لا إستقرار دون مساواة

لا إستقرار دون مساواة

المغرب اليوم -

لا إستقرار دون مساواة

لبنى أمحير

غالبا ما تكون الأنظمة المبنية على النوع ثنائية التفرع والهرمية، و قد تعكس النظم الثنائية بين الجنسين عدم المساواة التي تظهر في أبعاد عديدة من الحياة اليومية. تنبع عدم المساواة بين الجنسين من التمييز سواء كانت اجتماعية او نابعة من جذور تقليدية و عرفية.

نعم هناك اختلافات طبيعية بين الجنسين على أساس العوامل البيولوجية والجسدية، وأبرزها اختلاف الأدوار والامكانيات الإنجابية وإن كان هذا لا يعني أن أي رجل معين هو أقوى من أي امرأة معينة، و لن يكون أبدا مبررا لعدم المساواة في الحقوق الاقتصادية والاجتماعية  والسياسية والثقافية. فأبرز التقارير تتحدث عن راهنية التعليم و البطالة ودخل الأسر بالنوع الاجتماعي مما يجعل النساء أكثر عرضة للأمية و الفقر و الهشاشة.

فعلى الرغم من اعتراف مؤسسات مثل البنك الدولي بأن عدم المساواة بين الجنسين تؤثر سلبا على النمو الاقتصادي و أن التمييز السلبي يسبب في إدامة الفقر والهشاشة في المجتمع، لا تزال هناك العديد من الصعوبات في إيجاد استجابة شاملة، تماما مثلما فشل تحقيق الأهداف الإنمائية للألفية للمساواة بين الجنسين.

والأخطر من ذلك هو أن الفجوة بين الجنسين أو عدم المساواة يؤديان حتما الى انعدام الاستقرار في المجتمع و تنمي العنف.

فالنوع والسلام مرتبطان ارتباطا وثيقا، إذ أن السلام أمر حيوي لتعزيز المساواة بين الجنسين، في حين أن عدم المساواة بين الجنسين يمكن أن يقوض مسلسل السلام ويحرك العنف.

وقد أتبثت العديد من الدراسات وجود علاقة قوية بين مستويات النزاع وعدم المساواة بين الجنسين، رغم أن طبيعة هذه العلاقة ليست دائما واضحة. ولكن في أغلب الحالات تتراجع مصالح النساء الإستراتيجية في أوقات النزاع والحروب، التي تعقبها استعادة أدوار غير متكافئة أكثر بين الجنسين بعد ذلك. ففي الكثير من البلدان التي شهدت ثورات و اضطرابات سياسية وأمنية، كان هناك رد فعل عنيف ضد النساء في محاولتهن للمطالبة بحقوقهن.

فالصراع والعنف كانا وحتى الآن أهم العوامل التي تعيق التقدم في الأهداف الإنمائية للألفية. في عام 2008، الثمانية دول الافريقية ذات أعلى معدلات وفيات الأمهات تعاني من حالة نزاع أو خارجة منه. فضلا عن التسبب في الوفاة أو الإصابة والتشرد فالصراع يدمر كذلك البنيات التحتية ويعطل الأسواق والعلاقات الاجتماعية، ويقلل من قدرة و حصانة الدول، ويحول الموارد الحيوية بعيدا عن التنمية.

ان معظم الدول التي توجد في حالة نزاع و عدم الاستقرار وهشاشة تشهد صعوبة في مواجهة و تحقيق الأهداف الإنمائية للألفية للنساء والفتيات بسبب العنف الذي يقلل من فرص حصولهن على الخدمات الصحية والرعاية الاجتماعية والفرص الاقتصادية والمشاركة السياسية.

بيد أن تحديد مدى تأثير عدم المساواة بين الجنسين على النزاعات يظل صعبا، لكن هناك أدلة قوية على أن المعايير بين الجنسين التي تدعم عدم المساواة يمكن أن تدفع إلى الصراع والعنف، خصوصا عندما ترتبط المفاهيم الثقافية للرجولة مع الهيمنة والسيطرة و التسلط. ففي بعض بلدان الساحل مثلا الغارات العنيفة، التي تعمل على إدامة الصراع بين القبائل، تعتبر على أنها طقوس لتمكين و تقوية دور الشباب الذكور. و كذلك نظام مهر العروس،  حيث يتم من خلاله تبادل الماشية بالفتيات والنساء، يجعل دورات العنف و الاختطاف والانتقام أسوأ. ونتيجة لذلك و في حالات كهاته فإن معالجة المعايير بين الجنسين و استعمال مقاربة النوع في السياسات و تحقيق المناصفة و المساواة في الفرص، حاسم لمعالجة أسباب الصراع.

يجب أن تكون الآن و مستقبلا التزامات الدول بشأن المساواة بين الجنسين قوية، في إطار جديد يأخد بعين الاعتبار أهمية السلام واللاعنف في الترويج لها. حتى يتسنى للرجال والنساء الذين يعيشون في البلدان المعرضة للعنف العيش الكريم و الاستقرار و المشاركة المثلى في تحقيق الذات و تنمية المجتمع. فبناء السلام لن يتم إلا بمحاربة أشكال العنف و أشكال التمييز التي تؤثر على النساء فضلا عن الرجال، و كدا تعزيز مشاركة المرأة والفئات المهمشة الأخرى في عملية صنع القرار.

إن معالجة اشكالية المساواة بين الجنسين من خلال برامج الحماية و الوقاية و السلم و الاستقرار ستؤدي بدون شك إلى ترسيخ حقوق الانسان وزيادة النمو. ومن المهم جدا أن تتغلب الدول على الصراع والعنف عبر المساواة. تظهر التجارب الدولية أن عدم إدراج احتياجات و أولويات النوع الاجتماعي للمرأة في اتفاقات السلام سوف يقوض كثيرا من احتمالات السلام المستدام.

لقد أصبح الانفتاح على القيم الكونية للديمقراطية وحقوق الإنسان و إعادة الاعتبار لكل فئات المجتمع ودسترة المساواة الكاملة في الحقوق والواجبات من ركائز بناء المجتمع المتكامل و المتناسق و المنسجم والقادر على التوجه بثقة و سلام نحو المستقبل.  كما أنه صارضروريا على الحكومات ضمان حقوق المرأة في المشاركة العادلة في اتخاذ القرارات بشأن القضايا الوطنية من مفاوضات وبناء السلام وحل النزاعات.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لا إستقرار دون مساواة لا إستقرار دون مساواة



GMT 12:34 2019 الجمعة ,19 تموز / يوليو

يحدث عندنا.. ذوق أم ذائقة

GMT 11:33 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

يَموت حقٌّ لا مقاومَ وراءَه

GMT 17:37 2018 الخميس ,06 كانون الأول / ديسمبر

أخونة الدولة

GMT 13:49 2018 الأحد ,02 كانون الأول / ديسمبر

عدن مدينة الحب والتعايش والسلام

GMT 14:02 2018 الخميس ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

ٰ مواطن يمني يبحث عن وطن بدون حواجز

GMT 09:13 2018 الجمعة ,16 آذار/ مارس

الفرار الى الله هو الحل

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 11:14 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم الإثنين 9 تشرين الثاني / نوفمير لبرج القوس

GMT 15:51 2020 الإثنين ,05 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم الجمعة 30 تشرين الأول / أكتوبر لبرج العذراء

GMT 11:04 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم الإثنين 9 تشرين الثاني / نوفمير لبرج العذراء

GMT 00:58 2020 الثلاثاء ,28 كانون الثاني / يناير

دراسة تحدّد الأطفال الأكثر عرضة لخطر السكري من النوع الثاني

GMT 19:55 2019 السبت ,07 أيلول / سبتمبر

رشيد دلال مساعدا للكيسر في تدريب أولمبيك آسفي

GMT 05:10 2016 السبت ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران تستضيف أعمال الفن العربي الحديث في متاحفها

GMT 07:35 2020 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

غوايدو يدعو الفنزويليين للاحتجاجات ضد مادورو

GMT 17:50 2019 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

وهبي يراسل وزير الصحة بشأن غياب دواء مرضى السرطان
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya