الأخلاق في السياسة

!!الأخلاق في السياسة

المغرب اليوم -

الأخلاق في السياسة

بقلم : حسناء أبوزيد

تبدو العبارة مستحثة ثمينة مغروسة في زمن السياسة البائد وسط واقع الغاب الذي تعيشه الأسرة السياسة، ويبدو الحديث عن الأخلاق عمومًا والأخلاق في السياسية مجرد نزلة نوستالجيا اخترقت شرفات الحلبة المشتعلة التي تأوي مايُفترض أن يكون أسرة سياسية واعية بدورها وأسباب وجودها، ولأن الإحتقان العلائقي الذي يعيشه أفراد الأسرة السياسية المنكوبة يوشك أن يُفجر الفعل السياسي يبدو من المفيد والضروري استدعاء الأخلاق في السياسة لإنقاذها من بين طواحين أفراد أسرتها الذين يتمادون في التنكيل بها، ولعل أقرب الأمثلة التي يمكن أن يسوقها المشهد السياسي الحالي والمتمثلة بالأساس في الحرب المميتة التي تقوم بها الأحزاب أو بعضها في إطار ماتسميه التنافس على المكاشفة والتواصل المبنين على إضعاف المنافس بأدوات مضرة بالبيئة السياسية، تستئصل الرحم السياسية وتشوه أجنتها وتُنضب منابعها وتملأ بأشباه السياسيين دروبها، إذ تابع الرأي العام مثلا كيف تتنابز الهيئات السياسية بالتوصيفات والتصنيفات، وتحتكم إلى شخصنة الخلافات والخوض في ما تصمت عنه جدران البيوت الحزبية وحلوق الإنضباط والغيرة الحزبيين.

وتجد في الخلافات الحزبية الداخلية طبقًا شهيًا تستفتح به مناقشة المعارضة في تصوراتها وبدائلهاومقترحاتها، وتستثمر في أعطاب الزمن والسياق على جسد الهيئات الحزبية العريقة التي نمى مغرب الفكرة الديمقراطية على إيقاع مطالبها وترعرعت الحريات داخل أحلامها وتفتقت عيون صغار سنوات الجمر على جروح شرفائها ، فلنطرح السؤال الآتي لماذا ياترى يلجأ المختلفون إلى دس الملح في جرح أجساد معارضيهم ونشر غسيلهم الداخلي وربط مقترحاتهم بمشاكلهم وبدائلهم بأسمائهم وتوجيه الضربات تحت الحزام الأخلاقي، ولماذا تراهم ينتشون بحشو الساحة العمومية بسم ضرب الهيئات الوطنية والاستثمار الأسود في أعطابها ومشاكلها وصراعاتها، الجواب يكمن في اعتقادي في إغفال الأخلاق في السياسة والمسؤولية اتجاه الأسرة السياسية ومستقبل السياسة في بلد سيعيش على انتقالاته المتعددة والمختلفة وذات القادم المعقد، فإذا كان رئيس حكومة المغاربة حريص على تتبع الدفتر الصحي للأحزاب السياسية فلماذا لا يستحضر في استنكاره لأوضاع الديمقراطية الداخلية داخل أحزاب المعارضة، أوضاعها في الأحزاب المكونة للأغلبية التي لاتسمح مبادىء احترام سيادتها أن نخوض فيها، ولا تجيز الأخلاق السياسية أن ندس أنفنا في مطابخها، ألم يُحركه وازع الغيرة على الديمقراطية وعلى المناضلين الشرفاء أن ينبس بفكرة أو رأي أو تنبيه أو شد أذن، ألى يخشى على جاذبية الحكومة من أحداث ووقائع وشكايات معروضة على الهيئات المختصة في هذا الشأن، ثم ألا تضر هذه الإنتقائية العلنية بمصداقية الرجل أمام مناضليه حين يسكت عن فريقه ويطلق عنان التشكيك والقذف في معارضيه، ثم ألم يتوقف عند واجب التحفظ الذي تفترضه مسؤولية رئاسة الحكومة المغربية وقيادة الأغلبية، أية محدودية هاته التي تمتح منها رئاسة حكومة الأغلبية والمعارضة وكل الشعب والتي تُقزِم مُكْتٓسب ٓمأسسة رئاسة الحكومة وصلاحياتها وموقع رئيسها، وهل يستوعب أهم مسؤول منتخب أن ما يُقدره المشروع الديمقراطي يفترض في رئيس الحكومة ردود فعل أكثر حكمة ونظرة أكثر شمولية ووعيًا عميقًا بطبيعة دوره في حماية السياسة وفي تدبير مسؤولية مزدوجة ومعقدة اتجاه الفعل والمسؤولية السياسيين، هذا بالنسبة إلى رئيس الحكومة، أما بالنسبة للمعارضة فالأمر أخذ يدور في فلك رئيس الحكومة وحزبه بشكل مفرط يكاد ينفرط عن دور المعارضة مؤسساتيًا، ويُضحي حربًا ضروسًا قبلية دموية، إذ لا يمكن اخترال الحكومة في حزبها الأول وغض اليقظة عن باقي مكونات الإحتشام التنفيذي بالنسبة للجزء السياسي منها، كما لا يمكن التغافل عن الطائفة التقنوقراطية التي تحج إلى غير المزارات الحكومية، وتسخر من أفراد الأسرة السياسية ومن أفكارهم ومشاريعهم وأوهام السلطة التي تغريهم بمنحنياتها الدستورية، اليوم يبدو جليًا أن منحنى السياسة في انحدار وأن الجميع منخرط في وأد الحكومات السياسية والمعارضات السياسية ودفع المغاربة دفعًا إلى إرسال السياسة إلى التقاعد والاستغناء عنها وبالتالي بعثرة المسار الطبيعي صوب ديمقراطية حقيقية طبيعية المخاض.

لا يمكن تصور عمل سياسي تغيب عنه الأخلاق والإحترام والترفع، ولا يمكن أن تُنجح السياسة مشروع تخليق المجتمع وهي تسبح في برك السواد والسوء، كما لا يمكن أن تنمو القيم في ربى ملوثة بالقدح والقذف والتسميم والتناور المَرَضي، ولن ينتج الفعل السياسي خارج حقل المصداقية والأخلاق، فالسياسة رغم أنف ممتهنيها أخلاق أولًا وآخيرًا أو لا تكون!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الأخلاق في السياسة الأخلاق في السياسة



GMT 12:34 2019 الجمعة ,19 تموز / يوليو

يحدث عندنا.. ذوق أم ذائقة

GMT 11:33 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

يَموت حقٌّ لا مقاومَ وراءَه

GMT 17:37 2018 الخميس ,06 كانون الأول / ديسمبر

أخونة الدولة

GMT 13:49 2018 الأحد ,02 كانون الأول / ديسمبر

عدن مدينة الحب والتعايش والسلام

GMT 14:02 2018 الخميس ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

ٰ مواطن يمني يبحث عن وطن بدون حواجز

GMT 09:13 2018 الجمعة ,16 آذار/ مارس

الفرار الى الله هو الحل

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 09:34 2018 الجمعة ,05 كانون الثاني / يناير

تنظيم الدورة الثالثة لدوري أنزا لركوب الموج

GMT 08:07 2017 الأربعاء ,16 آب / أغسطس

شبكات التواصل بين السلبي والإيجابي

GMT 14:01 2017 الأربعاء ,23 آب / أغسطس

5 أسرار طبيعية للحصول على رموش جذابة و كثيفة

GMT 03:34 2015 السبت ,19 كانون الأول / ديسمبر

اطلاق أشغال مجمع الفردوس السكني في خريبكة

GMT 23:33 2016 الأحد ,10 كانون الثاني / يناير

تأخير قطع الحبل السري مفيد للمولود

GMT 03:55 2016 الأربعاء ,28 كانون الأول / ديسمبر

"البحث عن الإلهام على انستغرام" أبرز أفكار تنظيم الخزانة

GMT 17:08 2015 الثلاثاء ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

مباي نيانج يرفض فكرة الرحيل عن فريق "ميلان" الإيطالي
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya