خواطر صباحية حول الورود والشموع

خواطر صباحية حول الورود والشموع

المغرب اليوم -

خواطر صباحية حول الورود والشموع

بقلم : عبد الحق الريكي

هذه الرسالة موجهة لكم، يا شباب وشابات الريف والحسيمة، حَيْثُ الاحتجاجات السلمية والحضارية مُستمرة مُنذ استشهاد محسن فكري، وكما قُلت مرارًا، لسنا هُنا بصدد إعطائكم الدروس والتوجيهات والقرارات، لكوني من جهة بعيدًا عن واقعكم المعيشي اليومي ومعاناتكم، ومن جهة أخرى لأني من جيل تحدث عنه الحكيم التونسي سنة 2010 حين صدع صوته في السماء: "هرمنا في هذه اللحظة التاريخية". اسمحوا دخولي عرسكم النضالي بدون دعوة، فالمحبة أنطقتني والمحبة لله ستبقى الرابط بيني وبينكم.
 
 هذا لا يمنعني من تقديم خواطر أن نَفَعت فذاك وإن كانت خارج السياق فيكون لي أجر الاجتهاد ولكم أجر نسيانها. عليكم أن تعرفوا، وأنا على يقين أنكم تعرفون ذلك، ولا بأس من التذكير، أن كل شيء في الحياة له بداية ونهاية... إذن مطلوب إدخال نهاية الحراك يومًا ما في الحسابات. وأتمنى أن تكون النهاية مفيدة للجميع. ليس المهم الانتصار وهو مرغوب لكن الأهم هو أداء الأمانة والواجب على أحسن ما يرام.
 
 أنتم انتصرتم ورفعتم عاليًا رؤوس المغاربة الأحرار. يبقى عليكم اليوم التفكير بهدوء عن المخارج الممكنة للحراك، وهذه مسؤوليتكم ومسؤولية الجماهير التي تساندكم. أنصتوا للآخرين ولكن أنصتوا لساكنة الحسيمة، درعكم الواقي، قبل كل شيء. الكلمة الفصل لكم ولكم وحدكم. أنتم من سيحدد مسار الحراك واتجاهه. وفقكم الله لما فيه خيركم وخير الوطن.
 
 النقطة الأخرى، وأنتم تعرفونها أيضًا، هي أنه بعد نجاح أي معركة يخرج الجميع ليتغنى بها ويتبناها ويحاول استغلالها. فلا بأس في ذلك، نحن تربينا أن نكون مع الفائزين. أمَّا يوم تخفت الاحتجاجات، لا قدر الله، فالكثيرين سيخرجون لنقدكم والقول أنكم لم تسمعوا لهم ولم تأخذوا بآرائهم ووو... هذه سنة الحياة... أما نحن فسنكون معكم سواء نجحتم أم أخفقتم. فلا بأس من استحضار هنا مقولة المجاهد محمد بن عبدالكريم الخطابي: "ليس هناك نجاح أو فشل، انتصار أو هزيمة، بل شيء اسمه الواجب".
 
 نقطة أخرى، عليكم الوعي أن الوضع لن يستمر على هذا الحال أسبوعًا بعد أسبوع. هناك الفتور الإنساني الطبيعي وهناك اليأس أن بقي الحراك يراوح مكانه. وهناك إمكانية النسف من الداخل، وإمكانية خلق صراعات جانبية،  وتغيير السلطة من طريقة تعاطيها مع الحراك السلمي. وهناك وهناك وأنتم أدرى بهذا منَّا، لذا مطروحٌ عليكم التفكير أيضًا بهدوء في هذا الأمر، واتخاذ اللازم من القرارات بالتشاور مع السكان والشباب والشابات.
 
 نقطة أخرى، وأنتم تعرفونها أيضًا. أية معركة لا يمكن لها أن تذهب بعيدًا إن لم تستطيع الانفتاح على الآخرين والإنصات لهم وفتح قنوات الحوار معهم. أتحدث عن الأهل بالريف وبكل المغرب، لأن معركتكم معركة الجميع. من ثم عليكم وأنتم أدرى بواقعكم أن تطرحوا ملفكمالمطلبي على كل القوى الوطنية الصادقة والفاعلة بالساحة من أحزاب ونقابات وجمعيات ومؤسسات. يمكن أن يكون هنالك خوف من احتواء المطالب والنضال، هذا ممكن جدا. لكن قوتكم اليوم وغدًا تتجلى في ارتباطكم بالساكنة وتلاحمكم معها. والمهم والأهم أن تصبح مطالبكم قضية رأي عام وطني. أما قضية الشهيد محسن فكري فأصبحت بفضلكم وبفضل كل المغاربة قضية رأي عام دولي.
 
 نقطة أخرى.. مهما قُلتم وفَعلتُم ستجدون دائما أناسًا لانتقادكم. فَلْتكُن عزيمتكم دائما الأقوى ولِتُغربلوا أنتم الصالح من الطالح، استمعوا جيدا لكل الآراء وقرروا حسب ما ترونه صالحًا لكم. لا تعيروا اهتمامًا لمن يُريد فرض وصايته عليكم من أشخاص وتيارات. أنتم أبناء الحراك، وُلدتم معه ولكم من الإمكانيات للذهاب به إلى النهاية والدليل هونجاحاتكم الأخيرة.
 
التاريخ يخلق الرجال ويصنع منهم القادة. ولكن لا بأس من الإنصات للآخرين وإشراكهم في النقاش والقرارات.
 
 نقطة أخرى، كلنا ونحن كثر، لنا من الأفكار لكيف ومتى وأين وربما وحين إلخ... لكن المطلوب من الجميع دعمكم المبدئي لسبب بسيط كون الحراك ملكٌ لكم أنتم، ناصر الزفزافي وباقي أعضاءاللجنة وخاصة السكان والشباب والشابات. نحن مطلوبٌ منا دعمكم وتوجيه لكم آراء وأفكار وليس دروس وتوجيهات انطلاقا من ذواتنا وقناعتنا ومطامحنا.
 
 أعانكم الله ونورطريقكم ووفقكم. وكما قلت سابقًا، أعطيتمونا درسًا وثقة ورفعتم رؤوسنا عاليا وبينتم أن الشباب والشابات في الحسيمة والريف والمغرب "رجعوا ثاني للجد يا عم حمزة"، وأنه لا خوف على وطن فيه خيرة الشباب والشابات المؤمنين بعدالة قضيتهم والمدافعين عنها بالغالي والنفيس.
 
 إن انتصرتم فالنصر لكم وللوطن وإن تعثرتم فلن نؤاخذكم لأنكم انتصرتم يوم  قررتم رفع رؤوسكم ورؤوسنا عاليًا لجعل من قضية الشهيد محسن فكري، قضية الوطن العادلة.
 
 أما أنا فكلما أتيحت لي زيارة أجدير مكان ازديادي، وإمزورن بلدة أولادي والحسيمة التي احتضنتني حتى نهاية الستينيات من القرن الماضي، فحين مروري بالشوارع والأزقة فسيبتسم قلبي لكل واحد منكم..

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

خواطر صباحية حول الورود والشموع خواطر صباحية حول الورود والشموع



GMT 12:34 2019 الجمعة ,19 تموز / يوليو

يحدث عندنا.. ذوق أم ذائقة

GMT 11:33 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

يَموت حقٌّ لا مقاومَ وراءَه

GMT 17:37 2018 الخميس ,06 كانون الأول / ديسمبر

أخونة الدولة

GMT 13:49 2018 الأحد ,02 كانون الأول / ديسمبر

عدن مدينة الحب والتعايش والسلام

GMT 14:02 2018 الخميس ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

ٰ مواطن يمني يبحث عن وطن بدون حواجز

GMT 09:13 2018 الجمعة ,16 آذار/ مارس

الفرار الى الله هو الحل

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 11:14 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم الإثنين 9 تشرين الثاني / نوفمير لبرج القوس

GMT 15:51 2020 الإثنين ,05 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم الجمعة 30 تشرين الأول / أكتوبر لبرج العذراء

GMT 11:04 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم الإثنين 9 تشرين الثاني / نوفمير لبرج العذراء

GMT 00:58 2020 الثلاثاء ,28 كانون الثاني / يناير

دراسة تحدّد الأطفال الأكثر عرضة لخطر السكري من النوع الثاني

GMT 19:55 2019 السبت ,07 أيلول / سبتمبر

رشيد دلال مساعدا للكيسر في تدريب أولمبيك آسفي

GMT 05:10 2016 السبت ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران تستضيف أعمال الفن العربي الحديث في متاحفها

GMT 07:35 2020 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

غوايدو يدعو الفنزويليين للاحتجاجات ضد مادورو

GMT 17:50 2019 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

وهبي يراسل وزير الصحة بشأن غياب دواء مرضى السرطان
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya