بقلم - عبد الله الجباري
أقدمت وزارة الداخلية المغربية على إجراءات تمنع من خلالها بيع البرقع، في أفق منع ارتدائه، بعد هذا القرار قامت قيامة السلفيين من وهابية المغرب، ورأيي في الموضوع ألخصه في الآتي: "أنا مع منع البرقع الأسود الأفغاني الخليجي، ولئن كان مقبولا في البيئات الباكستانية الخليجية الأفغانية اليمنية لاعتبارات تاريخية وثقافية، فهو ليس ابن بيئتنا، وهو لباس طائفي بامتياز، مع أنه فاقد للحس الجمالي، تخرج به المرأة وكأنها في تابوت أسود، ويستبطن إهانة للمرأة المغربية، حيث تصبح كالغراب.
البرقع بالطريقة التي ترتديه بها الحريم السلفي في المغرب، لا علاقة له بتاريخ المغرب أو الأندلس، حيث الحضارة والجمال، على عكس اللباس المستورد حاليا، أقصد البرقع الأسود، فهو لباس لا يمت إلى الحضارة والجمال، بل يعكس قيم البداوة، ونحن لا نريد بمجتمعنا الرجوع القهقرى.
فجأة، تحدث السلفيون عن الحريات، واكتشفوا هذه النغمة، وزعيمهم بالأمس القريب يتحدث عن تعليم الليبيين لدروس في علم النحر، فهل يتناغم الحديث عن الحريات مع علم النحر؟ وهل الكلام عن الحريات يعد قناعة راسخة، أم أنه بروباغندا للاستهلاك، ومن الناحية الشرعية، تغطية الوجه ليس واجبا، وليس مندوبا، بل هو مباح، والتمسك بالمباح وخوض معركة من أجله هو جهاد في غير عدو. وخروج المرأة عارية الوجه لا شيء فيه من الناحية الشرعية، وليس حراما، وليس مكروها إلا عند فقهاء البدو الذين يحرمون قيادة المرأة للسيارة، ويقولون بعدم كروية الأرض.
من زاوية الحريات، لا يحق لأحد أن يتدخل في لباس الآخر، ولا أن يتحكم بما يحد حرياته الشخصية، لكن، إذا كانت تلك الحريات تمس الهوية العامة للبلد، بإدخال طائفية مقيتة، نحن في غنى عنها، فالواجب الحذر، والمنع يُستساغ سدا للذريعة، وقد يقول قائل : إذا اقتنعت المرأة بتغطية وجهها وستره، فلماذا نفرض عليها تعريته؟ وهذا ليس لازما، فمن أرادت تغطية وجهها فلها ذلك، وندافع عنها، دون أن تدخل لباسا طائفيا لا يمت إلى الجمال بصلة، ولها أن ترتدي الجلباب والقب المغربي مصحوبا باللثام/النقاب. أو الحايك المغربي مصحوبا باللثام. وكلاهما ساتران، ولهما من الجمال حظ ونصيب، حيث كان اللثام عند المغربيات مطروزا، وأبيض في تطوان وفاس وغيرهما(أفضل من الأسود المقزز).
وفي الصويرة وأغادير والمناطق السوسية لهن لباس ساتر مخالف للثام الفاسي والتطواني، كما يحق للمرأة المغربية أن ترتدي الملحفة الدراعية في الصحراء مصحوبة بخمارها، وكل هذه الأنواع غير ممنوعة. فهيا أيتها السلفيات، فلتُعْلِنّ الرجوع إلى سلفكن المغربيات، أليس الرجوع إلى الأصل سلفية أيضا؟ أم أن السلفية لا تكتمل إلا باستيراد أفكارها ولباسها من تورا بورا ونجد؟.