الحدث التركي المُدَبلج 2

الحدث التركي المُدَبلج 2

المغرب اليوم -

الحدث التركي المُدَبلج 2

بقلم- عبد المنَّان الميزي

دأبَتْ بعض وسائل الإعلام وكذلك بعض الأقلام على تمجيد أردوغان كفاعل رئيسي في فشل الانقلاب وجعلت منه أسطورة العصر؛ والواقع يقول غير ذلك؛ فالشعب التركي العاقل أراد لنفسه ذلك وليس من أجل أردوغان والدليل أن الشعب برمَّته حتى المعارضين له - وأقصد من عامة الشعب - وقفوا صفًّا واحدًا لحماية الوطن وحفظًا للحياة وليس حفاظًا على أردوغان وحاشيته، ويعلم الجميع أن هناك فئة أو أحزابا معارضة لأردوغان وكانوا جميعًا في صف واحد واتفقوا على منطق واحد وهو ( الوطن )، ورضي الشعب به لأنه الأنسب في الوقت الحاضر ولعدم وجود البديل الثقة؛ فكان الأمر هو الحفاظ على النظام الحالي رغم سلبياته وأكبرها التطبيع مع إسرائيل، واستطاع أردوغان إلهاء شعبه عن هذا التطبيع بإشغاله بالحادث ثم بدأ سيناريو التصفية وتفعيل الشعب على قبول قراراته . حقيقة لا ينكر فضل هذا الرجل ( أردوغان ) إلا جاحد بما قدمه لتركيا ولشعب تركيا في فترة وجيزة خصوصا اقتصاديًّا وقفزه بتركيا إلى مصاف أغنى الدول عالميًّا وحقق لتركيا ثقلا سياسيًّا, وتركيا تمثل عضدًا قويًّا مساند للسياسة المتزنة التي تنتهجها السعودية، وأيضًا
حليفًا قويًّا وإن كان ظاهريًّا.
 
 فالتهويل الإعلامي حول أردوغان وسرد منجزاته التي حققها لبلاده جعل منه أسطورة عصره، وأعتقد أن هذا التهويل الذي تعدى حدود المبالغة فهو إما ممول أو أن هناك تغييب عقلي عن حقائق أخرى؛ فهناك من أنجز الكثير لبلاده وشعبه الذي يزيد تعداده عن تعداد تركيا سكانيًّا , وبوجود ديانات متعددة وأحزاب مختلفة , ولأن أولئك الشرفاء من الحكام ليس لهم طموحات إقليمية أو أهداف خارج نطاق بلدانهم لم ينالوا قسطًا وافرًا من الدعاية والإعلام، وقد تكون هذه الحملة ممولة أو أنها تلقائية تفاعلية مع الحدث مع بعض التمريرات.
 
الشيء الغريب في الأمر أن البعض رشح أردوغان ليكون الخليفة القادم للمسلمين , بالنسبة لي الأمر مضحك بعض الشيء وشر البلية ما يضحك .. ولكن لا أدري على أي الأسس بُنيَت أحلامهم فهل من يقر ويجيز زواج المثليين ويسجل اسمه صديقًا لإسرائيل بالتطبيع وتوثيق عقود مع أكبر أعداء الإسلام وأخطرهم (إيران ) ويحكم علمانيًّا ديار الأغلبية المسلمة، ويسمح ببيع الخمور، ويصرح للحانات والمراقص - يستحق أن يكون خليفة المسلمين؟! سؤال أطرحه لكل لبيب.
 
النقطة الثالثة في الموضوع .. هو اعتقاد شخصي ولا أجزم بعلم أو معرفة ولكن هو اجتهاد تخمينا مني ولا أستند لمصدر , فقط هو اعتقاد قد أصيب فيه أو أُخطئ .. وكما يعلم الجميع أن السياسة التركية ترتكز على إعادة الإمبراطورية العثمانية في المنطقة أو الحكم العثماني في المنطقة حسب النسخة الأخيرة للدولة العثمانية , وفرض سيطرة سياسية وسيادية واقتصادية والهيمنة دينيًّا , وقد استمعت إلى بعض التحليلات السياسية تصب في هذا المعنى من خبراء , ولا أستبعد أنه من خلال الحبكة التي كتبها أردوغان في قصة الانقلاب - إن كانت صحيحة - لجس نبض الشارع التركي حول تأييده أو رفضه فقد نجح بامتياز الشعب التركي في ظن أردوغان ومن هنا تبدأ الرواية والدلائل كأنها تشير إلى تخطيطه - أي أردوغان - لفرض السيطرة على المنطقة وإعادة العهد العثماني الأخير، وبين قوسين العهد التركي في المنطقة , وذلك بالتوافق مع إيران وتوقيعه اتفاقات تجاريًّة وسياسيًّة عدة رغم الأزمات الحاصلة في المنطقة بسببها، وأخيرًا بالتطبيع مع إسرائيل رغم معرفته الخلاف الأزلي معها، ومعروفٌ لدى أردوغان بالمخطط الإيراني والحلم الإسرائيلي في المنطقة وتوافقه وتطبيعه دليل على رغبته في اقتسام الكعكة؛ وما كان ذلك إلا تدبيرًا احتياطيًّا لضمان المشاركة معهم في الكعكة وانطلى على الشعب التركي والشعوب الإسلامية المتعاطفة معه أنه الخليفة القادم لهذه الأمة .
 
حقًّا هو أمر مضحك ولكن هو التغرير الإعلامي المُحكم الذي استطاع أردوغان من خلال إعلامه تمريره بكل سهولة في رزمة المشاكل التي تمر بها الأمة، وهناك الكثير من التقارير تثبت منهج السياسة التركية في المنطقة.
 
وستثبت الأحوال المقبلة بعد أن ينتهي أردوغان من حملات التصفية التي يشنها على منافسيه لتنظيف الساحة من أي منافسة على ترشحه الرئاسي، وهو الآن يقضي على جزء كبير من معارضيه ويرتكب فيهم أفظع الجرائم تحت مظلة شعبية بعد نجاحه في تحويل فكرهم إليه من خلال سيناريو الانقلاب.
 
 
وأجزم أنه إذا ما تم استقرار أردوغان على الرئاسة سيكون هناك تحوُّل كبير في السياسة الخارجية لتركيا وستكون أكثر وضوحًا .
 
وأنا شخصيًّا غير متفائل حسب المجريات السابقة.
 
  وقبل أن أنهي هذا الجزء من مقالتي بتلخيص أن أردوغان يسعى لإعادة النسخة الأخيرة من السيطرة العثمانية على المنطقة، والتوافق مع إيران والتطبيع مع إسرائيل ما هو إلا مقدمة للدخول في مخطط التقسيم والدلائل كثيرة ومتوفرة على الشبكة العنكبوتية بالإمكان لمن أراد الرجوع إليها.  هنا فقط أود أن أوجه رسالة للجميع مضمونها عدم التسرع والاندفاع نحو الأبواق والمزامير والتريث إلى حين انتهاء المشهد "الفنتازي" والمأساوي المقبل، فقط انتظروا النهاية لنحكم. 
 

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الحدث التركي المُدَبلج 2 الحدث التركي المُدَبلج 2



GMT 12:34 2019 الجمعة ,19 تموز / يوليو

يحدث عندنا.. ذوق أم ذائقة

GMT 11:33 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

يَموت حقٌّ لا مقاومَ وراءَه

GMT 17:37 2018 الخميس ,06 كانون الأول / ديسمبر

أخونة الدولة

GMT 13:49 2018 الأحد ,02 كانون الأول / ديسمبر

عدن مدينة الحب والتعايش والسلام

GMT 14:02 2018 الخميس ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

ٰ مواطن يمني يبحث عن وطن بدون حواجز

GMT 09:13 2018 الجمعة ,16 آذار/ مارس

الفرار الى الله هو الحل

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 09:34 2018 الجمعة ,05 كانون الثاني / يناير

تنظيم الدورة الثالثة لدوري أنزا لركوب الموج

GMT 08:07 2017 الأربعاء ,16 آب / أغسطس

شبكات التواصل بين السلبي والإيجابي

GMT 14:01 2017 الأربعاء ,23 آب / أغسطس

5 أسرار طبيعية للحصول على رموش جذابة و كثيفة

GMT 03:34 2015 السبت ,19 كانون الأول / ديسمبر

اطلاق أشغال مجمع الفردوس السكني في خريبكة

GMT 23:33 2016 الأحد ,10 كانون الثاني / يناير

تأخير قطع الحبل السري مفيد للمولود

GMT 03:55 2016 الأربعاء ,28 كانون الأول / ديسمبر

"البحث عن الإلهام على انستغرام" أبرز أفكار تنظيم الخزانة

GMT 17:08 2015 الثلاثاء ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

مباي نيانج يرفض فكرة الرحيل عن فريق "ميلان" الإيطالي
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya