ليلى عمراني
بدأ كل شيء في 21 أيلول / سبتمبر 2014، جماعة الحوثيين الشيعيةُ المدعومة من إيران تستغل قرار الحكومة اليمنية رفع الدعم عن المحروقات والمشتقات النفطية لافتعال أحداث شغب، تطورت سريعًا إلى اشتباكات مسلحة، تساندها على "الجبهة" قوات الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح، ضد حزب "التجمع اليمني للإصلاح" والقائد العسكري علي محسن الأحمر.
وتتسارع الأحداث بشكل كبير، تواكبها خروقات حوثية عدة لاتفاقات السلم المبرمة بين الأطراف اليمنية، برعاية الأطراف الدولية، أبرزها الإمارات والسعودية وأميركا وفرنسا، إذ أقدمت جماعة الحوثي على حل البرلمان ودفع "لجنة ثورية" يقودها محمد علي الحوثي لاحتكار القرار السياسي في البلاد.
واقتراب الحوثيون من مدينة عدن الإستراتيجية والتدهور الشديد للوضع الأمني، كانا النقطة التي أفاضت الكأس، بعدما اتخذت دول الخليج المبادرة، بناء على طلب الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، وكونت تحالف "عاصفة الحزم" العسكري، المكون من دول عربية عدة، لشل حركة الحوثيين ومنعهم من تهديد الأمن الخليجي.
- إزالة التهديدات أولًا.
ركزت عمليات التحالف العربي لإعادة الشرعية في اليمن، على ضمان عدم تهديد الأمن القومي لدول الخليج، خصوصًا السعودية، وسعت بالتالي إلى إبقاء الحوثيين بعيدين عن العبث بالأسلحة والمنظومات العسكرية التي استولت عليها، أهمها الصواريخ البالستية وطائرات "ميغ إس إم تي" اليمنية، التي كان ينوي الحوثيون استخدامها لاعتراض هجمات طائرات التحالف.
وحسب بيان نشرته وكالة الأنباء السعودية، فإن ضربات عملية "عاصفة الحزم"، شلَّت أيضًا القدرات الجوية الدفاعية التي سيطرت عليها جماعة الحوثي ومن يقف في صفها، ومنعتها من الحصول على أية أسلحة أخرى، عن طريق بسط السيطرة التامة على الأجواء اليمنية والمياه الإقليمية، وهو ما مهد الطريق نحو تهيئة بيئة آمنة ومناسبة لتمارس السلطة الشرعية مهامها.
- رهان إعادة الشرعية.
أكدت الدول المشاركة في التحالف العربي في اليمن خلال مناسبات عدة، أن العمليات العسكرية في اليمن تهدف فقط إلى ضمان أمن الخليج وإعادة الحكومة الشرعية والمنتخبة إلى سدة الحكم، بعد كبح جماح التنظيمات المسلحة في اليمن، وعلى رأسها ميليشيات الحوثي.
طرْحٌ زكَّاه العميد أحمد عسيري المتحدث باسم التحالف، خلال إحدى تصريحاته الصحافية، حيث اعتبر أن التحالف العربي يهدف بالدرجة الأولى إلى عودة الحكومة اليمنية لمدينة عدن، ثم انتقالها إلى صنعاء إذا أمكن تحقيق ذلك، من خلال محادثات للسلام مع المقاتلين الحوثيين.
هذه التأكيدات لم تمنع البعض من الترويج لإشاعات مفادها بأن الدول الخليجية تسعى إلى تعميق الانقسامات بين الفصائل اليمنية، والدفع نحو انفصال الجنوب اليمني عن شماله، وهو ما ردّت عليه دولة الإمارات بقوة، إذ نفت بشكل قاطع أن يكون تحركها في اليمن مشوبًا بأطماع خاصة، مجددة رفضها القاطع لتقسيم اليمن، كما أوضح نائب رئيس الإمارات رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، أن دولة الإمارات تمثل جزءا من منظومة العمل الخليجي المشترك، وتعمل مع أشقائها جنبًا إلى جنب لحماية أمنها ومكتسباتها ضد كل ما يشكل خطرًا عليها.
- المساعدات الإماراتية للشعب اليمني.
بعدما حققت عملية "عاصفة الحزم" أهدافها المتوخاة وإزالتها للتهديدات الحوثية تجاه الأمن العربي، أعلنت دول التحالف في اليمن بقيادة السعودية عن بدء عملية "إعادة الأمل"، والتي تشمل إعادة فتح الباب لاستكمال العملية السياسية في البلاد، مع استمرار التصدي لميليشيات الحوثي وفسح المجال لدول العالم لإغاثة الشعب اليمني وتقديم المساعدات الإنسانية الضرورية له، بهدف تجاوز آثار الحرب وعودة الحياة الطبيعية إلى اليمن.
وحسب البيانات التي أصدرتها خدمة التتبع المالي للأمم المتحدة، جاءت دولة الإمارات العربية المتحدة على رأس الدول الأكثر تبرعًا لفائدة المواطنين اليمنيين، إذ بلغ إجمالي قيمة المساعدات الإنسانية الإماراتية 498.6 مليون درهم إماراتي، متفوقة على كل من الولايات المتحدة الأميركية، التي جاءت في المرتبة الثانية بـ 273 مليون درهم إماراتي، تليها بريطانيا بـ 169 مليون درهم.
- الأزمة اليمنية إلى أين؟.
أدت الضغوط الدولية والتدهور الكبير للأوضاع في اليمن إلى إجبار أطراف النزاع على قبول الجلوس وجهًا لوجه إلى طاولة المفاوضات في "جنيف"، واستكمال بناء العملية السياسية في اليمن.
وتبدو الحكومة الشرعية حسب مراقبين، الأكثر جدية واستعدادًا للتوصل إلى اتفاق سياسي ينهي الخلاف بين الأطراف المتصارعة، عبر تكوينها فريقًا للمفاوضين وإبداء استعدادها للمغادرة إلى "جنيف" في أي وقت.
وتدخل الحكومة الشرعية هذه المفاوضات بجدول أعمال يرتكز على قرار مجلس الأمن 2216، الذي ينص على عدم اتخاذ قرارات أحادية ووقف أعمال العنف، كما يرتكز على المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، إضافة إلى مخرجات الحوار الوطني الشامل.
نقاط تجد لها صدى في مسودة المبعوث الأممي إسماعيل ولد الشيخ، الذي دعا إلى وقف دائم لإطلاق النار واستعادة سيطرة الحكومة على مؤسسات الدولة ضمن نقاطه الأساسية، كلها مؤشرات تدل على جدية الأطراف الأممية والقوى الغربية والخليجية في إيجاد حل نهائي ومستدام للأزمة اليمنية، لتجنب تكرار السيناريو الليبي والسوري في المنطقة، وحمايتها من التدخلات الخارجية، خصوصًا الإيرانية منها.
إيران خرجت على لسان مساعدها لوزير الخارجية حسين أمير عبد اللهيان، لتصرّح بأن "الحل الوحيد في اليمن هو الحل السياسي، لأنه لن يكون هناك رابح من الناحية العسكرية في اليمن"، تصريحات تتناقض مع ما يحدث فعلًا على الميدان، من دعم إيراني واضح لميليشيات الحوثي الانقلابية، وصل صداه إلى مجلس الشيوخ الأميركي، إذ صرّح المستشار في "الكونغرس" وليد فارس، بأن إيران "تنتهج سياسة إثارة الفوضى في اليمن بهدف بسط سيطرتها، غير أن قوات التحالف العربي نجحت في وضع حد للتغلغل الإيراني في المنطقة".
- التحالف العربي "الدبلوماسي".
يبدو أن الدور الخليجي في الأزمة اليمنية لا يقتصر على التدخل العسكري فقط، بل يتجاوزه أيضًا إلى الجهود الدبلوماسية، حيث ذكر أكثر من مصدر إعلامي، أن أميركا والإمارات توصلتا إلى موقف موحد حول الحرب في اليمن، تمت بلورته خلال اتصال هاتفي جمع بين ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد، والرئيس الأميركي باراك أوباما، حيث اتفق الطرفان على ضرورة وقف العمليات العسكرية في اليمن، موازاة مع الموقف الخليجي الداعم للجهود الأممية لعقد مشاورات في "جنيف"، دون الخروج عن إطار المبادرة الخليجية ومخرجات الحوار الوطني، والقرارات الدولية.