والإعلام المغربيين، عوامل قلبت معطيات اللعبة التي انتهت أطوارها بسرعة لم يكن يتوقعها أحد بحسم لاعب برشلونة موقفه النهائي، حيث بدا ممتنا لديل بوسكي على ثقته في إمكانياته وقدراته رغم صغر سنه.
إن قرار مدرب المنتخب الإسباني الملقب بـ " الثعلب العجوز"، لم يكن اعتباطيا أو عشوائيا، بل كان مقصودا وفي هذا الوقت بالذات، لأنه تجاهل لاعبين لهم خبرة دولية كبيرة كمهاجم فالنسيا نيغريدو ومهاجم يوفنتوس لورينتي، وفضل عليهما الحدادي، ليس لأنه أفضل منهما ولكن ليغلق الطريق امام أي محاولة مستقبلية من المغرب للحصول على خدمات اللاعب، وقد نجح نجاحا مبهرا في استراتيجيته التي أشادت بها الصحافة الإسبانية كثيرا ولقيت إجماعا منقطع النظير حتى من طرف لاعبي المنتخب الإسباني.
ولا يسعنا في الأخير إلا أن نتمنى للحدادي حظا موفقا في تجربته الدولية مع أحد أقوى منتخبات العالم لأنه لم يخطأ في شيء، وإن كنا نأمل في أن نراه يدعم صفوف المنتخب الوطني، لكن هذا بمنطق القلب والعاطفة فقط، أما بمنطق العقل فالأكيد أنه اختار المنتخب الذي سيفتح أمامه أفاقا رحبة، وسيمكنه من خوض أقوى البطولات العالمية.