خطاب بدلالات قوية فيه رسالة بلغة مغاربة الخارج

خطاب بدلالات قوية فيه رسالة بلغة مغاربة الخارج

المغرب اليوم -

خطاب بدلالات قوية فيه رسالة بلغة مغاربة الخارج

علي زبير

خاطب العاهل المغربي الملك محمد السادس  بمناسبة الذكرى الـ 16 لعيد العرش، الأسرة المغربية الواحدة بمشاعر الاعتزاز، موجها شكره لكل من يقف إلى جانبه في خدمة الوطن، معتبرا أن أي إنجاز لا يتحقق إلا بالتكاثف والتعاضد بين قوى الأمة والفاعلين فيها نحو مغرب الغد الذي يطمح إليه كل المواطنين. فبوحدة متماسكة بينه والشعب المغربي وبرؤية متجددة وواضحة  لمتطلبات المسار السياسي في المغرب، حدد الملك في الخطاب توجهات العهد الديبلوماسي الجديد وكذا القضايا الوطنية التي ينبغي الانكباب الجدي عليها.

فقبل الحديث عن إشاراته القوية، نصره الله، التي خصها لمغاربة الخارج، يحتاج الخطاب الملكي إلى قراءة متأنية حيث كان واضحا أنه كتب بعناية فائقة ليعبر عن التوجهات والمعالم الرئيسية لسياسات الدولة المغربية. من ناحية الشكل فخطاب صاحب الجلالة كان قويا، ويعبر عن ثقة واسعة، أما من ناحية الموضوع فثمة محطات مهمة يجب الوقوف عندها سواء على الصعيد الداخلي أو الخارجي.

الثقة الملكية برزت خلال تطرق الملك لشأن المحلي للبلد، فحديثه عن مخطط عمل مندمج لتمويل مشاريع إجتماعية وخدمات أساسية في مجال الصحة وإصلاح التعليم والبنيات التحتية داخل الجماعات التي تعاني الإهمال، يؤكده اليوم بالدفع بالتطور المنشود للبلد. ذهب حديثه أيضا، بشكل واضح وقوي عن الوحدة الترابية للمملكة، الأمر الذي قال فيه العاهل المغربي الملك محمد السادس " بخصوص قضية وحدثنا الترابية، فقد حددنا في خطابنا بمناسبة ذكرى المسيرة الخضراء بطريقة واضحة وصريحة مبادئ ومرجعيات التعامل مع ملف الصحراء المغربية على الصعيدين الداخلي والدولي." وهو ما يقرأ بسهولة كتوجيه نحو صرامة القبضة الأمنية وهبة الدولة المغربية وسيادة قانونها فوق تراب المملكة من طنجة إلى لكويرة، الأمر الذي تذهب الجهود الأممية بإتجاهه في الأونة الأخيرة لحل النزاع المفتعل في الصحراء المغربية.
بالنسبة للرؤية الاستراتيجية الجديدة للمملكة، جاء العهد الدبلوماسي خلالها بسياسة خارجية قوية قائمة على خدمة المصالح العليا للوطن، تم من خلالها إعادة النظر في أسلوب وتوجهات العمل الدبلوماسي للبلد. أما السياسة الداخلية واضحة ومبنية على خدمة الوطن وتوطيد الشعور بالانتماء إليه ولمكتسباته الاقتصادية والإجتماعية، مشيرا إلى أن الرؤية الملكية جاءت حماسية ونهائية عندما قال "مع الالتزام بالمبادئ الثابتة التي يرتكز عليها المغرب في علاقاته الخارجية المتمثلة في الصرامة والتضامن والمصداقية"، وهي الرسالة الصحيحة التي يحتاج العرب توجيهها إلى العالم.

وأوضح العاهل المغربي الملك محمد السادس العلاقات المغربية الأورو- متوسطية المتعلقة بتطوير الشراكة مع دول الجوار كفرنسا وإسبانيا، وكذلك مع الولايات المتحدة الحليف الاستراتيجي للمملكة وكل من الصين وروسيا من أجل إغناء التعاون معهما. كما أبرز الثقة والمصداقية التي يحظى بها المغرب في المحافل الدولية، باحتضان وطننا للمنتديات الدولية لحقوق الإنسان والهجرة ومحاربة التطرف.
فلسطينيا، جاء حديث العاهل المغربي الملك محمد السادس واضحا حيال موقف المملكة من الاحتلال الإسرائيلي ومؤكدا دعمه وراء الشعب المغربي من إقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية، وبصفته رئيس لجنة القدس سيستمر في توظيف علاقاته وحضوره بالمنابر الدولية لحشد الجهود الدولية لوقف الانتهاكات لحرمة المسجد الأقصى والسياسات الإسرائيلية الأحادية في القدس. وإذا كان هناك من اجتهاد لترجمة ما بين السطور، فإن المغرب ودفاعا عن مصالحه العليا مع شركائه الاستراتيجيين العرب، وربما يكون هذا الموقف أحد الأسباب الرئيسية التي جعلت المغرب يشارك في الغارات الجوية العربية في اليمن، وهو ما يؤكد الدور الوازن المغربي الاستراتيجي في الصراعات الإقليمية  والدولية في سياسته الخارجية.
وفيما يخص رسالة مغاربة الخارج، فالملاحظ للقارئ المتمعن أن العاهل المغربي الملك محمد السادس تناول هموم الجالية عن قرب وكذا ىنشغالاتهم الحقيقية وتطلعاتهم المشروعة من خلال لقاءات ووقفات خلال الزيارات التي قام بها جلالته إلى الخارج، مما يوضح اهتمام ملك البلاد بـ5 ملايين مواطن مغربي في الخارج وقربه منهم، الأمر الذي يثمن ما جاءت به الوثيقة الدستورية 2011 وكذا مقتضيات القرار الملكي لـ 6 تشرين الثاني/نوفمبر 2005، الشيء الذي تتحدث في سياقه نخبة من المتابعين لتدبير ملف الجالية، وخير دليل كون الرؤية الاستراتيجية الملكية للهجرة جاءت، تكريسا للدور الذي بات واضحا داخل العهد المشترك بين الملك والشعب المغربي، مؤكدة لبناء دولة الحق والمؤسسات الديموقراطية.
كما جاء الخطاب ليخبر المغاربة في الخارج عن كونهم جزء لا يتجزأ من المغرب الحديث، وعن كونهم في خير لأن رمز الوحدة ورئيس الدولة أعطاهم دفعة قوية في مساهمتهم في تقدم وتنمية البلد وفي إيجاد حلول نهائية تتعلق بتمثيلهم في الحياة الوطنية للبلد. من هنا تبرز أهمية إشراك الجالية في جميع النقاشات التي تعالج القضايا الخاصة بها داخل جميع مؤسسات الدولة، لأن الجالية مستعدة لتحمل مسؤولياتها الكاملة وأداء الدور الذي يفرضه عليها وضعها الخاص الحالي، وذلك بغية مواكبة التحولات التي يشهدها الحقل السياسي المغربي بقيادة الموجه الأمين العاهل المغربي الملك محمد السادس.
العاهل المغربي الملك محمد السادس أيضا لم يغفل توجيه تعليماته بكل حزم وصرامة مع كل من يحاول التلاعب بمصالح أفراد الجالية أو إستغلال ظروفهم، مما سيحدد مرجعية حداثية للإدارة المغربية تعمل من خلالها على تبسيط القرارات الإدارية الخاصة بالجالية والتخفيف من العقبات البيروقراطية السائدة خصوصا ضمن الوثائق الخاصة لديهم من أحوال شخصية ومدونة الأسرة في بلدان الإقامة، ووثائق المشاريع الاستثمارية المطلوبة بأرض الوطن. وفي هذا الباب الخاص بالخدمات الإدارية المتعلقة بالجالية سبق لمنظمتنا حركة الوسيط للجالية برفع ورقة للوزارة المكلفة بالوظيفة العمومية وإصلاح الإدارة، تتعلق بإدراج أفراد الجالية ضمن قائمة المستفيدين من ورش الإصلاحات الإدارية التي تشتغل الوزارة عليها.

تطرق خطاب الملك إلى نهج مقاربة متجددة وشاملة تخص الهجرة، مقاربة قائمة على الحوار والتشاور والتعاون بين جميع الجهات المعنية بما فيها المهاجرون أنفسهم. فالهجرة، رغم أنها لاتزال قضية حساسة من الناحية السياسية، تعتبر فرصة لتبادل المواهب والخدمات والمهارات والخبرات، لذلك فإن وضع أية سياسة جديدة ترتبط بالهجرة رهين، ليس فقط بفهم واستيعاب تطور الجالية في جميع المجالات، ولكن أيضا بالاتجاه الذي تأخذه مطالبها المشروعة.

وفي الأخير التحية والتقدير الملكي للقوات المسلحة والجهاز الأمني والقوات المساعدة والأمن الوطني والوقاية المدنية، يظهر كذلك الاستعدادات الداخلية لمواجهة أي خطر خارجي يهدد أمن وسلامة الدولة المغربية ومواطنيها، الأمر الذي يبرز من خلال قول الملك "كما نحارب اليوم ضد التطرف". فالمغرب أقوى بكثير مما يعتقده البعض، والاستقرار والأمن اللذان ينعم بهما الشعب المغربي قاطبة يبرهن بثقة تماسك الجبهات الداخلية للمملكة ووحدتها، خصوصا أن جميع المحاولات والأعمال المتطرفة باءت بالفشل، لأن أمننا واستقرارنا المحوري في المنطقة والعالم ليس وليد البارحة، بل هو من صنع أجدادنا وأمجادنا وتقافتنا وهويتنا التي وضعت المغرب في خارطة التميز والإنجاز، ورفعت راية وطننا عاليا بين الدول وفي مختلف الميادين.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

خطاب بدلالات قوية فيه رسالة بلغة مغاربة الخارج خطاب بدلالات قوية فيه رسالة بلغة مغاربة الخارج



GMT 12:34 2019 الجمعة ,19 تموز / يوليو

يحدث عندنا.. ذوق أم ذائقة

GMT 11:33 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

يَموت حقٌّ لا مقاومَ وراءَه

GMT 17:37 2018 الخميس ,06 كانون الأول / ديسمبر

أخونة الدولة

GMT 13:49 2018 الأحد ,02 كانون الأول / ديسمبر

عدن مدينة الحب والتعايش والسلام

GMT 14:02 2018 الخميس ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

ٰ مواطن يمني يبحث عن وطن بدون حواجز

GMT 09:13 2018 الجمعة ,16 آذار/ مارس

الفرار الى الله هو الحل

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 11:14 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم الإثنين 9 تشرين الثاني / نوفمير لبرج القوس

GMT 15:51 2020 الإثنين ,05 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم الجمعة 30 تشرين الأول / أكتوبر لبرج العذراء

GMT 11:04 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم الإثنين 9 تشرين الثاني / نوفمير لبرج العذراء

GMT 00:58 2020 الثلاثاء ,28 كانون الثاني / يناير

دراسة تحدّد الأطفال الأكثر عرضة لخطر السكري من النوع الثاني

GMT 19:55 2019 السبت ,07 أيلول / سبتمبر

رشيد دلال مساعدا للكيسر في تدريب أولمبيك آسفي

GMT 05:10 2016 السبت ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران تستضيف أعمال الفن العربي الحديث في متاحفها

GMT 07:35 2020 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

غوايدو يدعو الفنزويليين للاحتجاجات ضد مادورو

GMT 17:50 2019 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

وهبي يراسل وزير الصحة بشأن غياب دواء مرضى السرطان
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya