وتبقى علمانية الإسلام هي الحل

وتبقى علمانية الإسلام هي الحل!

المغرب اليوم -

وتبقى علمانية الإسلام هي الحل

بقلم - صلاح النادي

ننظر دائمًا إلى الدول الأوروبية المتقدمة بشيء من الانبهار بسبب ماوصلوا إليه من تطور كبير في كل المجالات، دون أن نبحث جديًا عن السر الحقيقي الذي أوصلهم إلى هذا التقدم الهائل في كل الأصعدة، والسر الحقيقي يكمن في الفصل بين السياسة والدين في طريقة الحكم، فبعدما كانت تُسيطر على تلك الدول قديمًا ظلمات العصور الوسطى، بسبب التحكم الصارخ لرجال الدين في السياسة والذي أثبت فشله فيما بعد، حيث زادت مستويات الجهل، وتفشّت الأمراض، وتوطنت الأوبئة بين المواطنين حيث كان يُحرّم رجال الدين على المرضى الحصول على الدواء من أجل الشفاء، على اعتبار أن المرض من عند الله ولا يجب عليهم أن يطلبوا العلاج، وتوجد أمثلة عديدة من هذا القبيل الذي يطول سرده، الأمر الذي جعلهم يحتكمون إلى العلمانية كبديل للمعاناة التي كانوا يعانونها جراء تزايد سطوة رجال الدين في الحكم.

ورغم ماتعرضت له تلك الدول في العصور الوسطى من تدهور على جميع المستويات والأصعدة، إلا أنه مع الاحتكام إلى العلمانية تم الحفاظ على حقوق المتدينين في ممارسة شعائرهم العقائدية بحرية وسلام، وذلك شريطة عدم استخدام الدين في أغراض أو مطامع سياسية واهية، فالمواطنون في الدول العلمانية متساوون في الحقوق والوجبات، الأمر الذي جعلهم يتقبّلون سُنّة الاختلاف بين بعضهم البعض، مما أثرى مبدأ التعايش في نفوسهم.

فالعلمانية ليست لإقصاء الدين عن الحياة العامة كما يزعم بعض الأصوليين، لأنها ببساطة لا تتعارض مع الأديان والمعتقدات السليمة للشعوب، فهي تجمع كل الفئات باختلاف أديانهم وأصولهم، وتضع الدين في موضعه ومكانه المقدس الصحيح المخول للعبادة، بعيدًا عن الاستغلال السياسي العقيم للدين، وذلك للحفاظ على المعتقدات الدينية من العبث بها في مستنقع السياسة، لأن الدين يتصف بالنقاء، على عكس السياسة التي تبحث دائمًا عن المصلحة دون التقيد بأي شيء أخلاقي، وهذا لا يعني أيضًا أن يتم ترك الدين بالكلية ويتم فصله عن النظام القانوني للدولة، فأنا لا أعني ذلك أبدًا، لأن العلمانية تُتيح للمواطنين المتدينين أن يتم تطبيق الأمور التي تتعلق بأحوالهم الشخصية داخل معتقدهم الديني كالميراث والزواج وغيره من الأمور الدينية الأخرى التي تمس صُلب العقيدة.

فعلى من يُنادي بتطبيق الشريعة في السياسة، عليه أن يعي جيدًا، أنه بذلك يضر بالشريعة ضررًا كبيرًا، لأنه في حالة حدوث أي خطأ ممن يطبق الشريعة سيُصبح الدين في محط الخطأ، والدليل على ذلك تنظيم "داعش" الإرهابي الذي ساهم بشكل كبير في تشويه الإسلام، لأنه كان يدعي كذبًا أنه يحكم باسم الدين، الأمر الذي جعل العالم الغربي يتشكك أكثر في الإسلام، ورغم أننا كمسلمين نعلم يقينًا أن الإسلام بريء من ممارسات "داعش" الإرهابية، إلا أننا لم نستطع حتى الآن إيصال الصورة الحقيقة للإسلام الذي يدعو إلى احترام الأخر، بسبب نجاح المتطرفين مع الأسف في إظهار صورة غير حقيقة للإسلام على أنه دين دموي وانتقامي، الأمر الذي يجعلني أكاد أجزم أنه توجد مؤامرة حقيقية على الإسلام لتشويهه، وتعتمد تلك المؤامرة على زيادة نبرة التعصب والتطرف لدى قلة من المسلمين المرضى، وإحياء أفكار أحادية بعيدة كل البعد عن الإنسانية وإلصاقها بالإسلام.

لذا يتوجب على العقلاء من دعاة تطبيق الشريعة أن يسعوا إلى عدم إقحام الدين في السياسة وليس العكس، حفاظًا على الشريعة التي يطالبون بتطبيقها، فرسول الإسلام الكريم قال للمسلمين في حديث شريف "أنتم أعلم بشؤون دنياكم"، وهذا الحديث يؤكد للجميع أن دولة الإسلام الأولى لم تكن دينية أبدًا، بل كانت "علمانية" بالمفهوم العصري الشامل لطريقة حكم الدولة في الوقت الراهن، لأنها فرقت بين الأمور التي تتعلق بشؤون الحياة العامة وشؤون العقيدة التي يعتنقها الناس، ولهذا نجحت الدولة في احتواء الاختلاف الذي كان سائدًا في عصر صدر الإسلام، حيث كانت دولة الرسول الأولى مكونة من المسلمين والكفار واليهود والمسيحيين، ومع ذلك تعايشوا مع بعضهم البعض رغم اختلاف عقائدهم، في جو يسوده العدل، فتعقلوا يرحمكم الله !   

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

وتبقى علمانية الإسلام هي الحل وتبقى علمانية الإسلام هي الحل



GMT 09:13 2018 الجمعة ,16 آذار/ مارس

الفرار الى الله هو الحل

GMT 15:28 2018 الإثنين ,15 كانون الثاني / يناير

‏عام يمر بكل ما فيه وكثير من الأحلام مُعلقة

GMT 15:02 2018 الإثنين ,15 كانون الثاني / يناير

الوحدة الوطنية التي نريدها

GMT 07:50 2018 السبت ,13 كانون الثاني / يناير

نحو اتفاق عالمي جديد حول الهجرة

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 15:55 2020 الإثنين ,05 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم الجمعة 30 تشرين الأول / أكتوبر لبرج الميزان

GMT 04:16 2019 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

زكي يوجه رسالة قوية إلى مسؤولي الدفاع الحسني الجديدي

GMT 14:34 2018 الثلاثاء ,02 تشرين الأول / أكتوبر

"بريزنتيشن" تؤكد أن مُبررات "صلة" في شأن فسخ تعاقدها غير الصحة

GMT 08:32 2018 الإثنين ,02 إبريل / نيسان

"الأساور العريضة" تصلح لمختلف مناسبات صيف 2018

GMT 11:37 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

ياسمين جمال ترتدي فستان الزفاف للمرة الثانية بعد الطلاق

GMT 01:48 2016 السبت ,08 تشرين الأول / أكتوبر

علاج الشيب نهائياً وبألوان مختلفة

GMT 17:48 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

تمارين تساعدك في بناء العضلات وخسارة الوزن تعرف عليها

GMT 04:16 2019 الإثنين ,30 كانون الأول / ديسمبر

المغرب يشهد نهضة غير مسبوقة في مجال التنقيب عن النفط

GMT 06:33 2019 الخميس ,24 تشرين الأول / أكتوبر

تعرف على الفوائد المذهلة لثمرة الرمان على الصحة

GMT 17:22 2019 الثلاثاء ,24 أيلول / سبتمبر

احصلى على أسنان ناصعة البياض فى المنزل

GMT 13:30 2019 السبت ,21 أيلول / سبتمبر

عربية السيدات تعتمد جوائز خاصة للفرق الرياضية

GMT 23:33 2018 الأحد ,21 تشرين الأول / أكتوبر

موعد الكشف عن "بوجاتي تشيرون سوبر سبورت" الجديدة
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya