بقلم ـ صافي الياسري
للنظام الإيراني تاريخ من المساومات مع الديمقراطيين على صعيد "الكونغرس" والرئاسة الأميركية، بينما يتشدد الجمهوريون في تعاملاتهم معه، وهو ما أرعبه من وصولهم إلى الصدارة في الهيمنة على "الكونغرس"، ما يمكن عده سلما لصعودهم إلى سدة الرئاسة ومركز القرار الأميركي، ومن ثم تعرض إيران إلى مزيد من العقوبات والشد السياسي والمزيد من الصفعات المتوقعة مع الغرب عموما تبعا للموقف الأميركي كالعادة، وهو ما كشفت عنه الصحف الأميركية البارزة، وكتبت صحيفة "واشنطن فري" قائلة: إن النظام الإيراني يتخوف من سيطرة الجمهوريين على الكونغرس الأميركي.
وتابعت "إن قادة النظام الإيراني أعربوا عن تخوفهم من سيطرة الجمهوريين على الكونغرس الأميركي، ويمكن قراءة رسالتهم التي عبر عنها الاعلام الإيراني في هذا السياق، وفحواها أن النظام الإيراني فقد ذراعا مفصليا في أمريكا (أوباما والديمقراطيين) كان يريد إنقاذه من أزمة العقوبات وإعطاءه تنازلات كثيرة في مشروعه النووي، والخسارة الإيرانية تبدو الآن في ظرف تأجج التظاهرات والصدامات وعموميتها أشد".
وأفادت الصحيفة أن سيطرة الجمهوريين على "الكونغرس" الأميركي، أثارت الخوف الشديد في قلوب قادة النظام الإيراني الذين يشعرون الآن أن فترة ركوع ومساومة واشنطن مع نظامهم انتهت مع الصعود الجمهوري.
وبيّنت صحيفة "واشنطن بوست" أنّ "النظام الإيراني سيكون أول من سيشعر بالضربة التي تمخضت عنها التغييرات في الكونغرس الأميركي بعد إجراء الانتخابات الأميركية النصفية".
وردا على سؤال حول الإجراءات التي سيتخذها أعضاء "الكونغرس" ومجلس الشيوخ الأميركي بشأن تغيير السياسة في مجال المفاوضات النووية، كتبت الصحيفة "يمكنهم فرض عقوبات جديدة على النظام الإيراني لفرض انصياعه للاتفاق النهائي بعد تشريع قانون بهذا الخصوص، وافق عليه الرئيس أوباما مجبرا بعد أن اتفق عليه الجمهوريون والديمقراطيون، فضلا على أن الكونغرس الأميركي يمكنه أن يطالب بالمصادقة أو الرفض على الاتفاق النهائي".
وأبرزت أن "المواقف التي اتخذها باراك أوباما تجاه النظام الإيراني، بعيدة عن الحقيقة بشكل غير مناسب وهذا هو شعور الأميركيين."
وأخيرا أكدت الصحيفة أنه "على الكونغرس الأميركي أن يصرح بأن غايتنا النهائية هي تغيير النظام في إيران حيث حكومتها الحالية تجعل العلاقات الودية بين الطرفين مستحيلة" وهذا الطرح الصريح هو الذي يرعب النظام الإيراني.
ونقلت صحيفة "ناشيونال" الإماراتية عن مصادر إعلامية أميركية، الأحد المنصرم عن "ميتش مك كانل" الجمهوري الذي ترأس الأغلبية في مجلس الشيوخ الأميركي، قوله كاشفا عن خطوط سياسة الجمهوريين تجاه إيران إنه "اذا لم يتم التوصل إلى اتفاق ملائم مع النظام الإيراني فلابد من تشديد فرض العقوبات عليه، وكانت لدينا لائحة في مجلس الشيوخ لكن الرئيس الحالي للأغلبية لم يسمح بالتصويت عليها، وهذا واحد من الأمور التي سيصوت عليها المجلس الجديد".
وفي مؤتمر صحافي على نفس السياق وبعبارات حادة وشديدة، وجه خبير سياسي أميركي عمل مسؤولا في إدارة الأمن القومي للبيت الأبيض، انتقادات حادة بسبب سياسة الإدارة الأميركية تجاه النظام الإيراني، مؤكدا انها فشلت في احتوائه مطالبا بالعمل على إسقاطه فورا، وهذه عبارة من أشد العبارات التي قالها مسؤول أميركي تجاه النظام الإيراني على خلفية تفجر الاوضاع في إيران أخيرًا وخلال مؤتمر صحافي عبر "الإنترنت"، قال أستاذ العلوم السياسية الأميركي المسؤول السابق في إدارة الأمن القومي في البيت الابيض، رايموند تانتر، إن إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما تعاني ندما مستفحلا بشأن سياستها في العمل على "تغيير النظام الإيراني من الداخل" من خلال البحث عن المعتدلين في داخل النظام. وأضاف أن أوباما يلعب لعبة تستغرق زمنا طويلا مع إيران على أمل تغيير النظام من الداخل من خلال تصعيد الضغط الشعبي ضده.
وأشار تانتر إلى أن سياسة إدارة أوباما الحالية تجاه إيران غير واقعية، مشددا على ضرورة الانتقال إلى سياسة بديلة لدعم تغيير النظام بصورة فورية، وأن يقود هذا التغيير المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، موضحًا أن هذا المجلس الذي تقوده مريم رجوي قادر على تنفيذ عملية تغيير النظام من الداخل.
ولفت إلى أن النظام الإيراني أصبح نتيجة تصاعد المعارضة الشعبية لممارساته القمعية والخارجية مرغما على أخذ الحذر من الخطر الذي تشكله المقاومة الإيرانية على وجوده.
وعن اوضاع اللاجئين الإيرانيين من اعضاء منظمة "مجاهدي خلق" المعارضة في مخيم الحرية ليبرتي بالقرب من مطار بغداد الدولي، اشار تانتر إلى أن النظام يستخدم القوات العراقية التي تعمل بالوکالة من أجل مهاجمة سکان المخيم البالغ عددهم حوالي ثلاثة آلاف شخص بينهم ألف من النساء والاطفال.
وأضاف تانتر بأن هذه الهجمات على أعضاء أو أنصار ومؤيدي المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية تدل على خوف النظام من قدرة المجلس على إنجاز عمليه تغييره، موضحا بالقول "إنها الإمكانات التي قد تكون في طريقها للتوسع إذا تلقى هذا المجلس المزيد من الاهتمام من الغرب خصوصًا في الكونغرس والمخابرات الأميركية التي ترى في المجلس ورئيسته على أنها شخصية مهمة في إيران و في إمکانها أن تلعب دورا کبيرا في التأثير على الأحداث هناك.
ولفت تانتر الأنظار إلى الاهتمام الذي بدأت المقاومة الإيرانية تحظى به من جانب الشخصيات الغربية وخصوصا الذين يحضرون الاجتماع الصيفي السنوي للمقاومة الإيرانية في باريس، وقال "هناك مئات من البرلمانيين الأوروبيين الذين يحضرون"، وأعرب تانتر عن قناعته بحضور مکثف أکبر لهذه الشخصيات و الحضور في مناسبة هذه السنة المقرر إجراؤها في 13 حزيران/ يونيو.
واشار الخبير السياسي الأميركي إلى شهادة رجوي أمام لجنة الشؤون الخارجية للكونغرس وتأكيدها أن نظام طهران هو عراب تنظيم "داعش" والجماعات المتشددة وأن طهران هي"بؤرة تهديد الأصولية في العالم"، مؤكدا قناعته بأن إدارة أوباما بدأت تدرك هذه الحقيقة جيدا ولکنها اختارت تجاهلها في الوقت الحاضر لاسيما وهي تحاول العمل من أجل التوصل إلى اتفاق نووي نهائي مع النظام الإيراني.
وأشار إلى جهود منظمة مجاهدي خلق في کشف المساعي التي بذلها النظام من أجل إبقاء الجانب العسکري من برنامجه النووي بعيدا عن الانظار وخصوصا کشفها لموقع سري يدعى "لافيزان3" في شباط/ فبراير المنصرم. وطالب رايموند تانتر بتظافر الجهود وتوحدها وتنسيقها و دفعها في اتجاه واحد للوقوف في وجه ماوصفها بالتوجهات العدوانية للنظام في طهران، مشددا على أن ذلك من شأنه أن يعجل بعملية التغيير المرتقبة في إيران.