اللاجئون الفلسطينيون وعجز المفوضية العليا

اللاجئون الفلسطينيون وعجز المفوضية العليا

المغرب اليوم -

اللاجئون الفلسطينيون وعجز المفوضية العليا

حسن العاصي

فوَّضت الجمعية العامة للأمم المتحدة بين عامي 1948 و 1949 وكالتين منفصلتين من وكالات المنظمة الدولية من أجل توفير الحماية وتقديم المساعدة للاجئين الفلسطينيين بما في ذلك تنفيذ القرار 194. وتشكل هذا النظام من لجنة الأمم المتحدة للتوفيق حول فلسطين , ووكالة الأمم المتحدة لاغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين .
ويتميز الفلسطينيون أيضًا بعلاقة خاصة مع وكالة ثالثة هي مفوضية الامم المتحدة العليا لشؤون اللاجئين التي كانت قد مُنحت تفويضا مؤقتا من قبل الجمعية العامة من أجل توفير الحماية الدولية والسعي الى تحقيق حلول دائمة وشاملة للاجئين في مختلف ارجاء العالم .
وبالرغم من انهيار الحماية الدولية التي وفرتها لجنة الامم المتحدة للتوفيق حول فلسطين في اواسط الخمسينيات، فإن اي مفوضية او وكالة اخرى من وكالات الامم المتحدة لم تعمل من اجل ملء هذا الفراغ الحاصل. ويعود الامر الى عوامل متعددة تتعلق بالحالات القانونية , والقيود السياسة والاقتصادية والتي حالت دون القيام بعمل مؤسساتي فاعل وقادر على ملء الفراغ لتوفير الحماية للاجئين الفلسطينيين او معالجته على اقل تقدير, وتتسم الحماية التي توفرها الامم المتحدة حاليا بالمحدودية في الكم والكيف .
لقد ادى انهيار الحماية التي قدمتها لجنة الامم المتحدة للتوفيق حول فلسطين , والتدخل المحدود من قبل مفوضية الامم المتحدة العليا لشؤون اللاجئين لتوفير الحماية , وعدم وجود تفويض صريح لوكالة الامم المتحدة لاغاثة وتشغيل اللاجئين لتوفير الحماية ,ادى الى فجوات واسعة النطاق في نظام حماية اللاجئين الفلسطينيين .

ولا تمتلك اية وكالة دولية معترف بها اليوم تفويضًا صريحًا للعمل بشكل منهجي لتطبيق حقوق الانسان الاانسانية للاجئين الفلسطينيين والبحث عن حلول عادلة وشاملة ودائمة لقضيتهم بموجب مواثيق القانون الدولي وخاصة القرار رقم 194 .

ماذا يعني ذلك ؟

هذا يعني ان مجمل مجتمع اللاجئين الفلسطينيين والذي يزيد على ثمانية ملايين لاجىء , كانوا يشكلون حوالي ثلث مجمل عدد اللاجئين في العالم قبل الأزمات السياسية الأخيرة التي عصفت بمنطقة الشرق الأوسط , وهذا المجتمع من اللاجئين الفلسطينيين  يفتقر الى اية امكانية منهجية تمكنه من تلقي الحماية الدولية المستحقة , خاصة وان فجوات الحماية تبدو جلية اليوم في كافة مناطق الشتات وفي الوقت الذي تبدو فيه الحماية الدولية ملحة جدا , فان توفرها يرتبط بتفاوت القيود التعسفية المفروضة على حقوقهم الاساسية، بما في ذلك حق التنقل والحركة , وحق تلقي الخدمات الصحية , وحق التعلم , وحق الحياة الكريمة , وحقوق العمل اضافة الى حقهم الاساسي في التوصل الى حل دائم وشامل وعادل لقضيتهم .
وما يزيد من مأساوية هذا الامر هو وعي الامم المتحدة لهذا الامر والتي كانت قد عبرت مرارًا عن قلقها تجاه استمرار هذه الفجوات. وكانت الجمعية العامة على سبيل المثال لا الحصر قد تبنت قرارا رقم120/37 عام 1982 دعت خلاله الى اتخاذ اجراءات فاعلة لضمان سلامة وامن اللاجئين الفلسطينيين في المناطق المحتلة . وقد جرى تاكيد هذا القرار دوريًا منذ العام 1993 . وبالرغم من ذلك لم يتمَّ تقديم اية معالجة لهذه الفجوات التي تشكل عقبة في طريق احقاق حقوق الانسان والحريات الاساسية للاجئين الفلسطينيين في مناطق شتاتهم الحالية .
إن هذا الامر يتطلب اعادة تقييم قانوني وسريع، وعلاجًا مؤسساتيًا مناسبًا وناجعًا بحيث يمكن ان تشكل مفوضية الامم المتحدة العليا لشؤون اللاجئين عنوانًا فوريا لملء الثغرات في الحماية الدولية للاجئين الفلسطينيين، الا ان هناك ثلاث قضايا في نظري تحتاج الى حل , وهي توضيح التفويضات الممنوحة للوكالات المعنية، بما في ذلك القرار رقم 194، وتجميع الخبرات الميدانية للمفوضية العليا، والاستفادة منها لادارة ومعالجة المشكلات والعقبات المختلفة في قضية اللاجئين الفلسطينيين .
ولا تملك المفوضية العليا حاليا وكما اسلفنا , اي تفويض صريح لتوفير الحماية ,والسعي الى توفير الحل العادل والشامل والدائم للفلسطينيين. وفي حين تظل الاعتبارات الفنية هي الاقل اشكالية، تبرز القضايا المتعلقة بالصلاحيات المشتركة بين وكالات الامم المتحدة وتوضيح القيود التي يفرضها القرار 194 على تفويض موسع للمفوضية العليا , اي المعايير الخاصة باسقاط حالة اللجوء والقيود عى اعادة التوطين  تظل الاكثر اشكالية . كما يتوجب على المفوضية العليا والوكالات الاخرى انشاء آلية تنسيق مشتركة او سكرتاريا خاصة لتبادل الوثائق والمعلومات والبيانات والتقارير فيما يتعلق بسياسات وعمليات كل منها .
وتساعد مثل هذه الآلية في تحديد الثغرات المحددة في نظام الحماية الدولية العام للاجئين الفلسطينيين . وتبقى الخبرة العملية للمفوضية العليا في مجال القضية الفلسطينية هي خبرة محدودة , اذ لاتوفر هذه الوكالة اليوم سوى خدمات لجزء محدود من اللاجئين الفلسطينيين , وتدل المؤشرات الخاصة بفعاليات المفوضية وادائها في قضايا لجوء اخرى الى اداء منخفض حين يتعلق الامر بقضية اللاجئين الفلسطينيين مقارنة بتجارب اخرى , من حيث تجنيد الاطر المعنية , والحضور الميداني القوي , والقدرة على تجنيد الموارد المالية , واقامة علاقات عمل راسخة مع المنظمات الاهلية المحلية .
اخيرا ، يجب ايلاء اهتمام شديد للمناخ السياسي العام الذي تعمل مفوضية الامم المتحدة العليا لشؤون اللاجئين من خلاله , ففي حين ان التفويض والخبرة العملية هما من القضايا الفنية التي يمكن معالجتها بشكل مباشر نسبيا , فان اي تفويض صريح ودقيق من الممكن ان ينحرف بفعل تأثير سياسي معاكس , وبفعل الضغوطات الاميركية والغربية , خاصة في ضوء خصوصية القضية الفلسطينية . وماهي التداعيات المحتملة لتدخل مفوضية الامم المتحدة العليا في ضوء استمرار معارضة اسرائيل لعملها ومباركة الولايات المتحدة الاميركية وهي الدولة المانحة الاكبر بالنسبة للمفوضية , للتوصل الى حلول دائمة وعادلة وشاملة للاجئين الفلسطينيين كما ينص عليه القرار 194 الصدر عن الامم المتحدة , والقانون الدولي , حق العودة وحق استعادة الممتلكات ؟ وهل يمكن ان يكون تدخل المفوضية فعالا خاصة في ضوء عدم توفر دعم كافٍ من جانب الدول العربية ؟ وهل يولد تدخل المفوضية ضغوطا سياسية تؤدي الى انهاء وحل وتقويض وكالة الغوث الدولية ؟
أسئلة برسم المحتمع الدولي وهيئاته السياسية والقانونية إن كان مازال في هذا العالم ميزان للعدالة

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

اللاجئون الفلسطينيون وعجز المفوضية العليا اللاجئون الفلسطينيون وعجز المفوضية العليا



GMT 14:59 2017 الجمعة ,17 آذار/ مارس

عشر دقائق قاتلة

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 18:57 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

حظك اليوم الأربعاء 2 كانون الأول / ديسمبر لبرج الثور

GMT 14:07 2016 الجمعة ,16 أيلول / سبتمبر

الأبنوس

GMT 15:05 2019 الثلاثاء ,11 حزيران / يونيو

نيمار يبلغ سان جيرمان برغبته في الرحيل هذا الصيف

GMT 14:42 2018 الأربعاء ,19 كانون الأول / ديسمبر

السالمية الكويتي يبدأ مشواره العربي بلقاء الشبيبة الجزائري

GMT 15:23 2018 الإثنين ,15 كانون الثاني / يناير

سنوات يفصلها رقم

GMT 11:24 2019 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

الملك محمد السادس يرسل برقية تعزية إلى الرئيس الكاميروني

GMT 13:45 2019 الثلاثاء ,04 حزيران / يونيو

أول صالون تجميل يستقبل المحجبات في نيويورك

GMT 23:50 2019 الأحد ,02 حزيران / يونيو

باتريس كارتيرون يُراقِب العائدين من الإعارة

GMT 00:14 2019 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

السعودية تنفذ حكم القتل تعزيرًا في حق صدام حسين
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya