بقلم الأستاذ شريف الغيام
أعتقد أنه في ظل تكريس نفس الوضع الرامي لزعزعة ثقة القضاة بل ومحاولة الضرب بقوة في مبدأ وحدة اللحمة القضائية بالتطبيل لوجود تمثيل جمعوي للقضاة داخل المجلس الأعلى للقضاء وحرمان قضاة آخرين من داخل جمعيات مهنية أخرى من تمثيل قضائي محايد، يدفع للمطالبة و بحق بضرورة حضور ممثل عن كل جمعية مهنية لإشعال المجلس الأعلى للقضاء انتصارا لمبدأ تكافؤ الفرص وتحقيقا لمفهوم ثقة القاضي بل وضمانة حقيقية لمبدأ استقلال السلطة القضائية و تجنّب الكثير من العواقب التي تجعل من اللون الجمعوي رهين بالمستقبل المهني لأي قاضي.
لم تكن هذه المطالبة وليدة فلسفة حقوقية بل هي الآن بمثابة حاجة قضائية لن نستكين في المطالبة في تنزيلها بالقوانين التنظيمية أو القانون الداخلي للمجلس الأعلى للسلطة القضائية الجديدة أمام وجود أساليب جديدة من الضغط اتخذت شكل أقلام أو خطابات تحاول أن تضع الجسم القضائي الواحد في مفترق الطرق.
فإذا كان درب الإصلاح الحقيقي شاق وطويل وهو الأمر الذي لا جدال فيه فإن الإسهام فيه كذلك بنفس المشقة و طول الأمد لذلك نعتبر أننا وكجمعية مهنية مواطنة لن تدخر أي جهد في المطالبة بشفافية أعمال المجلس الأعلى للقضاء و جودة أدائه باعتباره نبراس و منطلق أساسيا في إصلاح منظومة العدالة ككل وأن أي مطالبة اسهامية في تكريس النجاعة القضائية هدف ووسيلة في نفس الوقت.
هدف للرقي بالعدالة في المغرب ووسيلة لجعل القضاء في خدمة المواطن لا غير كما نادى بذلك الملك محمد السادس لعنايته برسالة القضاء و العدالة ، مما يجعلنا أمام محك غير قابل للتراجع في باب الدفع برقي رسالة العدالة و محاولة الإسهام فيه لأن الانتماء الجمعوي لم ولن يكن امتيازا في ظل النتائج الأخيرة لانتخابات المجلس الأعلى للقضاء بل إن الصفة القضائية هي محل الخطاب و الممارسة وما دام لا وجود لأي مانع قانوني أو دستوري يحفظ كرامة و استقلال كل قاضي يجعل من مطلب حضور ممثلين للجمعيات المهنية للقضاة لأعمال المجلس مطلبا مشروعا وحقًا عادلًا ولا ضير في ذلك في تحديد الإجراءات الواجب اتباعها كيفما كانت.
فإذا كان من المقبول قانونا حضور هيئات مدنية وحقوقية ضمن تشكيلة المجلس الأعلى للسلطة القضائية كضمان لجعل القضاء شأنا مجتمعيا وهو الأمر الذي تم تكريسه بمقتضى القانون فلا مبرر لإقصائه كشأن مهني وبالتالي فإن المرجع بين الأمرين سيكون قمة الإبداع التوازني بين حق المجتمع و الواجب المهني.