سيف العدالة والجريمة السياسية

سيف العدالة والجريمة السياسية

المغرب اليوم -

سيف العدالة والجريمة السياسية

بقلم: عادل فتحي‏

تعتبر الجريمة السياسية من أقدم الجرائم التي شهدتها البشرية، فقد ارتكب هذا النوع من الجرائم في الماضي ولازال يرتكب في وقتنا الحاضر كما أنه سيرتكب في المستقبل رغم المجهودات المبذولة لمكافحتها والوقاية منها.

فالحديث عن الجرائم السياسية عبارة عن الحديث في نفس الوقت عن السياسة، بمعنى أن أي محاولة لتصنيف جريمة معينة ضمن الجرائم السياسية تعد في حد ذاتها عمل سياسي، وما يزكي هذا الطرح كون جميع الجرائم تعتبر في الأصل جريمة سياسية طالما أن الجريمة بصفة عامة تهدد في العمق كيان الدولة.

فتناول موضوع الجريمة السياسية يكتسي أهمية نظرية وأخرى عملية، فبخصوص الأهمية النظرية تتجلى بالأساس في ندرة الدراسة القانونية التي تطرقت بالبحث وتحليل موضوع الجريمة السياسية، إذ يلاحظ أنه لايحظى بأهمية كبيرة لدى علماء الإجرام وفقهاء العلوم السياسية وغيرهم.، أما أهمية الموضوع العملية فتتجسد من خلال الآثار الوخيمة للجريمة السياسية وانعكاساتها السلبية على سمعة البلد .

إشكالية الجريمة السياسية لاتكمن عادة في صعوبة تعريفها وتحديد مفهومها، بقدر ما يكمن التعقيد في التأويل الذي ستعرفه خلال تصنيفها خاصة وأن التأويل يعد صناعة ويهم بالأساس علاقة الجريمة بالسياسة.

فالتأويلات التي تكون الجريمة السياسية موضوعا لها تكون صائبة في حالة استحضار تاريخ البشرية ومعاناتها وتاريخ الأديان وتاريخ الحروب وبعض الأحداث والصراعات والقضايا من قبيل قضايا العبودية والرقيق والحرب الباردة وسقوط جدار برلين وأحداث الشرق الأوسط والقضية الفلسطينية وأحداث رواندا وقضية أول رئيس أسود البشرة في جنوب إفريقيا وغيرها.

ومن باب تحصيل الحاصل فإن الجرائم السياسية تنقسم إلى نوعين :

- الجرائم السياسية التي ترتكب من طرف أجهزة الدولة .

- الجرائم السياسية التي ترتكب من طرف معارضي أجهزة الدولة .

فبالنسبة النوع الأول، والذي يدعى أيضا الجرائم البيضاء أي الجرائم التي لاتطالها يد العدالة لكونها تقترف من طرف أشخاص نافذين والذين يعمدون بالأساس إلى نهب ثروة البلد للحفاظ على سلطتهم وموقعهم ومكانتهم .

فالمتورطون في هذا النوع من الجرائم يستغلون القوانين الخاصة التي تحكمهم وتيسر لهم الإفلات من العقاب في أغلب الحالات على اعتبار أنهم علاوة على ذلك يحتكرون السلطة فتتحول مهامهم التي تتمثل في تطبيق القانون إلى خرقه تحت تبريرات وهمية وغير وهمية وتأخذ هذه الجرائم عدة أشكال من قبيل اختلاس المال العام والتهرب الضريبي و والتعذيب وتبيض الأموال إلى آخره.

إما بالنسبة إلى النوع الآخر من الجريمة السياسية فيكون الباعث والدافع الأساسي لاقترافها ذات طبيعة سياسية وإديولوجية لدرجة أن مرتكبها يعتبرون أقدامهم على ذلك بمثابة واجب يسعون من ورائه تحقيق التغيير على المستوى السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي حسب نظرهم خلافا لتصورات الحكومة أو السلطة القائمة كما أن هده الجرائم تستهدف ضحايا ذات طبيعة خاصة وترتكب في ظروف وملابسات محددة وتأخذ عدة أشكال من قبيل الإرهاب والمس بأمن الدولة الداخلي والخارجي والتجسس والقتل إلى آخره.

وللإشارة فإن هذا النوع من الجرائم يرتكب من قبل أشخاص عاديين ومن طرف مجموعة من الأشخاص ومن طرف دولة تكن العداء لدولة أخرى.

فمكافحة الجرائم السياسية والوقاية منها يظهر من خلال الإرادة السياسية لبعض الدول التي بادرت إلى المصادقة على المواثيق الدولية التي لها ارتباط بهذا المجال إضافة إلى سن قوانين وطنية تنسجم معها، ونذكر على سبيل المثال :

- قانون تجريم التعذيب

- قانون الدولي الإنساني

- قانون التصريح بالممتلكات

- قانون مكافحة غسل الأموال

- قانون تجريم التدخل والتأثير والضغط على القضاة والقضاء

- قانون الحصول على المعلومة

- قانون التنصت على المكالمة الهاتفية ومراقبة الرسائل الإكترونية

وختاما فإن فهم واستيعاب مدلول الجريمة السياسية يفرض الوقوف على كيفية اشتغال نظام العدالة الجنائية.

وقد صدق من قال "كن واقعيا واطلب المستح

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

سيف العدالة والجريمة السياسية سيف العدالة والجريمة السياسية



GMT 12:34 2019 الجمعة ,19 تموز / يوليو

يحدث عندنا.. ذوق أم ذائقة

GMT 11:33 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

يَموت حقٌّ لا مقاومَ وراءَه

GMT 17:37 2018 الخميس ,06 كانون الأول / ديسمبر

أخونة الدولة

GMT 13:49 2018 الأحد ,02 كانون الأول / ديسمبر

عدن مدينة الحب والتعايش والسلام

GMT 14:02 2018 الخميس ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

ٰ مواطن يمني يبحث عن وطن بدون حواجز

GMT 09:13 2018 الجمعة ,16 آذار/ مارس

الفرار الى الله هو الحل

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 09:34 2018 الجمعة ,05 كانون الثاني / يناير

تنظيم الدورة الثالثة لدوري أنزا لركوب الموج

GMT 08:07 2017 الأربعاء ,16 آب / أغسطس

شبكات التواصل بين السلبي والإيجابي

GMT 14:01 2017 الأربعاء ,23 آب / أغسطس

5 أسرار طبيعية للحصول على رموش جذابة و كثيفة

GMT 03:34 2015 السبت ,19 كانون الأول / ديسمبر

اطلاق أشغال مجمع الفردوس السكني في خريبكة

GMT 23:33 2016 الأحد ,10 كانون الثاني / يناير

تأخير قطع الحبل السري مفيد للمولود

GMT 03:55 2016 الأربعاء ,28 كانون الأول / ديسمبر

"البحث عن الإلهام على انستغرام" أبرز أفكار تنظيم الخزانة

GMT 17:08 2015 الثلاثاء ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

مباي نيانج يرفض فكرة الرحيل عن فريق "ميلان" الإيطالي
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya